إيلاف من لندن: تجنبت "داونينغ ستريت" تأكيد أو نفي ما إذا كانت الحكومة البريطانية قد أجرت أي مشاورات مسبقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول خطته بشأن غزة، إلا أن مصادر مطلعة قالت لـ"إيلاف" إن رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، لم يجر أي مشاورات مسبقة مع إدارة ترامب، بشأن خطته المفاجئة بشأن غزة والنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، والتي أثارت جدلًا واسعًا على الساحة الدولية. وأوضحت المصادر أن لندن لم تتلقَّ أي إشعار أو تنسيق مسبق حول إعلان ترامب المفاجئ، وهو ما يعكس حالة من الفصل بين النهج البريطاني والأميركي في التعامل مع الملف الفلسطيني-الإسرائيلي.
وبحسب بيان رئاسة الوزراء، فإن موقف الحكومة البريطانية كان وما زال قائمًا على الالتزام بحل الدولتين باعتباره المسار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام الدائم في المنطقة. وأكد أن بريطانيا ترفض أي خطوات أحادية قد تعرقل هذا الحل، مشيرًا إلى أن الاعتراف البريطاني بالدولة الفلسطينية لن يأتي إلا في إطار عملية سياسية واضحة تتماشى مع حل الدولتين.
تجنب التعليق
ورغم الجدل الدولي الذي أُثير حول مدى توافق خطة ترامب مع القانون الدولي، امتنعت الحكومة البريطانية عن الإدلاء بأي تعليق رسمي بشأن هذه النقطة. ووفقًا لرئاسة الوزراء، فإن "هذه مسألة يقررها المحامون وليس الحكومات"، في إشارة إلى نهج داونينغ ستريت الحذر في التعامل مع المبادرات الأميركية التي لم تكن بريطانيا جزءًا من صياغتها أو مشاوراتها.
هذا الحذر البريطاني يعكس رغبة واضحة في تجنب الاصطفاف مع أو ضد موقف إدارة ترامب بشكل علني، خصوصًا أن لندن تسعى للحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة من جهة، والاستمرار في لعب دور دبلوماسي متوازن في الشرق الأوسط من جهة أخرى. وبحسب مصادر "إيلاف"، فإن الحكومة البريطانية تدرك أن التعليق على مدى قانونية خطة ترامب قد يضعها في موقف دبلوماسي حساس، سواء أمام واشنطن أو أمام المجتمع الدولي.
لا تواصل بين ستارمر وترامب بشأن الخطة
وكشفت مصادر "إيلاف" في داونينغ ستريت أن الإعلان عن خطة ترامب جاء دون أي اتصالات مسبقة بين واشنطن ولندن، وهو ما يشير إلى أن إدارة ترامب لم تعتبر بريطانيا شريكًا رئيسيًا في هذا الطرح، على عكس ما كان يحدث في مبادرات أميركية سابقة تتعلق بالشرق الأوسط. وأكدت المصادر أن رئيس الوزراء البريطاني لم يُجرِ أي اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي منذ إعلان الخطة، كما لم يكن هناك أي طلب رسمي من واشنطن لمناقشتها مع الجانب البريطاني.
وفيما يتعلق بأي لقاء محتمل بين الزعيمين، أوضحت المصادر أن أي اتصال مستقبلي أو زيارة محتملة للولايات المتحدة سيتم الإعلان عنهما في حينه، لكن في الوقت الحالي، لا يوجد جدول زمني محدد لأي تواصل رسمي بين الطرفين بشأن هذا الملف.
تعيين ماندلسون
وفي سياق متصل، برزت مسألة تعيين اللورد بيتر ماندلسون، الوزير السابق في حكومة حزب العمال، سفيرًا لبريطانيا في الولايات المتحدة كعامل آخر يعكس التباين بين لندن والإدارة الأميركية. ووفقًا لمصادر "إيلاف"، فإن العديد من الجمهوريين المقربين من ترامب يعارضون بشدة هذا التعيين نظرًا لتعليقات ماندلسون السابقة حول ترامب، والتي اعتُبرت انتقادية وسلبية.
وأوضحت المصادر أن القرار النهائي بشأن تعيين السفير البريطاني في واشنطن سيعتمد في نهاية المطاف على موقف الإدارة الأميركية، نظرًا لأن تعيين السفراء يُنظر إليه على أنه قرار مشترك بين الدولتين، وليس مجرد قرار داخلي بريطاني.
موقف بريطاني متحفظ
يكشف الموقف البريطاني من خطة ترامب عن نهج دبلوماسي متحفظ يسعى لتجنب المواجهة المباشرة مع واشنطن، لكنه في الوقت ذاته لا يمنح أي تأييد واضح للمبادرة الأميركية التي أثارت انقسامات دولية. فبين غياب المشاورات المسبقة، وامتناع داونينغ ستريت عن التعليق القانوني، ورفض الخوض في جدل سياسي مع إدارة ترامب، يظهر أن بريطانيا فضّلت التمسك بموقفها التقليدي الداعم لحل الدولتين دون الانخراط في تفاصيل خطة لم تكن جزءًا منها.
وفي ظل عدم وجود أي اتصالات بين ستارمر وترامب حول هذا الملف، وعدم تحديد موعد لأي لقاء أو نقاش رسمي، يبدو أن الحكومة البريطانية تتعامل مع خطة ترامب كأمر واقع، دون أن تكون طرفًا فاعلًا فيه أو حتى مؤيدًا صريحًا له.