خالد بن حمد المالك
الاستقبال المبهر لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الولايات المتحدة الأمريكية، سيظل تاريخاً حاضراً بتفاصيله، ومعطياته مع كل زيارة يقوم بها رئيس دولة لواشنطن، ولن يمحوها الزمن، ولن تؤثر على وهجها وأهميتها وقيمتها أحداث وتطورات قد تستجد، لأن ما كان من استثناءات في الكيفية التي استقبل بها سموه في البيت الأبيض لم يحدث مثلها من قبل ولن يحدث في المستقبل، ما جعل العالم يتابع المشهد بانبهار.
* *
فقد حرّك هذا الاستقبال النوعي والتاريخي وغير المسبوق العالم لمتابعته، والتعليق عليه، وقراءة تفاصيله بكثير من الاهتمام، وتحليله دون فصله أو عزله عن علاقة امتدت على مدى أكثر من تسعين عاماً بين المملكة وأمريكا، وشهدت خلالها هذه الثنائية في العلاقات الدبلوماسية ما شهدته من انسجام وتفاهم وشراكات، في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والعسكرية والسياسية، مع احتفاظها بالاحترام المتبادل.
* *
في الزيارة الثالثة من زيارات ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان لأمريكا، ظهرت واشنطن بكل مؤسساتها، وكأنها تنتظر في شوق وتطلع مع حدث مثير يتمثل في قدوم هذا القائد الشاب، الذي سبقت أعماله وإنجازاته أقواله، داخلياً، وإقليمياً، ودولياً، وتأثيره في الساحات الاقتصادية والسياسية والأمنية على مستوى العالم، فرأت واشنطن أن تكرمه، بما لم يسبق أن كُرم غيره من قادة العالم، في إشارة إلى احترامه، وتثمين جهوده، وأنه لا غنى عن دوره في إحلال السلام، وخدمة العالم.
* *
صف من الخيول، ومقاتلات من نوع (F35)، وموسيقى، كانت كلها ضمن مشاهد الاستقبال الفخم للأمير محمد لدى وصوله إلى البيت الأبيض، وتصف (CNN) المشهد بالقول اصطف في الحديقة الجنوبية وفود من كلا البلدين على سجادة برتقالية، ووقف حرس الشرف فيما كان الزعيمان يتصافحان، وأمسك ترمب بكتف الأمير قبل أن يبتسما لالتقاط الصورة التذكارية، وعلى إيقاع الأبواق التي دوت، دخل محمد وترمب الرواق الجنوبي، وبدأت المباحثات.
* *
وفي خطة تؤكد على أهمية العلاقات الاستراتيجية بين المملكة وأمريكا، فقد سارع الرئيس الأمريكي إلى الإعلان عن تصنيف المملكة رسمياً كحليف رئيس خارج حلف شمال الأطلسي، بما يمنح المملكة أعلى درجة في التعاون العسكري والأمني مع الولايات المتحدة الأمريكية، وزاد على ذلك بأن أمريكا سوف تبيع للمملكة الطائرات المقاتلة من نوع (F35) المتطورة، وكثير من المعدات العسكرية التي تلبي احتياجات الرياض، وتنسجم مع التزام أمريكا بالأمن المشترك بين بلدينا.
* *
وتناقلت وسائل الإعلام في مشهد آخر وتفاصيل أخرى نوع الاستقبال المهيب لولي العهد، مشيرة إلى أنه كان استقبالاً تم بمراسم استثنائية، فقد انتظر الرئيس الأمريكي ولي العهد عند البوابة الجنوبية، خلافاً لما هو معتاد من أن يكون الاستقبال للقادة من البوابة الشمالية، بينما اعتلى حرس الشرف الخيول، رافعين علمي الدولتين المملكة وأمريكا.
* *
صورة الاستقبال هذه، وما جرى في حفلي الغداء والعشاء في البيت الأبيض، والأجواء التي صاحبتهما، ولاحقاً ما تم في المنتدى الأمريكي السعودي للاستثمار، ثم الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، ونشاط القطاع الخاص في الدولتين للاستثمار المتبادل، كلها كانت ومضات مشرقة لعلاقات أمريكية سعودية إستراتيجية، شكلت الوجه المستقبلي، الجميل للثنائي الأمريكي السعودي.
* *
وهذه الزيارة التاريخية، بنتائجها، وتفاصيلها، وأحداثها، وردود الفعل عنها، ستبقى خالدة، ويتكرر الاستشهاد بها، مع كل من يزور البيت الأبيض من قادة العالم، ولن يتغير الانطباع عنها، بأنها الأكثر تميزاً، وأنها حالة استثنائية بين كل الزيارات واللقاءات بالبيت الأبيض.

