: آخر تحديث

هل أفلت بوتن من فخ أوكرانيا؟

65
61
68
مواضيع ذات صلة

تحدثت في مقالي السابق على صفحات هذه الصحيفة الغراء عن تاريخ العلاقة الروسية الأوكرانية في مقال بعنوان (هل تعود دولة كييف روس من بوابة أوكرانيا؟) استعرضت فيه بدايات الخلاف الروسي الأوكراني والأسباب والمآلات وختمته بإعتقادي بأن ما يحدث من حشود ليست أكثر من إستعراض قوة وتبادل رسائل مشفرة بين الأطراف المتنافسة.

في مقالي هذا سأوضح أن الموقف الأمريكي خاصة وصل إلى حد أشبه بالاستجداء للرئيس بوتن بغزو أوكرانيا بل وصل الحد إلى تحديد يوم الغزو وهذا يعطي دلالة على الرغبة الأمريكية البريطانية بإيقاع الدب الروسي في الشرَك الأوكراني الذي سيلتف على هذا الدب ويعيق حركته فمن هذا الغزو ستبادر الولايات المتحدة والغرب إلى فرض عقوبات اقتصادية لوقف الدولار للتعاملات والصفقات للشركات الروسية والعاملة في روسيا ووقف الرقائق الإلكترونية التي تعتمد عليها معظم الصناعات الروسية والقادمة من الغرب ووقف تدفق النفط والغاز الروسي عبر أوكرانيا للغرب بعد أن جهزت البدائل إلى غير ذلك من التداعيات التي يعتقد الغرب أنها ستقصم ظهر بوتن إضافة إلى تحول الحرب إلى حرب عصابات على غرار الحرب الأفغانية التي انتهت بخروج الجيش السوفيتي منهزماً دون تحقيق هدف!

غاية ما يسعى إليه الغرب هو كسر غرور الرئيس بوتن الذي يظهر نفسه بطل عودة روسيا العظمى لتشكل القطب الشرقي الذي يهدد الغرب بصواريخه الإستراتيجية العابرة للقارات وطائراته بعيدة المدى وغواصاته النووية عبر المحيطات.

مثل هذه المقامرة إن حصلت من بوتن فقد تكون نهاية الحقبة القيصرية للسيد بوتن الذي أعاد روسيا لنادي الكبار وقمة العشرين بقوة عسكرية ضاربة واقتصاد قوي وسلاح ردع ومرعب!! 

ولكن هل يمكن للرئيس بوتن أن يبتلع الطعم الغربي أم أن حسه المخابراتي في إلـ KGB  سيسعفه ويجعله ينظر للموضوع من زوايا متعددة يكون من مخرجاتها ضربة سريعة لاحتلال دونباس مثلاً تحت ذريعة استعادة الإقليم الروسي إسوة بشبه جزيرة القرم وتشجيع استقلال بعض الأقاليم والإعتراف بها كدول مثل لوغانسك ودانيتسك واستقلال دونباس التي صوت مجلس الدوما الروسي الثلاثاء 15/2/2022م لصالح مشروع قرار الاعتراف بها جمهوريات مستقلة .

من شأن هذا النهج الروسي لصناعة جمهوريات موالية لروسيا أن يعزز ما تراه روسيا أمناً إقليمًا لحدودها الغربية ضد المد الغربي كما أنه سيجعل أوكرانيا دولة منبوذة محاطة بجمهوريات معادية .

اعتقد أن هذه السياسة الروسية قد تحقق ما يريد بوتن من منع تقدم الغرب بإتجاه حدوده الغربية ورفض أي طلب انضمام لأي من الجمهوريات السوفيتية السابقة لحلف الناتو.

لا ننسى الجولات المكوكية التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس لنزع فتيل الأزمة ولربما أعطت بعض الإطمئنان لموسكو بتفهم القلق الروسي على أمنه الإقليمي والذي بدأ واضحاً من خطاب المستشار الألماني وبروز الدعم الصيني والكوري الشمالي للموقف الروسي.

اعتقد أن الرئيس الروسي قد حقق إلى الآن عدد من الأهداف الإستراتيجية التي يسعى إليها قبل أن تنطلق الرصاصة الأولى التي لن يكون العالم بعدها كما كان قبلها, لذا فإن القادة العسكريين الروس يدركون تماماً ماذا يعني الدخول في حرب على مختلف الجبهات امام تحالف غربي ضخم وربما الظروف الاقتصادية للعالم بعد جائحة كورونا لن تعطي المزيد من الغطاء الاقتصادي لحرب طويلة أو حرب استنزاف قد يطول أمدها وتتغير معايير الحرب بعد مشاهدة أول الجثث على الأرض وأول المنازل يتهاوى على من بداخله من النساء والأطفال !!

أرى في تقديري أن العالم ادرك أن الحروب لا تأتي إلا بالخراب والدمار والشواهد حاضرة في العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن وكيف أن الجميع ينادون الأطراف بالحوار وإيقاف الحرب .

ولعل المملكة العربية السعودية من أوائل دول العالم التي تنادي دوماً بتغليب لغة الحوار والسلام، ولذا نراها قدمت العديد من المبادرات السلمية لإيقاف الحرب في اليمن وسط تعنت ميليشيا الحوثي ومن يدعمها في إيران ولبنان وغيرهم. 

سيكون انتصاراً لبوتن لو سحب قواته وأبقى الإصبع على الزناد إذا لم يمتنع الغرب عن تهديد حدود روسيا وربما يكون هذا الطلب غاية ما يطمح له اما ابتلاع أوكرانيا عسكريا فلن يكون أكثر من مغامرة لا تلبث أن تفشل.

ولذا سوف ننتظر الأيام القادمة لنرى إجابة سؤال عنوان هذا المقال !


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي