: آخر تحديث

شعر إنساني بطعم اليونان

3
3
2

اليونان ضيف شرف الدورة القادمة من معرض الشارقة الدولي للكتاب بعد نحو 100 يوم من الآن، وهذه هي المرة الثانية أو الثالثة التي أشير فيها إلى هذا الحدث الثقافي المقبل والذي سوف يتيح لنا التعرّف إلى الثقافة اليونانية وبخاصة القديمة، ثقافة الفلسفة بشكل خاص، وثقافة الشعر الذي أسّسه هوميروس بملحمتين عظيمتين: «الإلياذة»، و«الأوديسّة».ولكن لماذا التذكير هنا بالشعر اليوناني في مناسبة تكريمية قادمة؟ وببساطة لأنه لا توجد إلّا القليل من الكتب التي تحمل مختارات معاصرة لشعراء اليونان، على الرغم من قرب هذا البلد المتوسطي الجميل من الجغرافيا والثقافة العربيتين، وإلى جانب ذلك أحسب أن اللغة اليونانية قريبة الرّوح من العربية مثلها مثل الإسبانية التي تضم الآلاف من الأصول اللغوية العربية، في حين لم يترجم العرب كثيراً من الشعر اليوناني وأعلامه كثر في ذاكرتنا العربية: كفافي وكازانتزاكي على سبيل المثال، وهو شاعر، غير أن ارتباطه بروايته الشهيرة «زوربا» ربما غطى على صفته كشاعر.في سياق التذكير بضيف الشرف في معرض الشارقة الدولي للكتاب سيقودني الحظ إلى العثور على كتاب ضم مختارات من الشعر اليوناني الحديث صدر في العام 2000 عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وذلك في إطار إصدارات المشروع القومي للترجمة في القاهرة، وقد نقل المترجم المصري محمد حمدي إبراهيم هذه المختارات الشعرية اليونانية إلى العربية، والأهم من ذلك أنه وضع مقدّمة وافية فعلاً تعرّفنا بالمراحل الشعرية لهذا الأدب المتوسطي والذي كما يقول بدأت علاقته به من العام 1973 «عقب عودتي من بلاد اليونان بعد حصولي على درجة الدكتوراه من جامعة أثينا في صيف 1972».أهمية هذه المختارات أولاً، أن صاحبها درس اليونانية ويعرفها ولم تتطلب منه الترجمة لغة وسيطة ثالثة كالإنجليزية أو الفرنسية، بل نقل الشعر في العالم لا يخلو من نقصان سمّاه المترجمون «خيانة»، ولكننا في كل مرة حين نتحدث عن الترجمة نقول إنه لا بد من هذه الخيانة، لكي نقرأ أدب الآخر، ولو بشيء من النقصان.يقدّم محمد حمدي إبراهيم قراءة بانورامية عن الشعر اليوناني تبدأ من القرن العاشر، ثم يعرّف قارئه بما سمّاه المدرسة الكريتية (1453-1669)، ثم مدرسة الجزر الأيونية (1669-1830)، وقد مرّ بالعديد من المدارس الشعرية اليونانية إلى أن ينتهي إلى الشعر اليوناني المعاصر (1922-1945).نقل المترجم 73 شاعراً وشاعرة من اليونان ولغتها وتقاليدها الشعرية إلى العربية، اللغة المرنة أصلاً في استجابتها الجمالية والبلاغية لآداب العالم، وبخاصة الشعر، وبالطبع، لأن الشعر اليوناني شعر متوسطي فهو كما رأيت سريعاً في هذه النصوص المختارة مفعم بالضوء. شعر فيه الكثير من حرارة شعرنا العربي. شعر إنساني غنائي شفاف متشعّب ودوراني إن أمكن القول وفيه الكثير من سمات الجزر اليونانية العديدة.سأعود إلى هذا الشعر في قراءة موسّعة معتمداً على هذا الكتاب الوحيد الذي سعى فيه مترجمه إلى الكمال الجمالي، والذي يليق ببلد شعري مثل اليونان.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد