بدأت ملامح مواقف الأحزاب المغربية تظهر من المشاركة في حكومة حزب العدالة والتنمية (ذات المرجعية الإسلامية) الثانية، والبلاغات التي تصدر وان لم تكون حاسمة في الرفض او الايجاب، فانها تعطي مؤشرات عن مكونات هذه الحكومة.
المؤكد ان الحكومة التي كلف العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم الاثنين الماضي عبد الاله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بتشكيلها، لن تضم غريمه حزب الأصالة والمعاصرة (الثاني في البرلمان 102 مقعد)، وكشف نبيل الشيخي عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أنه بعد تداول الأمانة العامة للحزب العدالة والتنمية، في موضوع التحالفات لتشكيل الحكومة المقبلة، تقرر تفويض الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران في موضوع التحالفات لمباشرة الاتصالات اللازمة مع جميع الأحزاب السياسية، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة.
واوضح أنه وقع فرز حقيقي بدأ يلمسه المواطن المغربي، بين مشروع يريد مواصلة الإصلاح وفق منهجية ديمقراطية، وقوى أخرى تريد أن ترجع بالمغرب إلى الوراء، وتريد لتجربة الانتقال الديمقراطي أن تنتكس، وان مجموعة من الممارسات التي تم التوسل بها خلال الحملة الانتخابية والتي لا تمت للمنطق الديمقراطي بصلة والذي يجعل تحالف العدالة والتنمية، مع الأصالة والمعاصرة غير ممكن.
ومن الأحزاب المرشحة للمشاركة في الحكومة حزب الاستقلال (46 مقعداً) الذي عقدت لجنته التنفيذية مساء الثلاثاء، اجتماعاً لتقييم الظروف والسياقات التي مرت فيها الانتخابات التشريعية ليوم 7 تشرين الاول/ أكتوبر، والنتائج التي تم الإعلان عنها من طرف وزارة الداخلية.
وقال بلاغ للجنة إنه «بعد نقاش مستفيض وعميق خلصت اللجنة التنفيذية إلى إشادة حزب الاستقلال بحرص الملك محمد السادس على المنهجية الديمقراطية في تعيين رئيس الحكومة»، وهنأت حزب العدالة والتنمية على تصدره للنتائج، كما هنأت «كل الأحزاب الوطنية الديمقراطية التي قادت حملة نظيفة ونزيهة».
وقالت ان «الحزب مدرك للتغييرات الجوهرية والبنيوية التي أضحت تعرفها الانتخابات في البلاد، مما يتحتم أخذه بعين الاعتبار مستقبلاً، وذلك في إطار نوع من النقد الذاتي وان حزب الاستقلال يعتبر أن الاستقرار هو مجهود جماعي تؤطره الحكمة التي يجب أن تظل أكبر من الخلافات السياسية التي يمكن تدبيرها بصورة طبيعية في نظام ديمقراطي، وهذا النظام لا يمكن أن يكون صلباً ومتيناً سوى بالاعتراف المتبادل بين أبناء وبنات الوطن الواحد، مهما اختلفت مرجعياتهم واختياراتهم».
وحتى الآن لم يصدر حزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي سابقا 12 مقعداً) موقفاً الا انه من المؤكد مشاركته وهو التزام بين قيادة الحزب وقيادة حزب العدالة والتنمية، معاً بالمعارضة ومعاً بالحكومة، وشارك الحزب في حكومتي بن كيران الاولى والثانية بـ5 حقائب وكان وفياً لتحالفه مما دفعه ثمناً باهظاً لكنه حافظ على مكانته السياسية والاخلاقية بالحياة السياسية المغربية والحركة الشعبية (31 مقعداً) لم تعلن موقفاً ايضاً لكنه بعد ترتيب امورها ذاهبة نحو المشاركة، وبهذه المكومات يضمن حزب العدالة والتنمية اغلبيته (214 مقعداً فيما يحتاج الى 198 مقعداً من 395).
لكن هناك من المقربين من عبد الاله بن كيران من يذهب في اتجاه اغلبية مريحة ويقترحون الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (20 مقعداً) لكن هذا الحزب لا زال يناقش المشاركة من عدمها، واخرون يقترحون التجمع الوطني للاحرار (37 مقعداً) خاصة بعد تأكد استقالة رئيسه صلاح الدين مزوار الذي ضبب علاقة الحزب مع بن كيران من خلاله تقاربه مع حزب الاصالة والمعاصرة في محطات مختلفة حتى وهو مشارك بالحكومة.
واعلن الاتحاد الدستوري (14 مقعداً) الدخول في تقارب مع التجمع الوطني للأحرار «إيماناً بما يجمع الحزبين من انسجام في التوجهات وتكامل في الأهداف والتطلعات، مما يستوجب النظر في إمكانية تجسيد هذا التقارب عبر تشكيل فريق مشترك على صعيد مجلس النواب في أفق تحالف مستقبلي بين الحزبين. وسجل الحزب في بلاغ له امس الاربعاء ”نجاح المغرب في تكريس الطابع العادي للمسلسل الانتخابي، والتطبيع معه في ظل دولة المؤسسات”، ودعا إلى ضرورة البحث عن الوسائل التي من شأنها أن تجعل التصويت واجبا يكتسي طابع الإجبارية بالنسبة لكل مواطن”، واعادة النظر في بعض الآليات الانتخابية ومن ضمنها نمط الاقتراع الحالي باعتبار كونه أظهر محدوديته وعدم نجاعته في الرفع من مستوى المشاركة الانتخابية”.
بن كيران بدأ مشاوراته اول امس الثلاثاء لكن الصمت لا زال مهيمناً وهو صمت طبيعي لان مشارواته الأولية لجس النبض وتقديم عرض اولي، وبعد ان يكون ملامح قريبة لحكومته القادمة، يبدأ التفاوض الصعب مع مكوناته حول عدد الحقائب الحكومية لكل حزب وطبيعتها، ويساعد على اقتراب وضوح هذه الملامح انتخابات رئاسة مجلس النواب وهيئاته.
وعلى صعيد الانتخابات التي جرت يوم الجمعة 7 تشرين الاول/ اكتوبر الجاري أفادت معطيات صادرة عن وزارة الداخلية المغربية، أن عدد النساء المنتخبات في مجلس النواب بلغ ما مجموعه 81 منتخبة، منهن 10 مترشحات انتخبن برسم الدوائر الانتخابية المحلية، و60 برسم الجزء الأول من اللائحة الوطنية المخصص للنساء، و11 شابة برسم الجزء الثاني من اللائحة الوطنية المخصص للشباب من الجنسين، وذلك مقابل 67 نائبة سنة 2011، منهن 60 برسم الدائرة الانتخابية الوطنية و7 برسم الدوائر الانتخابية المحلية.
وهكذا ارتفعت تمثيلية المرأة في مجلس النواب المغربي إلى ما يقارب 21 في المائة من مجموع أعضاء مجلس النواب، مقابل حوالي 17 في المائة سنة 2011، حيث تحسنت تمثيليتها بأربع نقط.
وقالت الوزارة ان الانتخابات أسفرت عن تجديد تركيبة الغرفة الأولى من البرلمان بنسبة تقارب 64 في المائة من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس بينما تمّت إعادة انتخاب 36 في المائة من الأعضاء المنتهية ولايتهم.