علي الخزيم
* حالة من الجَذَل والفخر وأنا أشاهد -كمثال- ثُلَّة من الشباب السعودي من الجنسين وهم يتقدمون بكل ثقة واعتزاز يتوشحون زِيّهم الوطني؛ الثوب والغترة أو الشماغ والعقال للأبناء؛ والثوب الفضفاض وغطاء الرأس المحتشم للبنات لينافسوا أمثالهم من بلاد الله الواسعة بالمنافسات والمسابقات الثقافية العلمية والرياضية، زِيّ وطني مُوحَّد يرمز لثقافة وتراث الأجداد الأصيل؛ لا ابتذال فيه ولا ميوعة؛ ولا عَرض لمفاتن الفتيات؛ ولا مظاهر شاذة متنافرة مقززة تبدو من الشبان أبناء الوطن؛ تجردوا من قشور المظاهر الزائفة البالية وحملوا العلم المتقدم المستمد من نتاج عقول العرب الأجداد ليقولوا للعالم: ها نحن نعود بإرث الآباء كمجد لم يندثر وليؤكد للعالم قاطبة أننا باقون ثابتون بعز وكرامة!
* كما أن ولاة الأمر وقادة البلاد -أيَّدهم الله سبحانه- يُقدّمون دروسًا وإشارات لطيفة بهذا الشأن وهم يلتزمون بالزي الوطني بالمناسبات والمحافل الدولية؛ ويعتمدونه كقاعدة رسمية حين استقبال ضيوفهم من قادة الدول الشقيقة والصديقة كَلَفتة كريمة للدعوة للتمسك بما كان عليه السابقون -غفر الله لهم- وتركوا لنا أمانة التشبث بتراثهم المجيد بما فيه من أدوات ومادة للفخر والشَّمَم؛ ومنها رمزية الملابس السعودية الأصيلة المنسجمة مع ما كان يرتديه الأجداد وإن حُسِّنَت بلمسات تزيدها أُبَّهَة ومهابة؛ وتُكَرّسها بأصالة منبعها ولا تحرفها عن جذورها العريقة بالتراث العربي الأصيل.
* كما أن التوجيهات التي صدرت مؤخرًا بشأن اعتماد الزي الوطني لطلاب المدارس وتحديد زِي لكل مستوى تعليمي للبنين والبنات يُعَد مؤشرًا ملموسًا وإضاءة ساطعة بهذا الاتجاه التأصيلي بما يخص مظهرنا وملابسنا بمجتمعاتنا وأمام الأجناس الأخرى؛ وهو إعلان صريح شجاع يقول بصوت فصيح: إننا نفتخر بأزيائنا العربية الأصيلة؛ ونُباهي بها ونتعلق بمخرجاتها ومعطياتها الفنية التراثية؛ وبمراسمها التي تليق بها (وبِنا) بكل موقف وموسم وعيد وليالي الفرح السعيد؛ وحَرِي بنا الآن وقد تكالبت وسائل التواصل الاجتماعي تُصور وتنقل منتجات ما تسمى (دور الأزياء والموضة) أن نقف بحزم وعزم لنقول للأجيال: (هذه لم تَكُن ولن تكون لكم؛ فملابس أجدادكم هي وحدها من تُشرفكم وتحفظ كرامتكم).
* يرى البعض أنه لا بأس بإعطاء الأجيال الناشئة هامشًا من المرونة لارتداء بعض منتجات الملابس الخفيفة المتنوعة بأشكالها وألوانها لا سيما ملابس الرياضة والمرح بالحدائق والمنتزهات؛ وحين التوجه لبعض المواقع التي لا تمييز فيها بين زي وآخر، غير أن هذا يلزمه دروس بين فَينَة وأخرى؛ لتأكيد مبدأ التزام الزي الوطني التراثي لئلا يتمادى الصغار ويألفون تلك الملابس فتبعدهم عن الثوب والغترة والعقال والمِشلَح (العباءة الرجالية)؛ فمقابل تلك المرونة المصاحبة للنزهات والرحلات تكون قاعدة الالتزام بالأصالة حاضرة تلقائيًا بحياتنا اليومية وزياراتنا ومناسباتنا؛ وتعويدهم الإصرار عليها بلا تهاون يفقدهم تدريجيًا معنى الالتصاق والاعتزاز بموروثنا العربي المجيد.
* وبكل الأحوال: تظل أزياؤنا العربية السعودية عندنا حاضرة ورمزًا للأصالة والهُويَّة الوطنية بمملكتنا الحبيبة حرسها الله؛ وتتعاضد مكونات الزِّي السعودي لتُقدّم للناظر مَظهرا بَهيا مهيبا؛ ولكل مكانته الاجتماعية التي تزيدها القيافة وحُسن المظهر وجمال المَلبس ألقًا وزهوًا؛ وفوق كل هذا فخرًا وأصالة عربية.