: آخر تحديث

صوت الصعيد ووجه الإنسانية

0
2
2

من نعم الله التي لا تُعد ولا تُحصى أن يمنح الإنسان حب الناس، وهذه النعمة تمنح فقط لمن يعيش حياة صادقة، يعكس في تعامله معدن الإنسان الحقيقي، ويزرع في كل موقف بذور التواضع والإخلاص. اللواء طارق رسلان رافقته منذ طفولته مقولة مصطفى كامل الشهيرة: "ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط"، لتصبح هذه الكلمات نبراس حياته، ومرشداً لكل خطواته، سواء في الميدان الأمني أو في ساحات العمل العام والسياسي.

ولد طارق رسلان في إحدى قرى مركز نجع حمادي بمحافظة قنا، ضمن قبيلة همامية عريقة، وهو حفيد شيخ العرب همام، الذي ترك بصمة قوية في ذاكرة الصعيد، بين رجال قبيلة لهم تأثير اجتماعي وسياسي كبير. منذ صغره، كان متطلعًا نحو ما هو أبعد من حدود قريته، مدركًا أن النجاح يأتي بالعزم، وبالجرأة التي تمنح الإنسان القدرة على مواجهة التحديات وتحقيق ذاته. تلك الروح حاضرة معه حين التحق بكلية الشرطة، وتخرج منها عام 1984، ليبدأ مسيرة طويلة في قطاع الأمن المركزي بأسيوط، رحلة تدرج فيها بين المناصب، من رئيس للأموال العامة، مرورًا بمفتش للأمن العام، وصولًا إلى رئيس مباحث مطار الغردقة الدولي.

خلال أكثر من خمسة وعشرين عامًا، خدم رسلان وطنه بتفانٍ وإخلاص، تاركًا بصمة واضحة في كل مكان عمل فيه. ضابط يمتلك الانضباط والأمانة، ومرجع للزملاء والأهالي على حد سواء. تلك السنوات كانت مدرسة للقيادة والفهم العميق لتحديات الصعيد، مجتمعًا ومكانًا، وأدرك خلالها أن النجاح الحقيقي يقاس بتأثيرك الإيجابي على حياة الناس من حولك.

حين قرر اللواء طارق رسلان ترك الخدمة، بدأت رحلة جديدة، أقرب للناس، حاملاً أحلام البسطاء، وصوتهم داخل مؤسسات الدولة، فانتُخب نائبًا في مجلس الشيوخ عام 2020. وجد في هذا المنصب منصة أوسع لتحقيق ما كان يؤمن به طوال حياته: خدمة الناس، الالتزام بمبادئ العدل، العمل على تنمية دائرته بكل ما يملكه من معرفة وخبرة. برلماني صادق يمثل وجدان الصعيد، يترجم الحاجة الماسة إلى التنمية والكرامة إلى واقع ملموس.

إنجازاته على الأرض واضحة ومباشرة، ملموسة وقريبة من حياة الناس اليومية. أنشأ أول مرشح مياه في دائرته عام 1980، وتلاه مشروعان آخران في جزيرة الحمودي والحلفاية قبلي، لضمان توفير مياه نظيفة للأهالي. ساهم في إنشاء مستشفى جزيرة الحمودي، لتخفيف عناء السفر إلى مركز نجع حمادي للحصول على الرعاية الصحية، مشروع يتجاوز البناء ليصبح رمز تقدير الإنسان وعزيمته على تحسين حياة الآخرين. هذه المبادرات، إلى جانب العشرات من التبرعات والمشروعات التنموية، جعلت منه شخصية مؤثرة على المستوى المحلي والعربي، وتكللت تكريمًا ضمن 100 شخصية مصرية وعربية مؤثرة في ملتقى القادة والمبدعين العرب.

حب الناس له انعكاس حضوره اليومي ومواقفه الصادقة، نموذج للبساطة والتواضع، الوفاء والتضحية، وعنوان للعزة والكرامة، يغرس بذور الخير والبذل والعطاء في كل مكان. رجل وطن كرس حياته لخدمة وطنه وأهله، رمز للنائب الذي يجسد الإنسانية قبل السياسة، مستحق لقب "نائب الشعب" و"نائب الإنسانية"، في كلماته وأفعاله اليومية.

في مجلس الشيوخ، يبرز رسلان كأحد القلائل الذين يجمعون بين الانضباط العسكري والحكمة البرلمانية، برصيد كبير من الانضباط والجدية، هدوء ونقاش متزن بعيد عن المزايدات والشعارات الفارغة، متمسك بالحقائق والواقعية.

أهالي قنا يعرفونه كرجل ميداني حاضر بينهم، يستمع لمطالبهم ويتفاعل مع مشكلاتهم، يضع رفاهية المواطنين على سلم أولوياته، منذ أيام عمله ضابطًا وحتى اليوم كنائب تحت قبة الشيوخ. يجمع بين الانضباط العسكري والبصيرة السياسية، يثبت أن الإصلاح يأتي بالعقل، والتخطيط، والولاء للدولة، والقدرة على تحويل الكلام إلى أفعال، والرؤى إلى إنجازات ملموسة.

لطالما كان رسلان صوتًا صادقًا للصعيد داخل المؤسسات التشريعية، يدرك خصوصية المنطقة وظروفها الاجتماعية والتاريخية، يطالب دومًا بمرونة التشريع لتلبية احتياجات القرى والنجوع، مع مراعاة التفاوت التاريخي بين العاصمة وأطراف الدولة. يرى أن الصعيد قوة كامنة يجب استثمارها، قوة تتحرك نحو البناء والتنمية، ويطالب بحق الكرامة والتمثيل العادل.

في لقاءاته مع أهالي دائرته، يتحدث بلغة القريب العارف بأدق التفاصيل، عن مشروعات البنية التحتية، فرص الشباب، التعليم والصحة، عن الكرامة والعدالة، و"أن يكون لأبناء الجنوب نفس الفرص، على الأرض كما في الواقع". حضوره الميداني، وزياراته المستمرة، تجعل منه نموذجًا للنائب الذي يلتقي الناس على الأرض، يحضر الفعاليات المجتمعية، يدعم برامج الشباب والمبادرات المجتمعية بالتنسيق مع الوزارات المختصة.

طارق رسلان يمثل وجدان الصعيد، صوت المناطق المحرومة داخل البرلمان، يجمع بين انضباط رجل الدولة وتواضع رجل الشارع، يقدم نموذجًا لصياغة تشريعات عادلة، نابعة من فهم واقعي لاحتياجات المواطن في الجنوب. نائب ورمز للقيم الإنسانية، ذاكرة ممتدة من الجنوب إلى العاصمة، من الميدان إلى التشريع، حيث تتلاقى الانضباط العسكري وضمير المواطن، لتتجسد قيمة "رجل الدولة" في خدمة وطنه وأهله.

مسار حياته يوضح أن العمل الجماعي والنية الصادقة تغيّر حياة المجتمعات، رسلان حالة إنسانية فريدة، تجمع القيادة، الحكمة، الالتزام، والحضور الميداني المستمر، نموذج للنائب الذي يعيش بين الناس، يعرف همومهم، يحوّلها إلى إنجازات ملموسة. من المشاريع التنموية، البرامج التعليمية، مبادرات الصحة العامة، يظهر كرمز للوفاء للوطن، جسر بين الحكومة والمواطن، صوت لكل من لا صوت له.

اللواء طارق رسلان مثال للرجل الذي عاش وفق مقولة مصطفى كامل، حكاية إنسانية وسياسية تحمل رسالة واضحة؛ أن الخدمة العامة واجب وضمير حي، وحب الناس الحقيقي يكتسب بالإخلاص والوفاء، وأن القيادة الحقيقية تقاس بالأثر العميق الذي تتركه في حياة الآخرين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.