خالد السليمان
لا تملك السعودية حدوداً مباشرة مع فلسطين، ولا مصالح تجارية ذات أهمية، لكنها تملك حدوداً مباشرة مع مسؤولياتها الأخلاقية سياسياً وإنسانياً، ومصالح في أن تكون المنطقة مستقرة ومزدهرة وآمنة، ومنذ قيامها وهي تعمل على نشر السلام ودعم الازدهار ودرء مخاطر الحروب !
تفعل ذلك من استشعار مسؤولية الموقع الجغرافي الإقليمي، وأهمية استقرار المنطقة لتعيش شعوبها في أمن وسلام، مدفوعة بتنمية تستغل موارد وثروات المنطقة الهائلة، بعد أن ظلت لعقود طويلة مسرحاً للحروب والاضطرابات !
تدرك السعودية أن حجر الأساس لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة هو حل القضية الفلسطينية وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة، ودون ذلك فإنه سيكون كالبناء على أرض هشة ستكون عرضة للاهتزاز في أي وقت، ويدرك معها العالم ذلك إلا إسرائيل وحلفاءها مستندين إلى اختلال ميزان القوة لصالحها، لكن القوة لا تدوم والتاريخ شاهد على صعود وسقوط الدول والأمم، فلا ثبات لعوامل زمنية متغيرة ما لم تستند إلى أسس العدالة !
هذا الموقف السعودي الثابت من القضية الفلسطينية ظل ثابتاً في عهود جميع ملوكها، لأنه موقف مع الحق والعدالة، رغم كل ما تعرضت له المملكة من حملات تشويه وإساءات من المتاجرين بشعارات القضية الفلسطينية، ورغم كل ما قدمته من دعم سياسي ومادي رسمي وشعبي لدول وشعوب المواجهة مع إسرائيل، ولم تغير هذه الحملات والإساءات شيئاً من ثبات هذا الموقف لأن السعودية لا تتبناه من أجل أحد بل تصالحاً مع الذات وإيماناً بالحق !
اليوم تتصدى السعودية لمشروع تهجير الفلسطينيين من غزة، وتتعرض للحملات الإسرائيلية التي تتقاطع مع حملات المتاجرين بشعارات القومية والمقاومة، لكن ذلك لن يغير من موقفها شيئاً، ودون أن تنتظر من جمهور الشعارات شكراً وثناء، فمن ثبت على موقفه رغم التشكيك والتخوين حوالى ٨٠ عاماً لن يشغله رأي أحد، لكن من المهم أن تصحو الضمائر الميتة ويدرك ضحايا المعاناة الحقيقة ويميزوا بين الصديق من العدو، من يعمل لهم دون مصلحة، ومن يتاجر بهم لمصالحه !