: آخر تحديث

محمد الطويان.. الفنان الإنسان والممثل الاستثنائي

8
9
6

عبده الأسمري

طوى صفحات «المسيرة» على صفحات زاهية بالإنسانية والمهنية والاحترافية والتي وزعها كمهر لأعراس «التتويج» الذي كان فيها «الفارس» المتوج بالفن و»الممارس» المكرم بالدور.

ما بين «التمثيل» و»التشكيل» وزع «إهداءات» الفنون على طبق من «عجب» في ثنايا المسلسلات وأمام أصداء اللوحات بعد أن حول «الشخصيات» إلى «ظواهر» تستدعي الاقتدار و»الرسومات» إلى «شواغر» تتطلب الابتكار.

ما بين «حظيظ» بتشديد الظاء و»أبو ضاري» بتمديد الياء كان «المحظوظ» الذي داعب «الصدف» وحولها إلى «واقع» قائم على «زوايا» منفرجة على «الأداء» حتى ظل «محور» الارتكاز الذي أجاد صناعة «السيناريو» و»المدير الفني» الذي تمكن من توزيع «الخطط» في قوالب فنية جعلته «الفنان» الشهم صاحب «المروءة» الشخصية الذي حول «الأدوار» إلى ميدان إنساني وعنوان مهني كتبه بخطوط عريضة من المهارة ووضع له حدودا متينة من الجدارة ارتبطت بحضوره وترابطت مع تواجده.

إنه الفنان السعودي الشهير محمد الطويان -رحمه الله- أحد أبرز الأسماء الفنية المتميزة في الوطن والخليج.

بوجه «وطني» وسحنة بدوية ندية مزيجة ما بين «سحر البداوة» و»نبل القرية» و»حظوة المدينة» في تشكيل ثلاثي جمعته ملامحه واستجمعه صوته.. وعينان لماحتان تتوارد منها نظرات «الطيبة» ولمحات «الرحمة «مع أناقة مزيجة بين «النجدية والشمالية» بحكم النشأة والتنشئة وشخصية هادئة المحيا لطيفة القول شيقة التواجد مألوفة الظهور مسجوعة بنبل السمات وجميل الصفات وصوت ذي لكنة نجدية وسكنة شمالية مزيج من «مد» البدايات و»جزر» النهايات في عبارات تواءمت ما بين التراجيديا والكوميديا في مساحة «العمل» واعتبارات تكاملت من الفطرة إلى العفوية في ساحة «التعامل».. وصوت جهوري مسجوع بلغة فنية ذات مقام دقيق ولهجة فطرية ذات إلهام عميق، وكاريزما تتقاطر أدباً، وتتسطر تهذيباً وتتجلى خلقاً وحضورا فاخرا بالأعمال الراسخة في الذاكرة والشخصيات الحاضرة في الاستذكار، قضى الطويان من عمره عقودا، وهو يكتشف «المواهب» ويرسخ «الرسالة» ويوظف «المهمة» فناناً ومبدعاً وتشكيلياً وكاتباً ومسرحياً، كتب سيرته كرائد من رواد «الفن السعودي» واسماً فريداً بالعطاء في مجال المسرح والتلفزيون والسينما.

في عمان عاصمة «الأردن» أرض التاريخ وموطن النشامى ولد عام 1954 في نهار مجلل بالفرح ومكلل بالسرور، حيث ازدانت «منازل» الجيران بتباشير القدوم وتعابير المقدم وسط بيئة «متعاضدة» ترى في أنباء «المواليد» محافل يتشارك فيها الجميع تحت راية «البهجة «وغاية «المهجة»، وأطلق عليه والده «محمد» الاسم المبروك والمسمى الشائع في الحضر والبادية.

تفتحت عيناه على «أب كريم» يمتهن «التجارة» ويهوى «الترحال» بحكم «المتاجرة واحتكام «المثابرة» مما جعله في «محطات» انتظار حافلة بالاشتياق مع عودة أبيه في كل رحلة عبر قوافل العقيلات حيث ظل يستأنس بتلك «الحكايات» الموشحة بالحنين والأنين واليقين، والتي كان والده يزرعها في أعماقه حتى يتعلم «المصابرة» والمضي على دروب «الأمنيات» بوقع الاجتهاد وواقع السداد، فنشأ وفي قلبه «رياحين» النصح وكبر، وفي فؤاده «مضامين» التوجيه.

ارتمى الطويان في حضن «أمه» طفلاً حيث سدت فراغ»سفر» والده بموجبات «الحنان» وعزائم «العاطفة»، فكان متعلقاً بها، وظل يملأ مساءاتها بشقاوة مبكرة ظلت تقابلها بحفاوة مبهرة جعلته يرى في عينيها وميض العمر، ويلمح في محياها بريق الحياة.

ما بين الشام المعطرة بروائح «الياسمين» وبريدة المتزينة بمنازل «الطين» انتهل الطويان من «تفاصيل» الأرض جلادة البدايات، ومن «مواويل» الزمان صلابة الذات فكان شغوفاً بتلك «القصص» المحفوظة في صدور «الرجال» والتي حفظها عن والده بالإرث الشعبي، وكانت بمثابة «التأصيل» لمرحلة ضاربة في عمق»الاحتذاء».

وعلى عتبات «التنقل» مضى الطويان جزءًا من عمره في شمال السعودية حيث تجاذب مع أطراف القرى وتعانق مع عبير الخزامى وأثير النفل واستنشق نسمات «الصحراء» وتعتقت نفسه بعبق «العود» في مجالس الطيبين، وتشربت روحه أنفاس «الشهامة» في مرابع الأولين، فكبر وفي قلبه «أناشيد» الطفولة وفي روحه «أسانيد» الرجولة، وظل يبهج قومه بوعود «أولى» لصناعة «المستقبل» رغماً عن «عقبات» الاغتراب وعتبات «الارتحال».

أتم الطويان تعليمه ما بين «مدارس» مختلفة تعلم فيها مناهج متعددة، وكان خلالها متفوقاً ينشد «التميز» وظل يبحث عن «أطياف» رافقت خياله واستعمرت واقعه بعد أن أنصت طفلاً لصوت «الأماني» في المسلسلات الإذاعية عبر مذياع أسرته «العتيق»، حيث بدأ ترتيب مواعيد «التفاني» على أسوار الطموح.

طار الطويان إلى الولايات المتحدة الامريكية لدراسة المسرح، ثم عاد إلى «أرض الوطن» حاملاً في حقيبته «الزاهرة» منهجيات مختلفة لتحويل «الإرث» الشعبي وتمويل «الفن» المحلي بعوائد «التعلم» الذي جناه وعاد ليسخره في خدمة «الدراما والمسرح والكوميديا»، وبدأ في كتابة بعض النصوص الدرامية وشارك في شخصيات متنوعة تمكن من أدائها بقدرة عالية مزجت ما بين الموهبة والمهارة والدافعية في حلقات متفرقة من مسلسلات عديدة، وقادته مسيرته المبكرة وخبرته الباكرة إلى اكتشاف فنانين ومخرجين من السعودية وخارجها، ومنهم المخرج نجدت أنزور والممثلون أيمن زيدان وناصر القصبي وعبد الله السدحان وغيرهم.

بدأ التمثيل من خلال عدة مسلسلات وسهرات متلفزة بدأها منذ عام 1965 واستمر فيها حتى عام 1974 ثم انطلق إلى ميادين مختلفة وأشتهر بدور «حظيظ» في مسلسل «السعد وعد» الذي تم عرضه عام 1982 وفي عام 1985 شارك في مسلسل عودة عصويد، كما شارك في عشرة مواسم متسلسلة من مسلسل طاش ما طاش، وغشمشم 2009، وسلفي، ولعبة الكبار، ومكان في القلب. وأبو الملايين ومن أشهر مسلسلاته: «فرج الله والزمان»، «أحلام سعيدة»، «أصايل»، «خلك معي»، «أبو رش رش»، «مكان في القلب»، «عقاب»، «ماشي»، «ملف علاقي»، «ظل الحلم»، «كلنا عيال قرية»، «شوف الدنيا»، «لعبة الشيطان»، «عندما يكتمل القمر»، «ضرب الرمل» «وصية بدر» وفي عام 2023 شارك الطويان بفيلمه «مندوب الليل» في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» بجدة، وحقق نجاحًا متميزاً.

تم تكريم الطويان في أكثر من محفل، ومنها خلال افتتاح المهرجان السينمائي الخليجي في دورته الرابعة عام 2024 وحصل على جائزة «المسرح والفنون الأدائية» ضمن مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية في دورتها الرابعة 2024 وكان من ضمن الأسماء التي تم تكريمها في حفل الـ»جوي أوورد» الأخير الذي أقيم في الرياض الا أنه لم يتمكن من الحضور بسبب متاعبه الصحية.

انتقل الطويان إلى رحمة الله يوم الجمعة الموافق 31 يناير من العام 2025 بعد مسيرة عريضة قضاها في خدمة الفن ورسالته، وفي صناعة «الفارق» ما بين الدراما والمسرح والكوميديا والسينما وعزى فيه زملاء المهنة وأصدقاء العمل، وتناقلت نبأ وفاته الكثير من الصحف والمواقع المحلية والخليجية والعربية التي استعرضت سيرته الحافلة بالمنجزات.

محمد الطويان..الفنان الإنسان والممثل القدير والمسرحي البارز صاحب السيرة «الاستثنائية» الساطعة في متون التأثير وشؤون التقدير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد