أشرنا إلى أن دولة الإمارات بانضمامها إلى مجموعة «بريكس» تفصح بجلاء عن قدرتها على حرية الحركة في كافة الاتجاهات التي تحقق من خلالها مصالحها الوطنية العليا في علاقاتها الدولية وسياستها الخارجية على كافة الصعد السياسية والاستراتيجية والأمنية والاقتصادية والتجارة الخارجية. ويتأتى لها ذلك عن طريق تجنب الالتزامات الرسمية التعاهدية المبالغ فيها.
وهذا النمط من السلوك السياسي هو توجه أساسي في رغبة دولة الإمارات الانضمام إلى عدد من المنظمات والجماعات الإقليمية والدولية والاتفاقيات والمعاهدات المرتبطة بها.. أحاطت دولة الإمارات نفسها بعدد من الالتزامات متعددة الأطراف على الصعد السياسية والأمنية والاستراتيجية والاقتصادية في سبيل تحقيق مصالحها الوطنية العليا. دولة الإمارات قامت بذلك من وضع الدولة المقتدرة بوضوح كانت نتيجة تمكنها بمقاييس كثيرة من صقل الاتفاقيات والمعاهدات المتعددة التي انضوت فيها لكي تتماشى مع مصالحها الوطنية.
إن هذه الاتفاقيات والمعاهدات متعددة الأطراف، كانت ولا زالت من النوع الذي يلزم الدول المتعاقدة جميعها بالوفاء بالتزاماتها عن طريق أنماط وأعراف عالمية محددة من السلوك الذي يضمن فوائد لتلك الأقطار مثلما يجلب ويضمن فوائد ومنافع لدولة الإمارات ذاتها من شأنها تسهيل ديمومة قدرة دولة الإمارات على صعيد استخدام قوتها الناعمة في سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية.
لكن اللافت للنظر هو أن هذه الالتزامات التعاهدية لديها التأثير الكامل لضمان حرية دولة الإمارات في الحركة حول العالم لتحقيق مصالحها عوضاً عن إعاقتها، وهذا شأن حميد يحسب في صالح دبلوماسيتها. ومن هذه المنطلقات الصلبة درست دولة الإمارات بعناية كينونة مجموعة «بريكس» لتجد بأن أهدافها ومبادئها ذات جوانب لها علاقة بما تتطلع إليه هي ذاتها في سياستها الاقتصادية نحو المستقبل، فما هي تلك المبادئ والأهداف؟ حقيقة أن مجموعة بريكس انطلقت من كونها تعاونية طوعية لا تفرض قراراتها على أعضائها. وجوهر المجموعة تطوعي - تعاوني بين الدول الأعضاء من أجل التوصل إلى أهداف عامة في الميثاق الذي يحدد أهدافها ومبادئها. وبالتأكيد أن عناية فائقة أوليت للميثاق عند وضعه، وهذا أمر عقلاني لا بد وأن يحدث عند بدء التأسيس.
إن الأهداف المعلنة لتأسيس المجموعة ودعوة أعضاء جدد للانضمام غرضه تشجيع التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء لمواجهة تحديات اقتصادية ومالية ونقدية وتجارية يمر بها العالم. وهذا يعني أن الأعضاء يسعون إلى التعاون والتنسيق فيما بينهم مركزين جهودهم على تحقيق حياة أفضل لشعوبهم وحماية سيادة دولهم وسلامة وتماسك اقتصاداتها وشؤونها المالية والنقدية والتجارية، وإلى تحقيق استقلالها من جميع صيغ وأوجه السيطرة الخارجية عليها.
ولكي يحققوا الأهداف التي يسعون إليها من خلال مجموعة بريكس لا بد لهم من تكريس الجهد لتنسيق سياساتهم ومواقفهم خاصة على صعيد الاقتصاد والمال والنقد والتجارة الخارجية والمواصلات والنقل والاتصالات والعلوم والتكنولوجيا والتعليم والثقافة والسياسة والعلاقات الخارجية والديبلوماسية.
والملاحظ أن المجموعة ليست مجموعة أمنية لتوفير الأمن الجماعي لأعضائها، بالمعنى الذي ينصح عن أن الأعضاء ملزمون قانونياً بمساعدة بعضهم في حالة الحروب أو الاختلالات الأمنية.
وعلى صعيد المبادئ، فإنها تتلخص في أن الأعضاء متساوون سيادياً، ولا يتدخلون في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويحترمون سيادة وسلامة حدود بعضهم البعض وحق العيش بسلام وأمان، ويؤمنون دائماً بالحلول والتسويات السلمية للخلافات والصراعات عن طريق المفاوضات والوساطات والتحكيم والتوافق، ويعملون على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر وتهريبهم، ويعملون على نبذ الهيمنة الأجنبية على الدول ومواردها واستغلالها في غير صالح الشعوب والدول التي تملكها، ويسعون بثبات إلى التحرر من الهيمنة الأجنبية أي كان شكلها أو لونها.
*كاتب إماراتي
«بريكس».. أهداف ومبادئ عامة
مواضيع ذات صلة