: آخر تحديث

الجاز

3
3
3

لدي عشق لموسيقى الجاز لا أعرف سببه، ولا تهم الأسباب في الحقيقة في المسائل التي تتعلق بالفن، كل الفنون يلفها غموض ساحر، تستسلم له دون أن تبحث عن حقيقته، بالنسبة لي هذا ما يزيد تعلقي بها.

أتحدث عن الجاز بمناسبة المهرجان الذي يقام في القاهرة في دورته السابعة عشرة هذا العام والمهداة إلى زياد الرحباني، أشهر من قدم هذا الفن في عالمنا العربي.

بما أن المهرجان في بدايته، ولم أحضر سوى ثلاثة عروض، في ساقية الصاوي التي احتضنت مهرجان الجاز في سنينه الأولى أول العروض كان لفرقة ألمانية، والعرض الثاني كان للموسيقي المذهل حازم شاهين، الذي كان صديقاً شخصياً لزياد، وتحدث عنه بحب شديد وشجن عميق، وذكر لنا كيف أنتج له زياد ألبومه المسمى ذكر دون عقد أو حسابات، حضوري لعرض حازم شاهين ذكرني بمدى عشقي للجاز، وبالتالي قررت أن أحضر ما وسعني حضوره طوال أيام المهرجان، حضرت في اليوم التالي لفرقة أسود وأبيض وهي كذلك فرقة مصرية تمزج ألحان الجاز بألحان الفلكلور في خلطة عجيبة ممتعة.

لنتحدث عن الجاز، لا أعرف متى بالضبط أغرمت به، وما هي أول أغنية، لابد أن تكون أغنية هي التي دلتني على الموسيقى، لكنني لا أتذكر ما هي هذه الأغنية الساحرة التي شدتني لهذه الموسيقى، ربما هي الطريقة الارتجالية التي يمارسها لاعبو الجاز، تماما كما هي طريقة المطربين العرب في غناء الموال. لكن السبب الحقيقي هو هذا الشعور الدافق بالشجن الذي يمنحني إياه. مضافاً إليها القوة والحيوية. تشاهد ذلك في الموسيقيين الذين يعزفون، حرارة وصدق ومشاعر صاخبة تراها على وجوههم، مسألة تخطف القلب وتعلقك بالجاز أكثر وأكثر، كأن أرواحهم مربوطة بالأكف التي تدق على البيانو وتداعب الجيتار، موجودة على الشفاه التي تنفخ في الساكسفون وموصولة بالعصا التي تدق على الطبول.

لعل روحي الباحثة دائماً عن العدالة أو الشجن الإنساني العميق هي التي دلتني على هذه الموسيقى التي نشأت من رحم معاناة العبيد في جنوب أميركا، هذه الموسيقى التي عزفت وتكونت في نيواورليانز في القرن التاسع عشر.

لا أعرف من أول من عزف الجاز وأدخله في دنيانا وفي موسيقانا العربية، لكنني أدرك الآن أن الكثير من موسيقى وأغنيات زياد الرحباني تنتمي إلى الجاز، والآن صرت لا أعرف، هل هو الذي عود أذني على سماع الجاز العالمي أم أنني أحببت موسيقاه لأنها تنتمي إلى الجاز.

في كل الأحوال، هناك الكثير من الأغنيات العربية التي لا تعرفون أنها جاز وتحبونها وترددونها. أهلا بكم إلى عالم الجاز حتى لو لم تكونوا تعرفون.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد