: آخر تحديث

نقمة وفتنة

1
1
1

سارة النومس

تحدثت ذات يوم مع زميل عن الحياة الاجتماعية الخليجية، وقال إننا في الكويت نحاول دائماً أن نكون أصحاب مشاريع ونجتهد لننجح كي نصبح أثرياء أكثر، وطرح أمثلة على المسلسلات الكويتية التي بدأت من أواخر التسعينات بوضع شخصيات ثرية ويسعى الطامعون لسرقة شركته، وتصوير البيوت الكويتية المشابهة للقصور وحياة الأثرياء المليئة بالتباهي والتفاخر والغرور في حين الشاشة الكويتية سابقاً كانت أكثر واقعية في مسلسلات مثل خالتي قماشة، مبروكة ومحظوظة بوهباش وسليمان الطيب، وغيرها التي تصور قضايا اجتماعية تخص البيت الكويتي في تصوير واقعي في بيت كويتي تقليدي بعيداً عن الزيف والمبالغة.

لقد مرت علينا سنوات صعاب عندما كانت الممثلة ترتدي في كل حلقة خيمة مزينة بالألوان وتضع مساحيق تجميلية بعيدة عن حياتنا الواقعية، نحن لا نعيش كما تعيش العائلات في المسلسلات.

النقطة تلك التي طرحها زميلي، زادت من تساؤلاتي حيث فعلاً أصبحنا نتحدث أكثر عن حياتنا العملية وكيف اصبح الشاب الكويتي يفكر جدياً بامتلاك مشاريع، وماهي الأهداف الحقيقية من تلك المشاريع، إن أغلب المشاريع الشبابية التي نجحت لكنها لم تكتمل، كانت لها أسباب عديدة منها والأهم الرغبة في الحياة المترفة.

أذكر زميلة قامت بعمل مشروع مع زوجها، ونجح ذلك المشروع لكنها انتقدت نفسها عندما لم يكتمل المشروع لانهما كانا يستخدمان الأرباح في شراء حياة الرفاهية من سفر مستمر وارتداء أفخم الماركات العالمية، مما زاد من الثغرات التي ساهمت بشدة في فشل المشروع.

لم تكن هنالك خطط بعيدة المدى لتطوير المشروع وحل المشكلات الصغيرة بدلاً من تجاهلها، لم تكن هنالك أهداف حقيقية لهذين الزوجين لتحقيق النجاح في هذا المشروع سوى اظهار حياة البذخ «لمدة قصيرة».

حياة المشاهير، والمسلسلات التلفزيونية وبعض المتحدثين عن تطوير الذات، ساهموا بخلق فقاعة كبيرة عنوانها «الثراء» وبأنه الحل الوحيد لحل المشكلات والسعادة الأبدية والسبيل لبقاء الزوجة في حياة الزوج على سبيل المثال، والحل لتأمين حياة الأبناء وسعادتهم، وانتشرت تلك النظرة في الأوساط العربية أيضاً.

نحن لا ننكر أن بعض الأثرياء في العالم والذي زاد من شهرتهم هو الثراء الذي وصلوا إليه، عندما يتحدثون عن قصص حياتهم فهم يذكرون تخليهم عن المدرسة أو الجامعة، وبأن ثرائهم كان له أسباب عدة لا علاقة للمدرسة أو الجامعة به. أيضاً لوم المناهج الدراسية وضعف الأداء في أكثر مدارس العالم رسم علاقة لا ثقة بين الناس ومصادر التعليم.

تصوير جانب الثراء لهؤلاء المشاهير أخفى المشاكل النفسية التي تعاني منها تلك الشخصيات، وضعف العلاقات الأسرية والفضائح التي تظهر في العلن فجأة. ولنضع مثال واقعي كجفري ابستين، عندما تسأل شخص ما عنه سيقول في البداية بأنه رجل فاحش الثراء، لا يعرف كثير من الناس في العالم عن الفضائح التي جرت في الفترة الأخيرة بسبب أعماله اللاأخلاقية التي أودت به الى السجن وبالتالي موته.

المال فتنة من فتن الحياه، وعانى أصحابها من كثرتها، إن لم يكن صاحبها فأبنائه فيما بعد، أحيانا يميت المال قلب صاحبها وأحياناً يحفزه على عمل الخير والإفادة للناس، على الإنسان فقط أن يفكر جيداً في هدفه من امتلاك تلك الأموال والى أين ستأخذه؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد