عبده خال
في التسارع الإعلامي، وقفزاته المهولة، كنت على اطلاع عن ورش «مجتمع وصل».. والذي يسعى نحو مستقبل اتصالي مشرق.
لنبدأ بهذا التساؤل: هل تساءلت يوماً عن الفجوة بين ما يتعلمه طلاب الإعلام والاتصال في قاعات الدراسة، وما يتطلبه سوق العمل المكتظ في تسارعه؟ وهذه الفجوة ليست مجرد تحدٍ، بل هي فرصة لا تقدر بثمن لصناعة مختصين أكثر قوة وتأثيراً، وفي ظل هذا المشهد المتغير، يأتي دور المبادرات الرائدة مثل «مجتمع وصل»، الذي أطلق مؤخراً سلسلة من ورش العمل المتخصصة لطلاب وخريجي الإعلام والاتصال، ليست فقط لإثراء معارفهم، بل لصقل مهاراتهم وخبراتهم في مجالات إعلامية حيوية، وتأهيلهم لسوق العمل.
أدرك «مجتمع وصل» أهمية هذه الورش في بناء جيل قادر على المنافسة والابتكار، وفي مقر شركة «بيور مايند» بالرياض، وعلى مدار خمسة أيام متواصلة، قدمت نخبة من المختصين في مجال الإعلام والاتصال عصارة خبراتهم في «أسبوع المهارات الإعلامية»، ليتحول كل يوم إلى فرصة جديدة للتعلم والتجربة، والورش لم تكن مجرد محاضرات نظرية، بل كانت فرصة للتفاعل العملي، ومساحة لتطبيق المفاهيم المكتسبة مباشرةً، مما يضمن ترسخ المعلومة والمهارة.
وبدأت الرحلة بورشة «مهارات المتحدث الرسمي والظهور الإعلامي»، التي لم تكتفِ بتعريف الطلاب بأهمية الظهور الإعلامي، بل تجاوزت ذلك إلى تعليمهم كيفية صناعة المحتوى الإقناعي وبناء العلامة الشخصية، وآلية صياغة الرسائل المؤثرة، كل ذلك مع استعراض نماذج عملية تعزز الفهم وتثبت المعلومة.
بعدها، جاءت ورشة «التواصل الإستراتيجي: أساسيات التواصل الإستراتيجي»، التي غطت مبادئ التواصل الإستراتيجي والفرق بينه وبين العلاقات العامة، وهو أمر بالغ الأهمية في عالم اليوم الذي يتسم بالتعقيد، والأهم من ذلك، أنها تضمنت خطوات وضع خطة التواصل الإستراتيجي من التخطيط إلى القياس، مع تحديد أسباب فشل الخطط وتطبيق تمرين عملي لإعداد الخطة الاتصالية، وهذه الجوانب العملية هي ما يفرق بين المعرفة النظرية والتطبيق الفعال.
وفي عالمنا الرقمي الذي يتزايد فيه تأثير المحتوى، جاءت ورشة «صناعة وإدارة المحتوى الإعلامي» لتعرف الطلاب والخريجين بماهية المحتوى الإعلامي وخصائص المحتوى المؤثر، وركزت الورشة على ما يميز المحتوى الرقمي، وعرضت نماذج عملية للأثر المطلوب تحقيقه، مما يزودهم بالأدوات اللازمة لصناعة محتوى جاذب ومؤثر يتناسب مع متطلبات العصر.
ولم يغفل «مجتمع وصل» عن الإنتاج الإعلامي فخصص ورشة كاملة لهذا الموضوع الحيوي بعنوان «الإنتاج الإعلامي من الكتابة إلى النشر»، لتأخذ الطلاب في رحلة شيقة تبدأ من تحديد الهدف من المخرج الفني، مروراً بمراحل الكتابة الدقيقة، وصولاً إلى تعقيدات مراحل الإنتاج الإعلامي، وهذه الورشة قدمت للمشاركين فهماً شاملاً لعملية الإنتاج الإعلامي من بدايتها وحتى نهايتها، محولةً الأفكار المجردة إلى منتجات إعلامية جاهزة للنشر، وهو ما يمثل جوهر العمل الإعلامي الاحترافي.
وتناولت ورشة «التواصل الداخلي: تشكيل الثقافة وتمكين السفراء»، مفهوماً قد يبدو بعيداً عن الإعلام الخارجي، لكنه في الواقع مفتاح لنجاح أي مؤسسة، واستعرضت الورشة مفهوم التواصل الداخلي وأهميته، وكيفية إعادة تعريفه من عبء مالي إلى فرصة استثمارية، كما تناولت أنواع التواصل الداخلي وأدواته وقنواته، بالإضافة إلى سمات التواصل الداخلي الفعال ودوره في صناعة ثقافة مؤسسية قوية وتحويل الموظف إلى سفير للمؤسسة. هذه الورشة أضاءت جانباً مهماً من جوانب الإعلام، وغرست في الطلاب فهماً أعمق لدورهم المستقبلي.
أما الورشة الختامية، فاستعرضت موضوعاً حيوياً، وهو «الهوية الصوتية الاحترافية للشركات والمؤسسات»، للتعرف على مفهوم الهوية الصوتية الاحترافية.
وما تم تقديمه يمثل نموذجاً يحتذى به في تطوير الكفاءات الإعلامية، وهذه الورش المتخصصة، التي جمعت بين الخبرة الأكاديمية والتطبيق العملي، هذه الأيام كانت خطوة عملاقة نحو سد الفجوة بين التعليم الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل، وتأهيل جيل من المختصين القادرين على قيادة التغيير.