انطلقت أشغال الدورة العاشرة لمنتدى ميدايز في طنجة الاربعاء تحت شعار "من انعدام الثقة إلى التحديات.. عصر الاضطرابات الكبرى"، والتي ستعرف هذه السنة مشاركة 150 متدخلًا رفيع المستوى ووزراء ورؤساء دول وحكومات حاليون وسابقون ورجال أعمال وخبراء، بحضور 3000 شخص.
إيلاف من الرباط: وضع المنتدى قضايا أفريقيا على رأس جدول أشغاله، التي تتوزع بين ثلاثة منتديات، التجارة والأعمال، والتنمية المستدامة، والسياسة الدولية.
اختار المنتدى هذه السنة ألفا كوندي، الرئيس الغيني ورئيس الإتحاد الأفريقي، ضيف شرف. وقال إبراهيم الفاسي الفهري خلال الجلسة الإفتتاحية للمنتدى مساء الأربعاء في طنجة "حضور الرئيس ألفا كوندي في هذه الدورة يكتسي أهمية خاصة، ليس فقط لأنها الدورة العاشرة للمنتدى في خدمة دول الجنوب، وعلى رأسها أفريقيا، ولكن أيضًا لأنها تتزامن مع سنة عودة المغرب المظفرة إلى الإتحاد الأفريقي".
من جانبه، نوه الرئيس كوندي بالعلاقات التاريخية التي تربط بلده بالمغرب منذ معارك التحرير الوطني في عهد الملك محمد الخامس، والمعركة التنموية مع الملك الحسن الثاني، والرؤى المشتركة حاليًا حول مستقبل القارة وتطلعاتها مع الملك محمد السادس.
وأشار كوندي إلى أن أبرز تطلعات أفريقيا هي ضمان الأمن والسلام والتنمية والعيش الكريم لأبنائها. بخصوص الأمن، أشار كوندي إلى أن التوترات والإضطرابات لا تزال تمزق أوصال القارة الأفريقية، في الصومال وليبيا والطوغو وجنوب السودان ووسط إفريقيا. وقال إن طموح الإتحاد الأفريقي هو إنهاء هذه التوترات والنزاعات ووضع حد لها في أفق 2020. وأكد على أن الحل يجب أن يكون أفريقيًا، وأن أفريقيا لا تريد أي تدخل من القوى الخارجية غير الأفريقية.
أضاف كوندي أن القوى الخارجية عندما تتدخل فإن النتائج غالبًا ما تكون كارثية. وقال "مثال ليبيا لا يزال قريبًا منا. عبّرنا عن رفضنا للتدخل في ليبيا. ولم يسمعوا لنا، فماذا كانت النتيجة بالنسبة إلى ليبيا وتداعياتها على المنطقة ككل؟". وعلى المستوى الإقتصادي، شدد رئيس الإتحاد الأفريقي على أن الأفارقة هم من سيرسمون الخطط والسياسات التنموية، وليس البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي. وقال "السياسات يجب أن ترسم في الرباط أو أديس أبابا أو غيرها من العواصم الأفريقية، وليس في واشنطن. فنحن أدرى بمشاكلنا من غيرنا".
وانتقد كوندي سياسات صندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أنها "لا تقبل أن تتجاوز نسبة مديونية الدول الأفريقية 30 في المائة، وعندما تقترب من هذه النسبة يتوقف المموّلون الدوليون عن تمويلنا. في حين أن هذه النسبة تصل إلى 220 في المائة في اليابان، وتناهز 100 في المائة في العديد من الدول الأوروبية". وأضاف "قيل لنا قلصوا الإنفاق العمومي وخفضوا التوظيف، فقلصنا عدد المعلمين وعدد موظفي الصحة، وكانت النتيجة تخلفًا في التعليم والصحة".
ووجّه كوندي الدعوة للقطاع الخاص الأفريقي، ليساهم بشكل أكبر وأكثر فعالية في تنمية القارة. ودعا إلى تبادل الثقة بين رجال الأعمال والقادة السياسيين وتوحيد الجهود حول تصورات ورؤى متلائمة ومتجاوبة مع تطلعات الشباب الأفريقي.
من جانبه، تحدث بيير كالفير ماغانغا موساوو، نائب رئيس الغابون، عن التجارب التنموية في المغرب، خصوصًا في مجال محاربة الفقر والإقتصاد الإجتماعي والزراعة التضامنية، والرؤية الجديدة التي ينهجها العاهل المغربي في مجال التعاون جنوب جنوب. ونوه ماغانغا بالعلاقات النموذجية بين المغرب والغابون، مشيرًا إلى أن المغرب هو أهم شريك اقتصادي لبلده.
أضاف ماغانغا أن حل مشاكل التنمية في أفريقيا لن يتحقق فقط عبر خلق جزر معزولة للرفاهية مثل المغرب، لأن المحيط الفقير والبئيس المحيط بها سيبتلعها. وأضاف "المطلوب هو تحقيق تنمية شاملة وموزعة بشكل عادل، وإلا فإنه لن يتمكن أحد من أن ينعم بالسلام وحوله جيران جياع. فمصائرنا مرتبطة".
وتحدث بيرتي أهيرن، الوزير الأول الإيرلندي سابقًا، خلال الجلسة الإفتتاحية عن الحوار الأوروبي - الأفريقي، مشيرًا إلى أنه استمر 10 سنوات، وقطع العديد من المراحل منذ وضع استراتيجية لشبونة في 2007، مرورًا بتطوير برنامج عمل بين مجلس الإتحاد الأوروبي والشركاء الأفارقة في 2015، وصولًا إلى القمة الأوروبية - الأفريقية التي ستعقد في أبيدجان في نهاية الشهر الحالي، والتي ستتمحور أشغالها حول قضايا الشباب.
وأوضح أهيرن أن من قضايا التنمية والتعاون ودور القطاع الخاص والحاجة إلى الكفاءات وإشكالية الشفافية وأمن الحدود والهجرة تعتبر من أبرز موضوعات التي ستتصدر جدول أعمال هذه القمة.
وقال المسؤول الإيرلندي السابق "لقد تغيرت الأحوال كثيرًا عمّا كلنت عليه قبل عشر سنوات، وتغيرت قواعد اللعب على مستوى السياسة الدولية. فاليوم نرى تراجعًا قويًا في العلاقات المتعددة الأطراف، وأصبحت العديد من الدول تفضل السير بمفردها، كما رأينا صعودًا للقومية الإقتصادية في الغرب بسبب الأزمة الإقتصادية".
أضاف أهيرن "إن قدر أوروبا وأفريقيا هو التعاون والعمل معا، فكلاهما يحتاج الآخر، لكن عليهما إيجاد صيغة جديدة للشراكة. عليهما وضع سياسة ذكية للتعاون على أساس شراكة متعددة الأبعاد". ويرى أهيرن أن على أوروبا أن تساعد أفريقيا على إيجاد حلول للقضايا الأمنية، مشيرًا إلى أنه من دون أمن لا يمكن الحديث عن التنمية والاستثمار". وقال "على أوروبا أن تحدد ما تريد، وما هي الوسائل التي تريد بدلها من أجل ذلك".