علي الخزيم
= بعض حسابات مواقع التواصل الاجتماعي باتت كالمسارح الهزلية باهتة المحتوى وإن لم يقصد أصحابها الاستظراف والفكاهة؛ هم -بزعمهم- ينشرون مُحتوى جادًا غير أن المتلقي النَّابِه يراه كالدعابة المضحكة ومِمّا يثير الاستغراب؛ وبعد التأمل يصل المتصفح لمرحلة الاستنكار والتذمر من مضامين تلك الحسابات، إذ إنها لا تُلامِس الواقع وطبيعة الأشياء، فيكون الانطباع تجاهها سِلبيًا يَنْبذ جملة ما يطرح من تُرَّهات كان الهدف منها مصالح ومكاسب شخصية لا تلبث أن تنكشف للملأ مِن المتابعين؛ وحين تكررها تلك الحسابات تكون النتيجة النهائية حذف المتابعة والحظر.
= فمِمَّا لفتني من بعض تلك الحسابات ما نشره أحدهم يمتدح خلطة وصفها بالفعَّالة للرجال غايتها كما قال:(تكثيف الشَّنب) والذقن؛ وأضاف بأنها (مُجرَّبة)، وهذه المفردة الأخيرة هي وسيلتهم الوحيدة دون أي مُستمسَك أو سند توثيقي لتأكيد مزاعمهم حين نشر مثل تلك الأباطيل لخداع الغافلين وسرقة أموالهم دون عناء يذكر، فبعض البسطاء تأسره كلمة (مُجَرَّب) فيندفع لطلب الخلطة لإكمال رجولته بتكثيف شنبه وكأن الرجولة لا تكتمل ولا تتوافر دون شَنب(شارب) كثيف (يَقَع عليه الطير).
= والأعجب من هذه الخلطة ما زعمه ونشره أفَّاق آخر بأن:(صوف أسفل إليَة الخروف إذا خُلط بكذا وكذا يُشفي آلام الرُّكبة والمفاصل)؛ وإن لديه كَمّية محدودة من خلطاته العجيبة، والسعر مُحدد مُسبقًا؛ وإذا استغفل وضحك على مجموعة من الغافلين وجمع غَلَّته منهم، يُبدِّل رقم هاتفه أو موقع التواصل ليبدأ بأكذوبة جديدة، ومُدَّع ثالث يؤكد أن بذور بعض الخضار والفواكه تزيد الرغبة الجنسية، فيستغل وأمثاله ما يقوله العِلم:(إن بذور نبات محدد قد تبعث النشاط العام بالجسم) إلَّا أن الأفاقين يستغلون مثل هذه المعلومة بتركيب خلطات عشوائية لا تَمُتّ للعلم بصلة ويخلطها أو يمزجها بمحلول أو مسحوق مُنشّط جِنسي مُرخَّص؛ ثم يبيعون خلطاتهم على الغافلين بثمن باهظ، وبعد جَني المال يتوارون ويبدلون جلدهم ومُعرّفاتهم الإلكترونية تمهيدًا لخداع جديد، ويساعدهم على الغِش والتدليس متابعة بعض السذج لهم.
= واللافت كثيرًا حديثهم -بغير علم- ولهدف مادي بحت عن (هرمون الذكورة التستوستيرون) ووظائفه الأساس عند الرجال كنمو العضلات وكثافة العظام والشعر وإنتاج الحيوانات المنوية والدافع الجنسي، ودوره لصحة الجِنسَين بتنظيم وظائف الإنجاب والطاقة، فتجد التركيز المُكَثف على هذا الموضوع بتسلسل من التغريدات والتعليقات عليها بمعلومات يزعم أصحابها أنها تستند إلى أساس علمي طبي؛ ثم يُفنّدها كثير من أصحاب الاختصاص ويُسفّهون ما جاء بها من خلل علمي مَعرفي؛ ويكشفون أن الغرض من مثل تلك التغريدات و(الثريدات) هو جلب المتابعين والتفاعل الإلكتروني معها ولنَيل مكافآت المِنصّات المُشغلة.
= وحينما يتشبَّثون بحجّة (التجربة والدراسة) المزعومة؛ أي غير مُثبتة ولا مُحَكَّمة دوليًا: فإنهم يكشفون أنفسهم وفشل محاولاتهم بالكذب والخداع وزائف القول لتحقيق أهدافهم المشبوهة؛ ويجب التنبيه إلى أن كثيرًا من الحسابات ذات المحتوى المُشار إليه أعلاه هي حسابات لأفراد ينتحلون صفات ليست لهم وهم من طوائف وفئات وأجناس قد لا تكون بالضرورة داخل المملكة، وإن كان بعضهم يعيش بيننا؛ فقد أصبح كشفهم والحذر منهم واجب الجميع.

