: آخر تحديث
تراجع الحزب عن دعوة قادة من "حماس"

المغرب: غياب لافت لقادة أحزاب الأغلبية في المؤتمر التاسع لـ "العدالة والتنمية"

5
6
5

إيلاف من الرباط: لم تخلُ أجواء المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية المغربي (مرجعية إسلامية)، المنعقد السبت ببوزنيقة ( جنوب الرباط) تحت شعار "النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن"، من مظاهر التوتر السياسي الداخلي، إذ عرف غياباً لافتاً لعدد من الأمناء العامين للأحزاب المغربية، الذين قاطعوا أشغال المؤتمر تضامناً مع زعيمي حزبي التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش(غالبية) والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر (معارضة برلمانية) بعدما رفعت اللجنة التحضيرية للمؤتمر "البطاقة الحمراء" في وجهيهما وأعلنت صراحة عدم توجيه الدعوة إليهما.

وأسفرت هذه المقاطعة عن حضور باهت لزعماء الأحزاب السياسية، حيث لم يحضر سوى محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية (معارضة برلمانية)، ونبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (معارضة برلمانية)، إلى جانب محمد جودار، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري (مساند للغالبية الحكومية). كما شارك السياسي المخضرم محمد الخليفة، رغم كونه حالياً من دون صفة حزبية بعد استقالته من حزب الاستقلال.

وبهذا الثلاثي السياسي، افتتح حزب العدالة والتنمية مؤتمره الوطني، رغم أنه كان قد وجه دعوات موسعة إلى مختلف الأمناء العامين، وقادة من حزبي الأحرار والاتحاد الاشتراكي، إلا أن المقاطعة السياسية الجماعية ألقت بظلالها على الجلسة الافتتاحية، وكشفت عن عمق التوترات القائمة بين الحزب وباقي الفاعلين السياسيين.

وتحت وطأة ضغط شعبي متصاعد، اضطر حزب العدالة والتنمية إلى مراجعة ترتيبات ضيوفه في المؤتمر، متخلياً عن استدعاء وفد رسمي من حركة "حماس"، التي أثارت مواقف بعض قادتها أخيراً غضب المغاربة، بعد تصريحات عدائية للوحدة الترابية للمملكة.
هذا التراجع لم يكن اختباراً تنظيمياً عابراً، بل عكس وعياً داخل الحزب بضرورة الملاءمة بين دعم القضية الفلسطينية كموقف ثابت لكل المغاربة، والحفاظ على الأولوية القصوى لقضية الصحراء المغربية، باعتبارها حجر الزاوية في الإجماع الوطني.

وجاءت انطلاقة المؤتمر بمشهد وطني قوي، حيث تم ترديد النشيد الوطني المغربي في قاعة تعج بالأعلام المغربية والفلسطينية، ما أوحى برغبة الحزب في تأكيد خطه التضامني دون الدخول في متاهات التوظيف السياسي للقضايا الخارجية على حساب المصالح الوطنية العليا.

وتناوب على منصة المؤتمر عدد من الضيوف من خارج المغرب، في مقدمتهم عضو من الحركة الإسلامية، الموريتاني الشيخ حسن ولد الددو الشنقيطي، ثم رضا إدريسي، ممثل عن حزب النهضة التونسي، الذي ألقى كلمة تجنب فيها الإشارة الصريحة لمغربية الصحراء، في لحظة كشفت مرة أخرى عن الفجوة القائمة أحياناً بين الخطابات الرسمية لبعض الأحزاب المغاربية ومواقف المغرب الثابتة، ثم تلتها كلمة ممثل عن حزب الرفاه التركي.

أما الحضور الفلسطيني فاقتصر على مداخلة مرئية عبر التناظر عن بُعد لمصطفى البرغوثي من رام الله، الذي استعرض حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال، مشيداً بتضامن الشعب المغربي، وداعياً إلى إلغاء كل أشكال التطبيع مع إسرائيل، دون أن يتطرق إلى السجال المتصاعد بشأن تصريحات بعض قادة فلسطين المعادية للوحدة الترابية.
بعدها بثّ المنظمون كلمة مسجلة لفوزي برهوم، الناطق الرسمي باسم حركة "حماس"، شدد فيها على الاستمرار في دعم غزة، منوهاً بفعاليات التضامن المغربية.

في قراءة لافتتاح المؤتمر، يبدو أن حزب العدالة والتنمية سعى في مؤتمره هذا إلى بعث رسائل مزدوجة تتراوح بين المحافظة على ارتباطه التقليدي بقضية فلسطين كجزء من هويته السياسية، مع الحرص الشديد على عدم إثارة الغضب الشعبي الذي صار أكثر حساسية تجاه أي موقف قد يمس بالوحدة الترابية، خصوصاً في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة وتزايد دور الدبلوماسية الشعبية في رسم الحدود السياسية للتضامن.

ويمكن القول إن الحزب، الذي يعقد مؤتمره في لحظة تراجع انتخابي غير مسبوقة، يحاول استعادة بعض من رصيده السياسي، ليس فقط عبر شعارات النضال الديمقراطي، ولكن أيضاً عبر تجديد التزامه بالثوابت الوطنية التي لا تقبل المساومة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار