مع أننا ننعم بمنافذ متعددة على المعلومات والمعارف المختلفة، ومع أن الأخبار والأحداث على اختلافها، تصلنا مراراً وتكراراً على الأجهزة التي نحملها يومياً، إلا أن هناك انتشاراً واسعاً وغير مسبوق للزيف والأخبار الكاذبة، وكأن البشرية تعيش مفارقة غريبة وغير مسبوقة، وهي سهولة الوصول للمعارف والمعلومات، مع انتشار للزيف والمعلومات المزورة. لا أبالغ إذا قلت بأن مواقع التواصل الاجتماعي تحديداً، مرتع خصب لصناعة الكذب والتزوير، وقلب الحقائق، وأسهمت التقنيات والتطبيقات، في تمرير هذه الأكاذيب بعد تصميمها في قوالب وصور مقنعة لكنها لا تمت للحقيقة بأي صلة، لا أعتبر هذه الحالة تشويشاً رقمياً، أو ظاهرة تظهر وتخفت، بل هي حالة مستمرة، ترافقنا يومياً. هذه الأكاذيب، في مختلف المجالات الحياتية، في مجالات التغذية والصحة، مثل القول بأن اللقاحات تسبب التوحد، أو الخل يعالج السرطان، أو الماء القلوي يقتل الفيروسات، أو في مجالات الفيزياء والطاقة الحرة، التي تدعي اكتشاف أجهزة تنتج طاقة غير محدودة، أو آلات دائمة الحركة، وغيرها. ولا ننسى نظريات المؤامرة، التي تغلف بالعلم، مثل الأرض مسطحة، هذه الحالة تم رصدها من الجانب العلمي، في دراسة بعنوان: «انتشار الأخبار الحقيقية والزائفة عبر الإنترنت» تم نشرها في مجلة Science في عام 2018، قام بها الباحثون: سروش وصوقي، وديب روي، وسينان أرال، وتتبعت نحو 126.000 منشور، مررها 3 ملايين مستخدم، أكثر من 4.5 مليون مرة على X (تويتر سابقاً)، من عام 2006 إلى 2017 خلصت إلى أن الأخبار الزائفة تنتشر أوسع وأسرع وأعمق وأكثر عمومية من الأخبار الحقيقية، عبر جميع الفئات (السياسة، الكوارث، العلم..). والأخبار الزائفة كانت أكثر قابلية لإعادة النشر بنسبة 70% مقارنة بالحقيقية، والسبب لا يتعلق بالروبوتات – فقد وجدوا أن البشر هم المسؤولون الرئيسيون عن انتشار الزيف، لأن الروبوتات تسرع الأخبار الصحيحة والمزيفة بنسب متقاربة. وتعود السرعة في الانتشار إلى كون المحتوى الكاذب غالباً أكثر جدة وابتكاراً، مما يولد المزيد من الإثارة، مثل الخوف أو الدهشة.دون شك، أن هذه الحالة لها خطورة على التطور البشري، حيث تعتبر عائقاً جسيماً أمام العلم الحقيقي. لأنها تقوض الثقة بالعلماء والمبتكرين والمؤسسات المعنية، وقد تسبب هذه الأخبار والمعلومات الزائفة، تظليل الناس على نطاق واسع، نحن بحاجة لمبادرات تستهدف محاربة هذا المد المعلوماتي الكاذب، وبحاجة لقوانين تطبق في هذا المجال. www.shaimaalmarzooqi.com
الأخبار الكاذبة نار في الهشيم
مواضيع ذات صلة