الضرب في الميت حرام، لكن وزارة الإعلام لا هي ميتة، ولا هي تلفظ أنفاسها، لأنها لم تحتضر حكومياً، لذلك فهي في عداد الأحياء مع شحومها الزائدة، والأعضاء المريضة، والأدوار العليلة!
ترسخت القناعة المهنية بأن سياسة الحكومة، وقراراتها بشأن ملف الجنسية، وسحبها، وفقدها، ظهراً مكشوفاً، فمنذ بداية تنفيذ التوجيهات العليا بشأن الهوية الوطنية، والحفاظ عليها، وقف الإعلام الرسمي متفرجاً، ومتخلياً عن دوره التوعوي إلى أن بلغنا الفراغ الإعلامي!
التاريخ، طبعا، لا تكتبه وزارة الإعلام، لله الحمد، لذلك فنحن بخير من هذه الناحية، لأنها ليست بحساب المنتصر، ولا الخاسر، في معركة الهوية الوطنية، من الناحية السياسية، والإعلامية، فهي مجرد طرف رسمي متفرج، وطرف متنازل طوعياً عن دوره، ومهماته الأساسية!
جروح سياسية، وإعلامية، بليغة أصابت الكويت على المستوى الدولي، لكن الجروح لم يكن صداها أو عمقها في جسد الإعلام الرسمي، الذي يدار بانتقائية، وعشوائية، لكنه إعلام رسمي صامد لاعتبارات مبهمة!
طالت الحملة الإعلامية ضد الكويت الجميع في الدولة، والحكومة، قبل وزارة الداخلية، نتيجة فهم خاطئ، ومعلومات مغلوطة، وبيانات محرّفة، عن السياسات، والمراسيم المعتمدة من صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، بشأن الهوية الوطنية. "إن الشباب والفراغ والجّده، (المال)، مفسدة للمرء أية مفسدة". هكذا لخص بيت من الشعر لأبي العتاهيه الحال حين يضيع فيه الانضباط، وتبدأ المظاهر الشاذة، والانحراف في المجتمع بالبروز، إن لم يحسن استغلال الوقت، والتفسير الموضوعي لأي ظاهرة، أو قضية اجتماعية. اليوم نحن نعيش في بيئة خطرة تهدد المجتمع بكامله، فنحن نعيش اليوم بين مجزرة اجتماعية، متفشية بسبب سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وغياب الوعي في مخاطرها، وسلبياتها، الذي بات يعصف بالوعي العام، وقسوة التعليق، نتيجة تقصير الإعلام الرسمي بشأن الهوية الوطنية.
الهوية الوطنية ليست أغاني، واحتفالات، وأعلاما، وصورا، وخطابات رنانة، ولقاءات أنيقة، فهي قضية لم تحسن وزارة الإعلام صناعة رسالة لها، وقناعة عميقة، لدعمها اجتماعياً وسياسياً، لذلك لدينا قضايا تخص شبابا وشابات تحفز بقصد أو دون قصد على سوء التعبير عن قضية شائكة. ملف الهوية الوطنية ليس بسيطاً لكي تستوعبه عقول شابة تبحث عن سد فراغ زمني، أو حصاد مشاهدين، ومتابعين لهم عبر منصات تواصل اجتماعي ذات إغراءات مكلفة على المجتمع، والأسرة، من حيث التبعات الاجتماعية، والمساءلة القانونية. هل لدينا حملة توعوية واكبت ملف الهوية الوطنية منذ بداياته؟ الجواب: لا، ليس لدينا خطة إعلامية رسمية؛ ولذلك لدينا ضحايا، ولدينا قضايا قانونية، لكن الأمر في شدة الغرابة في عدم مساءلة وزارة الإعلام عن التقصير، والإهمال! بالتأكيد، ليست مسؤولية وزارة الداخلية في إطلاق حملة وطنية توعوية عن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مناقشة، سطحية أو عبثية، للهوية الوطنية، والجناسي، وشرح مخاطر سوء الاستغلال للإعلام الرقمي، لأنها من صلب اختصاص وزارة الإعلام.
هل سيستمر مشهد الظهر المكشوف لقرارات وسياسات، سيادية، وأمنية؟ لا أدري! لكنني، أدري أن وزارة الإعلام مقصرة جداً، وأدري أنها لم تحم المجتمع من حالات الانزلاق إلى المجزرة الاجتماعية، والرضوخ لإغراءات قاتلة لمنصات التواصل الاجتماعي، في ظل غياب تام لحملة وطنية توعوية، يمكن أن تنقذ المجتمع، والأفراد من محظورات قانونية، ودستورية.