: آخر تحديث

دولة فلسطين.. بين ماكرون وترامب وآخرين!

3
3
3

خالد بن حمد المالك

بموقف شجاع، ومبادرة تاريخية، وموقف يُسجل لفرنسا في رئاسة إيمانويل ماكرون، أعلن الرئيس الفرنسي بوضوح أن فرنسا سوف تعترف بالدولة الفلسطينية، وحدد موعد النطق رسمياً خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، في شهر سبتمبر من هذا العام، وجاء هذا القرار وفاء من باريس بالتزامها التاريخي من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وهو ما أغضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي سارع إلى القول إن ما صرح به الرئيس ماكرون لا قيمة له، ولا وزن له، متناغماً في ذلك مع التصريحات الإسرائيلية التي رأت في هذه الخطوة مساعدة لها لضم الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل.

* *

ردود الفعل العربية والدولية -في مجملها مع تفاوتها- رحبت بالخطوة الفرنسية، ورأت أن شعب فلسطين يستحق أن يقيم دولته على أراضيه التي احتلتها إسرائيل، ضمن خيار الدولتين الذي ستشارك المملكة مع فرنسا في تنظيم مؤتمر لهذا الخيار خلال هذا الأسبوع رغم محاولة أمريكا ثني الدول عن حضور المؤتمر بلغة تهديدية لكل من لا يستجيب لمقاطعته، ولا يُلبي رغبة الولايات المتحدة الأمريكية التي ستكون من بين الدول التي لن تحضر مؤتمراً أجندته تتمحور حول دولة للفلسطينيين مستقلة وقابلة للحياة على الأراضي الفلسطينية في حدود عام 1967م ومجاورة لإسرائيل.

* *

كان الموقف الأمريكي صادماً، ومنحازاً، كما هي عادة أمريكا لصالح إسرائيل، وعدائياً كما هو تاريخها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وموقفاً أعمى يتماهى مع الإرهاب الإسرائيلي، والمطامع الإسرائيلية، ويكرّس الاحتلال، والتطرف، والتعدي على حقوق الإنسان، في ظاهرة لا توجد دولة تنافس إسرائيل في جرائمها المؤيدة من الولايات المتحدة الأمريكية.

* *

والمملكة التي ترفض التطبيع مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية، وتتبنى مع فرنسا مؤتمراً لإقرار خيار الدولتين، تعاملت مع القرار الفرنسي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية بالإعراب عن ترحيبها بعزم فرنسا الاعتراف بدولة فلسطينية شقيقة، مشيدة بهذا القرار التاريخي الذي يؤكد توافق المجتمع الدولي على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، مشددة على أهمية مواصلة اتخاذ الدول للخطوات التي تُسهم في إنفاذ القرارات الدولية، وتعزز الالتزام بالقانون الدولي، مع تجديد دعوتها لبقية الدول التي لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية لاتخاذ مثل هذه الخطوة الفرنسية الإيجابية، والمواقف الجادة الداعمة للسلام، وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.

* *

إن الموقف الأمريكي، يتجاوز الحدود، ويعبّر عن تغييب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويعاون المحتل لترسيخ احتلاله، ويساعده على ممارسة القتل الممنهج، والاحتلال البغيض، والإرهاب لكل صوت حر يطالب بحقوقه، وهو ما لا يستقيم مع ما تدعيه الولايات المتحدة الأمريكية من أنها مفتاح السلام في العالم، وحامية حقوق الشعوب، وزعيمة العالم الحر، وصمام الأمان أمام الحروب بين الدول، بينما هذا هو موقفها التاريخي الظالم من القضية الفلسطينية.

* *

لقد اعترفت غالبية دول العالم بالدولة الفلسطينية، ولا تزال الاعترافات تتوالى بما فيها بعض الدول الأوروبية، ولولا التهديد الأمريكي، والسياسة الأمريكية المنحازة لإسرائيل، لكانت كل دول العالم لديها الآن سفارات فلسطينية، وتتعامل معها بوصفها دولة تحت الاحتلال، وبنظرنا فإن الاعتراف الفرنسي سيكون له تداعياته الايجابية لصالح قيام الدولة الفلسطينية، حتى والرئيس الأمريكي يسفّه هذا القرار، ويرى أن لا وزن ولا قيمة له، في تأكيد أمريكي صادم على رفض لقيام دولة فلسطينية، استجابة لإملاءات إسرائيل، وتأثير الصوت اليهودي الناخب في أمريكا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد