خالد بن حمد المالك
تحركتْ القوات الإسرائيلية بأعداد هائلة، وباستعدادات غير مسبوقة، ودخلت إلى قطاع غزة بعدة تشكيلات، بنشر ألوية المشاة والمدرعات، وانضمام لواء المظليين، معلنة توسيع العمليات ونطاق الحرب، والعزم على إنهاء حماس، واحتلال القطاع مهما كلَّف ذلك من ثمن.
* *
تأتي هذه التطورات متزامنةً مع تجويع الفلسطينيين، ومنع توزيع الغذاء عليهم ما أدى إلى زيادة تفاقم الكارثة التي يعانون منها، وليس حلها في الهروب الإسرائيلي من الانتقادات الدولية لإرهابها المتمثل في حرب الإبادة عسكرياً وغذائياً.
* *
وبينما يراقب العالم ما يجري في قطاع غزة من جرائم، وأعمال عسكرية إسرائيلية عدائية ترتقي إلى وصفها بحرب إبادة، بالشواهد، والوثائق، والأعمال اللا إنسانية التي يقوم بها العدو الإسرائيلي، يكتفي العالم بدعوة إسرائيل دون فعل بإيقاف قتلها للفلسطينيين، فيما لا تلقي تل أبيب بالاً لمثل هذه الدعوات.
* *
العالم أمام ما يجري لا يشغله شاغل عن الدعوة لإطلاق الرهائن لدى حركة حماس، وهم لا يزيدون عن حوالي ستين رهينة، فيما يقبع في سجون إسرائيل، وبين عتاة الإرهابيين والجلادين عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ولا تسمع من يطالب بإطلاقهم ولو بالتبادل بين ما هو تحت أيدي حماس، ومن هم في قبضة إسرائيل.
* *
ومع استعداد حماس للإفراج عن من لديها من الرهائن، وفق ما كان قد تم الاتفاق عليه، أنجزت المرحلة الأولى من الاتفاق، وتنصلت إسرائيل من المرحلتين الثانية والثالثة، فإنها الآن لا تمانع من الإفراج عنهم دفعة واحدة، مقابل إيقاف الحرب، وانسحاب إسرائيل من غزة، وتبادل الأسرى بين الجانبين، غير أن إسرائيل ترى أن هدف حربها بمثل هذا الاتفاق لا يتحقق.
* *
وما يجري هو جريمة حرب إبادة، ومستعمر محتل يريد تهجير الأحياء من المواطنين إلى ديار بعيدة، واستكمال احتلال ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، سواء في قطاع غزة، أو في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وهو توجه إسرائيلي عدواني واستعماري لا يقابل من العالم بالحزم المطلوب لثني إسرائيل عن تحقيق أطماعها.
* *
وأمام هذا الوضع الذي نراه، فمن غير الممكن تحقيق الأمن والاستقرار لإسرائيل وللفلسطينيين، وامتداداً إلى المنطقة، فالعالم، ولهذا آن الأوان لحصول اختراق مهم لعلاقة أمريكا والغرب بإسرائيل، وقلب معادلة هذه العلاقة، بما لا يجعل إسرائيل تستقوي بهذه الدول لتنفيذ أجندتها الاستعمارية، واحتفاظها بالأراضي الفلسطينية التي احتلتها في حرب عام 1967م.
* *
إسرائيل لن تتراجع عن هذه السياسة، طالما وجدت الدعم والتعضيد والمساندة، من أمريكا ودول أوروبا، وسوف تواصل عدوانها على سوريا ولبنان وعلى قطاع غزة والضفة الغربية، موهمة داعميها بأنها تدافع عن وجودها وأمنها واستقرارها، ويأتي في قائمة هذا الدفاع رفضها قيام دولة للفلسطينيين، واحتلال مواقع إستراتيجية لها في كل من سوريا ولبنان، ورفض أي انسحاب من أي جزء منها، مستندة إلى تفوقها العسكري، ودعم الغرب لها.