: آخر تحديث

حين يُقوِّمُ الطريقُ أخلاقنا... عن قانون المرور الجديد

0
0
0

مبارك الهزاع

لعلّكَ لا تحتاج أن تزور مدرسةً أو تقرأ سطورَ كتابٍ لتُدرك أخلاقَ شعبٍ ما، يكفي أن تقف على قارعة طريق، وتشاهد كيف يقود الناس سياراتهم. كيف يتعاملون مع إشارةٍ حمراء؟ كيف يتصرفون عند منعطفٍ ضيّق؟ من يترك المجال لغيره؟ ومن يُصّر على أن يكون أول من يعبر، ولو على حساب الأرواح؟!

لسنواتٍ طويلة، عشنا فوضى الشوارع. لم يكن الطريق فقط وسيلةً للعبور، بل ساحةً تُختَبرُ فيها أخلاقنا... وسقطنا في الاختبار كثيراً. تهورٌ، ولامبالاة، وصوتُ منبّهٍ لا يتوقف، وسائقٌ يغضب من وقوف عجوزٍ أو عبور طفل، وكأن عجلة الزمن لن تسير إلا باندفاعه.

لكن، جاء قانون المرور الجديد. ليس كعقوبةٍ فقط، بل كفرصة لإعادة ضبط إيقاع السلوك العام. جاء ليقول لنا: كفى. كفى استهتاراً، كفى تجاهلاً لحياة الناس، كفى فوضى.

هذا القانون ليس مجرد لائحة وغرامات، بل هو مرآة نُشاهد فيها أخلاقنا. من يلتزم به، لا يفعل ذلك خوفاً من الرادار، بل احتراماً للناس، للزمن، للمدينة. هو إعلان ضمني أن «الشارع لنا جميعاً»، وأن «القيادة ليست مهارة، بل أخلاق».

لو أردت أن تعرف تحضر مدينة، فلا تسأل عن ناطحات السحاب، ولا عن عدد المقاهي، بل انظر في عيون السائقين حين تتوقف حركة المرور. هل يصبرون؟ هل يبتسمون؟ هل يتركون مجالاً لغيرهم؟ أم يزمجرون كأن العالم ضاق عليهم بما رحُب؟

نحن لا نحتاج مزيداً من القوانين بقدر ما نحتاج إلى روح القانون. فحين تلتزم بالإشارة، فأنت لا تُرضي القانون، بل تكرّم حياةً ربما تنجو بسبب وقوفك.

وفي النهاية، القيادة مرآتنا. فإن أردنا مجتمعاً متحضّراً، فلنبدأ من الشارع... من احترامنا للشارع، وللناس، ولأنفسنا قبل كل شيء.

ولأنك حين تلتزم، لا تقود سيارتك فقط... بل تقود مجتمعاً نحو الأفضل.

[email protected]


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد