هذا الطرح صادر عن الرئيس جوزيف عون بوصفه المدخل المعنوي الضروري لتغليف مطلب نزع سلاح "حزب الله" بمظهر يحفظ ماء وجه الحزب ومعنويات النواة الصلبة الملتزمة التي تحيط به. ونحن إذ ندرك ان للرئيس أسبابا تدفعه إلى اختيار هذه البوابة للولوج إلى مسألة سلاح الحزب المذكور الشائكة، نلفت النظر إلى مسألتين: الأولى، ان نزع السلاح ليس اختياريا، بل انه فرض خارجي وداخلي على حد سواء. أوقد انتهت صلاحية السلاح المشار اليه، وبات مرفوضا بشكل تام، ولا يمكن التهرب من الاستحقاق إلى ما لا نهاية. فالزالزال حصل، وحصد "محور الممانعة"، لن ينتهي قبل ان يتم تفكيك كامل منظومة المحور المذكور. وإيران راعية "حزب الله" أسقطت موازين القوى الحاسمة لصالح اميركا وإسرائيل كل خطوطها الحمراء، وهي ذاهبة يوم السبت المقبل للجلوس إلى طاولة التفاوض في سلطنة عمان عملا ان خياراتها محدودة للغاية فيما يتعلق ببرنامجها النووي العسكري السري، وبرنامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة البعيدة المدى، وأخيرا ليس أخر أذرعها وميليشياتها وفي المقدمة "حزب الله".
المسألة الثانية التي نود لفت النظر اليها تتعلق بضرورة التسريع في انجاز تفاهم مع الحزب لتسليم كامل أسلحته، وتفكيك منظومته العسكرية و الأمنية و الانتقال إلى العمل السياسي البحت تحت سلطة القانون. والأهم انها تتعلق بواقع استحالة القبول بما يتم الترويج له في الأوساط السياسية عن صيغ لحل ازمة سلاح الحزب عبر تشكيل لواء إقليمي، او فرقة عسكرية داخل الجيش تحت مسمى "أنصار الجيش" يتم فيها تجميع المقاتلين مع أسلحتهم بإمرة الجيش في صيغة مشابهة لتجربة "الحشد الشعبي" العراقي السيئ الذكر. ان صح الكلام عن وجود أفكار مشابهة مطروحة على طاولة البحث فإن على المسؤولين السياسيين توقع ازمة كبيرة في البلد، مؤداها ازمة داخلية ستدفع كل المكونات إلى المطالبة بجيوش مذهبية محلية شبيهة ب "حزب الله". لن يقبل أي مكون في الداخل بأي صيغة مستنسخة عن "الحشد الشعبي" العراقي الذي يُنظر ليه على انه تجمع لشذّاذ الأفق في "بلاد الرافدين". فأي توجه من هذا القبيل سيؤدي إلى خلق فدرالية امنية وعسكرية في لبنان. والمطلوب هو تعزيز الجيش اللبناني وليس استيلاد ميليشيات مذهبية لتأبيد تجربة "حزب الله" الكارثية.
من هنا أملنا من المسؤولين وفي مقدمهم الرئيسان جوزيف عون ونواف سلام ان يجعلا من أي صيغة ملطّفة اكانت مؤتمر حوار وطني او حوار ثنائي بين الدولة والحزب منطلقا لتسليم السلاح، كل السلاح بلا إبطاء، وتجنب الغرق في رمال النقاشات العقيمة المتحركة. المهم تجنب الخلط بين استراتيجية الامن والدفاع الوطني ونزع سلاح الحزب غير الشرعي. في الشق الأول لدينا متسع من الوقت للدراسة واتخاذ القرارات، اما في الشق الثاني فالمطلوب التنفيذ فورا.
أمامنا استحقاقات داهمة. والشرعية اللبنانية مطالبة بإنجازات تعزز من قوة مشروع الدولة. وأول الطريق انهاء ظاهرة السلاح من خارج الشرعية في اسرع وقت.