: آخر تحديث

هل انتهى العالم ما بين يالطا وكييف؟

54
52
50

رغم الحروب التي دارت رحاها في العالم سواء كانت حروب كونية مثل الحرب العالمية الأولى والثانية أو الحروب الأهلية كما حدث في أمريكا و أوروبا أو النزاعات بين الدول التي وصلت لشن الحرب العسكرية رغم هذا كله لم تكن تخلو الساحة من الساسة الفاعلين الخبراء بإدارة الازمات أو ما يسمى المجتمع الدولي الذي يظل له صوتاً مسموعاً قادراً على وقف هذه الحروب أو الحد من آثارها أو منع توسعها أو حصر آثارها على المتحاربين فقط.

فعلى سبيل المثال أثناء الحرب العالمية الثانية ضد النازية ودول المحور التي انتهت بهزيمة المانيا وانتصار الحلفاء، وبناءً عليه عقد مؤتمر يالطا على سواحل البحر الأسود بين الرئيس السوفيتي ستالين والأمريكي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل عام 1945م لإعادة رسم خارطة أوروبا وألمانيا والدول المنهزمة في الحرب.

في هذه القراءة لست بصدد استعادة التاريخ أو ربطه بما يحدث الآن ولكني سأقرأ الأحداث من زاوية أخرى!

فنلاحظ أن شروط التقسيم ومحاسبة النازية وتفتيت الكثير من الدول اقتصرت على الأعمال العسكرية دون الولوج في إجراءات عقابية أو محاسبية تنال من حياة الناس الخاصة كما نشاهد اليوم من إجراءات عقابية وصلت لدرجة التفاهة بل السخافة ولم يكن ليحدث ذلك إلا بغياب الخبراء السياسيين الذين كانوا يديرون الأزمات بحكمة المحارب لا بثقافة المنتقم وهذا ما يفتقده العالم اليوم!

للأسف الشديد أن الغرب بشكل عام فقد حكمة وعقلانية قادته القدامى وجاءت حكومات يسارية تدفع برؤساء مؤدلجين بأفكار ونزعات قزّمت دولهم وحولتها من دول راعية للسلم والأمن العالميين إلى دول سلطوية استبدادية تجهل أبجديات إدارة العلاقات الدولية!

ولعلي أبدأ بإدارة أوباما في الولايات المتحدة الأمريكية التي كسرت هيبة الولايات المتحدة وجعلتها تحكم كما لو كانت إيران أو مليشيا حزب الله اللبناني حتى سعت لدعم النزعات الإنفصالية ودعم الثورات والإنقلابات في الوطن العربي وأطلقت يد إيران الصفوية وميليشياتها الإرهابية في الوطن العربي لتأجيج الصراعات والحروب وهو ما نشاهده اليوم في عدد من دول العالم العربي وكذلك لم تكن أوروبا أفضل حالاً، فقد جاءت زعامات حزبية بأفكار شعبوية لا تخدم مكانة هذه الدول كما في كندا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا وغيرها من دول الغرب الذي عاد لتبني الأفكار العنصرية المعادية للإسلام ودعم النزعات الإنفصالية في العالم الإسلامي وتبني الفكر المغاير لما أسس له عقلاء الغرب مثل تشرشل وشارل ديغول وشيراك وأصبح القرار الأوروبي يفتقد الحكمة والعقلانية. 

أقول هذا عطفاً على الحرب الروسية الأوكرانية التي سقطت فيها كل القيم الغربية التي طالما دندن بها الإعلام الغربي مثل الديموقراطية وحرية الإعلام وحقوق الإنسان وحق الإنسان في التعبير وحقه في الحياة، وما كتب وصدر من ملايين الكتب ونظريات الإعلام الغربي التي لا زالت تدرس في العالم ثم في لحظة سقطت كل هذه القيم و انكشفت الأقنعة وظهر الوجه الحقيقي للحضارة الغربية الزائفة وما تخفيه من استبداد وعنصرية من خلال ما شاهدناه من عقوبات غربية طالت كل شيء مثل:

  • اغلاق قنوات التلفزيون. 
  • طرد إعلاميين ومراسلي القنوات.
  • اقفال دور الفن والثقافة الروسية. 
  • منع ممارسة الرياضيين الروس لأي نشاط رياضي. 
  • ايقاف قائد اوركسترا روسي من عمله في فرنسا.
  • ايقاف وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وأبل وواتس أب. 
  • ايقاف الطيران والمعاملات المالية. 

كل هذه الممارسات أسقطت كل ما يتشدق به الغرب من حرية الرأي وحرية التعبير وحقوق الإنسان.

الحرب الروسية الأوكرانية رغم ما حدث فيها من خراب وتدمير وتهجير ينافي كل القيم الإنسانية إلا أنها قدمت درساً للإنسانية جمعاء بأننا نعيش في عالم تحكمه المصالح فقط وأن ما ظل الغرب يتشدق به من قيم، قد سقط سقوطاً مريعاً وأن العالم بصدد إعادة كتابة تاريخ العلاقات الدولية وفق المعطيات الجديدة وسيتم كتابة الإعلام ونظرياته وفق مفاهيم جديدة تستبعد شعارات الغرب الزائفة. 

كما أن على الشعوب أن تختار قيادات حكيمة عاقلة تستطيع إدارة الأزمات بحكمة وعقل، فلو أن الشعب الأوكراني اختار رئيساً حكيما من مدرسة خبرة سياسية لما حدث الإجتياح الروسي لأوكرانيا ولو أحسن الغرب اختيار قياداته لما رأيناهم يزينون للرئيس الأوكراني مقارعة روسيا ثم يتخلون عنه.

من هنا أقول أن العالم مقدم على مرحلة غاية الخطورة اذ لا يوجد نظام عالمي قادر على بسط الأمن والسلم وقد آن الأوان لإعادة هيكلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات المرتبطة بهما ليكون قادراً على التدخل وحل الأزمات وإلا فالعالم يسير نحو المجهول.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في