: آخر تحديث
تصدياته خرافية وأخلاقه عالية

ياسين بونو "الأسطورة".. ولد في كندا وتعلم الحراسة في الدار البيضاء

9
8
7

الرباط: خطف ياسين بونو، حارس مرمى فريق الهلال السعودي والمنتخب المغربي لكرة القدم، ليلة الاثنين–الثلاثاء الماضية الأنظار والقلوب، بمساهمته الكبيرة في تجاوز مانشستر سيتي الإنجليزي، بفضل تصدياته الموفقة، ووقوفه سدا منيعا أمام سيل من المحاولات التي كان من الممكن أن تقلب موازين المواجهة لصالح الفريق الإنجليزي.

وحيث أن أجمل الإشادات هي تلك التي تأتي من أفواه الخصوم، فقد جاء تأكيد الدور المؤثر الذي لعبه بونو في تأهل فريقه إلى دور ربع نهائي بطولة كأس العالم للأندية 2025، بالولايات المتحدة، على لسان جوسيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، الذي صرح، في أعقاب المواجهة، التي امتدت إلى الأشواط الإضافية، وخسرها فريقه بنتيجة ثلاثة أهداف لأربعة، أن فريقه صنع العديد من الفرص، غير أن "بونو قام بالعديد من التصديات المذهلة". وأضاف: "لا يوجد شيء آخر يمكن قوله".

احتفاء
احتفت القنوات المتخصصة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، كثيرا، بالأداء المبهر الذي بصم عليه بونو في مواجهة مانشستر سيتي، وقبلها في مباريات دور المجموعات، خصوصا مواجهة ريال مدريد الإسباني، التي تصدى خلالها بونو لضربة جزاء في الوقت القاتل، منح به فريقه نقطة تعادل غالية.

في السعودية كما في المغرب، لم تسعف العبارات أصحابها في إظهار الشكر والتقدير لبونو: "ديما بونو"، قال سعوديون، في إشارة إلى عبارة يرددها المغاربة عن حارس مرمى منتخبهم، تؤكد قناعة بأنه لا يخذلهم، وأنه يكون في الموعد حين يتطلب الأمر ذلك. وفي هذا السياق، كتب حساب نادي الهلال السعودي على "فيسبوك": "رجل المواعيد الكبرى: ياسين بونو".

في المغرب، لخص الصحافي الرياضي منصف اليازغي للأداء المبهر الذي بصم عليه بونو، والكيفية التي تعامل بها عشاق كرة القدم عبر العالم، حيث كتب: "ما هذا الجمال يا بونو"، مشيرا إلى تعليق للصحافي فابريزيو رومانو في موضوع تصديات بونو، وقيادته الهلال إلى دور الربع، في مباراة حارقة أداء وأهدافا. وأضاف اليازغي: "بونو أصبح تخصصه حمل الفرق في كأس العالم للأدوار الموالية... وربما طريق الفريق السعودي سالك صوب النصف في سيناريو مكرر عن دورة قطر 2022 رفقة منتخب المغرب. الهلال سيلاقي فلومينيسي البرازيلي الذي أقصى في دور الثمن إنتر ميلانو بهدفين نظيفين بقيادة تياغو سيلفا".

وكتب الصحفي رضوان الرمضاني، معلقا على صورة تظهر بونو وهو يصد محاولة لأحد مهاجمي الفريق الإنجليزي: "الأسطورة بونو في هذه اللقطة أكبر من حارس وأكبر من كرة... الفن".

وكتب موقع "البطولة" المغربي: "الهلال وبونو يصنعون "ملحمة" بأميركا و"يُخضعون" السيتي لواقع الموج الأزرق".

عربيا، كتب موقع "سكاي نيوز عربية": "بونو.. يغلق الأبواب في وجه الملوك والإنجليز!". فيما كتب حساب فيفا كأـس العالم للأندية: "سوبر بونو في الموعد"، مع رسم لبنونو بلباس "سوبرمان".

أما التعاليق التي تفاعل بها المهتمون وعشاق الكرة مع أداء بونو، فقد كان التركيز فيها أكثر على الطريقة التي رد بها حارس الهلال على عدد المحاولات الخطيرة والمحققة لمهاجمي مانشستر سيتي. وترددت في التعاليق عبارات تلخص للأداء الكبير لبونو، بحديث كاتبيها عن تصديات "خرافية، "إعجازية" و"غير طبيعية".

وكان لافتا للانتباه أن الاحتفاء الكبير ببونو، لم يركز، فقط، على مؤهلاته كحارس مرمى، بل توقفت أيضا عند شخصيته وما يتميز به أخلاق عالية. وفي هذا كتب اليازغي: "قد تكون مباراة المانشستر سيتي هي الأعلى أداء في مسار الحارس المغربي بونو... هذا ما يعتقده البعض، وهذا ما كنا نردده بعد كل مباراة كبيرة لبونو سواء مع منتخب المغرب أو اشبيلية على الخصوص... لكن بالتأكيد هذا "السوبر حارس" سيفاجئنا مجددا... واثقون من ذلك... لأن شخصيته رهيبة تجمع بين الاحتراف والاجتهاد والانضباط والتركيز... والأخلاق العالية وتوزيع الابتسامة والكلمات على محيطه، سواء مع اللاعبين أو حتى مع أبسط جامع للكرات... بشكل يعكس سلوكنا كمغاربة".

الذين يعرفون بونو، وتابعوا مسيرته منذ بداياتها في صفوف الوداد الرياضي المغربي، يستحضرون توقعات عدد من التقنيين المغاربة، الذين تنبؤوا له، وهو بعد في الفئات السنية، سواء في فريق الوداد الرياضي البيضاوي أو المنتخب الوطني، بمستقبل زاهر في مركزه، مشددين على أن مؤهلاته أسعفته في إعادة كتابة قصة نجاح حارس مغربي آخر، سابق، هو بادو الزاكي، الذي لعب لمايوركا الإسباني، ما بين 1987 و1992، حيث بصم معه على أداء ملفت جعله من كبار حراس مرمى (لا ليغا)، بعد أن سطع نجمه رفقة الوداد الرياضي والمنتخب المغربي، الذي نال احترام العالم في مونديال مكسيكو 1986.

من حسن الصدف أن بادو الزاكي، الذي سيتقلد، بعد اعتزاله اللعب، مهمة التدريب، في الوداد الرياضي والمنتخب المغربي، سيضع ثقته في الحارس الشاب، متنبئاً له، في عدد من تصريحاته، بمستقبل واعد، لذلك سارع إلى المناداة عليه لتعزيز صفوف المنتخب المغربي، حين تولى تدريب "أسود الأطلس".

سيرة ومسيرة
ولد بونو بمونريال الكندية، في 5 أبريل 1991، وهو يحمل الجنسيتين المغربية والكندية. وقد بدأ مسيرته الكروية، من المغرب، رفقة فريق الوداد الرياضي، الذي سيحرس شباكه في إياب نهائي دوري أبطال أفريقيا ضد الترجي التونسي في 2011، في سن الـ21، كما تدرج في صفوف مختلف المنتخبات السنية للمغرب، قبل أن يخوض أول لقاء رسمي رفقة المنتخب الأول ضد منتخب بوركينا فاصو، في 2013، تحت قيادة المدرب رشيد الطاوسي، بعد أن كان قد انتقل، في 2012، إلى أتلتيكو مدريد، الذي سيعيره في 2014 إلى فريق سرقسطة بالقسم الثاني، وينتقل، بعد موسمين، إلى جيرونا الذي حقق معه الصعود إلى قسم الأضواء، حيث سيواصل مسيرة التألق ويلفت إليه أنظار المتتبعين وعشاق المستديرة، قبل أن ينتقل إلى إشبيلية الإسباني، حيث سيتوهج ويلامس المجد الأوروبي. وبعد أن كان على وشك الانتقال إلى ريال مدريد الإسباني، سيقرر الانتقال إلى السعودية لحراسة مرمى الهلال السعودي.

يقول بونو، مستحضرا بداياته مع الوداد الرياضي، إن لقاء إياب نهائي دوري أبطال أفريقيا ضد الترجي التونسي، بملعب رادس، بتونس، في 12 نوفمبر 2011، شكل منعرجاً في مسيرته الكروية، هو الذي سبق له أن نشر، على حسابه الرسمي، بإنستغرام، صورة له خلال حصة الإحماء لهذا اللقاء الذي عوض خلاله الحارس الأساسي نادر المياغري المصاب، وأرفقها بتعليق، جاء فيه: "12 نوفمبر، اليوم الذي تغيرت فيه حياتي"؛ وذلك في إشارة إلى الدفعة القوية التي منحتها مشاركته في هذا اللقاء لمسيرته الكروية، بانتقاله إلى أتليتيكو مدريد، عن سن 21 عاما.

الإنسان
في كل الفرق التي جاورها، بداية من الوداد، ثم أتليتيكو مدريد، فجيرونا وسرقسطة، وصولا إلى الهلال السعودي، مرورا بإشبيلية الإسباني، حافظ بونو على دوره كحارس بمردود مؤثر، مراكماً الإشادة من طرف مختلف المتتبعين، ومن مدربي ولاعبي الفرق التي جاورها. من هذه الإشادات، تلك التي قالها أوزبيو سكريستان، مدربه في فريق جيرونا، الذي لم يجد، بعد نهاية واحدة من المواجهات التي تألق فيها بونو إلا أن ينوه بالمردود المثالي للحارس المغربي، مؤكداً أن أداءه كان "مذهلاً"، قبل أن يواصل كيل المديح لبونو اللاعب والإنسان، بقوله: "إنه لاعب ذو عقلية إيجابية للغاية، وحياته اليومية مثالية، ليس فقط كحارس مرمى رائع، بل هو رفيق عظيم، أيضاً".

ولعل مما يؤكد قيمة بونو كلاعب والصدى الطيب الذي يتركه كإنسان، أينما حل وارتحل، أن ينشر حساب فريق إشبيلية الإسباني، بعد تألق اللاعب المغربي في مواجهة السيتي، صورة لبونو بقيمص الفريق الأندلسي مع تعليق: "صورة اليوم لحارس عظيم".   

الحارس
يجمع بونو بين عدد من المزايا التي أهلته ليكون أحد أبرز الحراس في العالم: لياقة بدنية عالية وقامة طويلة (1.90 م)، مع قدرة على اللعب بالرجلين، في ظل تمركز جيد في مربع العمليات وقراءة جيدة للملعب، علاوة على شخصية قوية تمكنه من توجيه الدفاع، يساعده في ذلك تكوين متدرج، في أكبر النوادي، واحتكاكه بأسماء كبيرة في حراسة المرمى، سواء في صفوف الوداد المغربي، الذي شهد تألق الحارس الدولي بادو الزاكي، وبعده نادر المياغري، أو في صفوف الفرق الإسبانية التي جاورها، خصوصاً أتليتيكو مدريد حيث جاور الحارس البلجيكي تيبو كورتوا.

ديما بونو
يحسب لبونو، أن مميزاته لا تقتصر على حراسة المرمى، بل كذلك، في شخصيته الهادئة وحرصه على روح الفريق واحترام قرارات واختيارات مدربيه، سواء في الفرق التي لعب لها أو المنتخب المغربي الذي تعاقب عليه نحو أربعة مدربين، بداية من البلجيكي غيريتس، وصولاً إلى المغربي وليد الركراكي، مروراً بالمغربيين رشيد الطاوسي وبادو الزاكي والفرنسي هيرفي رونار والبوسني وحيد خليلهودزيتش.

نظرا للدور الإيجابي والمؤثر الذي اعتاد أن يلعبه بونو في الفرق التي ظل يجاورها، لا شك أن أي مدرب لا بد إلا أن يكون سعيداً بوجود لاعب بـ"عقلية إيجابية للغاية" و"حياته اليومية مثالية"، في فريقه. الرياضة تربية وأخلاق، أولاً.

أما جمهور وعشاق الفريق السعودي، الذي يجاوره بونو اليوم، فسيواصلون ترديد لازمة "ديما بونو". عند المغاربة، يكفي أن يشاهد طفل صغير صورة الحارس الأول للمنتخب المغربي لكرة القدم ليردد: "بونو مول (صاحب) الضحكة".

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في رياضة