: آخر تحديث

علاقات «إماراتية -هندية» متطورة

6
6
6

محمد خلفان الصوافي

التطور والنمو هو ما يميز العلاقات الإماراتية - الهندية، لذا فإن الزيارة التي قام بها، مؤخراً، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى جمهورية الهند الصديقة، تمثل واحدة من الخطوات المهمة في منهجية تطوير وترسيخ تلك العلاقة التاريخية الممتدة عبر التاريخ.

اتسمت الزيارة بقدر كبير من التركيز على الإنجاز السمة الأصيلة في الأداء الدبلوماسي الإماراتي، وبالتأكيد على الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تم توقيعها في العام 2022، وتشير إلى طفرة إيجابية وآفاقها في العلاقات الثنائية خلال المرحلة المقبلة كنتيجة لحالة النمو في هذه العلاقة.

والهند هي دولة منفتحة كثيراً على العلاقات مع دولة الإمارات، خاصة منذ وصول رئيس وزرائها الحالي، ناريندرا مودي، إلى السلطة في العام 2014، حيث شهدت الفترة الأخيرة العديد من الزيارات المتبادلة على المستوى القيادي.

من غير حاجة البلدين (الإمارات والهند) لتطوير علاقتهما فإن المتغيرات المتسارعة، التي تشهدها المنطقة منذ قرابة العامين، وكذلك الظروف الجيوسياسية والتطورات في العالم، التي تحمل مؤشرات معقدة؛ كفيلة بأن تبرز احتياج علاقات التعاون بين الشركاء الاستراتيجيين، ولا سيما تلك التي تمتاز بنوع من النشاط الدبلوماسي والتأثير الإيجابي المرتكز على الإنجاز الاقتصادي، إلى التحاور والمناقشة لتشكيل رؤية مشتركة؛ فالحاجة إلى تفاعل متواصل ودائم والتشاور، بلا شك، تصنع فرصاً دبلوماسية ليس فقط لتعزيز التعاون الثنائي والتفاهم المشترك، وإنما للمساعدة في إيجاد مخارج للأزمات المتلاحقة والمعقدة.

الهند في حقيقتها هي الدولة الأقل ضجيجاً في موضوع الصعود الاقتصادي، ولكنها في الحقيقة لا تقل طموحاً عن الصين في أن تكون قوة عالمية، فهي الدولة الخامسة من حيث الناتج المحلي الإجمالي عالمياً، ولديها مشروعها الاقتصادي المعروف بــ«الممر الاقتصادي، الذي يربط الهند بأوروبا» مروراً بالدول الخليجية، وتحديداً المحطة الأولى لهذا الممر هي دولة الإمارات، والذي تم إعلانه في العام 2023، كما أن الهند تستورد ثلث احتياجها من النفط من الدول الخليجية، ومع بروز النمو الاقتصادي بلا شك سيزداد احتياجها للنفط الخليجي، والأكثر من ذلك فالهند تعيش ثورة تقنية كبرى، وهو الجانب الاستراتيجي التي تركز فيه الإمارات استثماراتها مؤخراً.

إن حصاد زيارة سمو الشيخ حمدان بن محمد، التي تصادف مئوية زيارة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، مؤسس دبي الحديثة، داخل أروقة صناعة القرار الهندي ولقاءاته السياسية والاقتصادية العديدة، التي شملت الرئيس الهندي وكبار المسؤولين على الساحة الهندية؛ عكست ملاحظات مهمة، أبرزها أن العلاقات الإماراتية - الهندية تسير إلى الأمام، انطلاقاً من الأسس التاريخية، وانطلاقاً من الإرادة الثنائية للقيادتين السياسيتين في البلدين، حيث انعكس هذا النهج في العديد من تصريحات المسؤولين في البلدين.

يكشف التنسيق الثنائي بين البلدين في العديد من الملفات التعاونية وإدارة الحوار بينهما الانفتاح في وجهات النظر كافة، وعلى طرق الأبواب كلها من أجل بلورة قناعات مشتركة تعزز علاقات التعاون بين البلدين، فإذا كان البعد التنموي الشامل هو الملف الأهم في هذه العلاقات فإن مسألة تحول مكانة المنطقة لتكون مسرحاً للاستراتيجية العالمية بما يعرف بـ«الاندوباسفيك» تجعل من الزيارة ذات أهمية في مجال تقدير تطورات الوضع الدولي على المنطقة من أجل بناء فهم مشترك حول القضايا التي تهم البلدين.

إن العلاقة الإماراتية - الهندية قديمة جداً، وهي تتكيف من حيث الاهتمام حسب المتغيرات المحلية والعالمية، وبلا شك المتغير الأهم اليوم هي الحالة الاقتصادية العالمية الناتجة عن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن فرض ضرائب على واردات دول العالم، وبالتالي فمثل هذه الزيارات تعمل على تأطيرها تلك العلاقة بما يتناسب والتحولات الكبرى في العالم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد