: آخر تحديث

قمة عربية إسلامية.. وماذا بعد؟!

5
4
5

خالد بن حمد المالك

تعرضت الشقيقة دولة قطر لعمل إرهابي من إسرائيل، منتهكة تل أبيب بعدوانها كل الأعراف والقوانين الدولية، غير عابئة بأي تنديد أو شجب لإطلاقها 15 طائرة حربية لضرب الدوحة في مناطق سكنية، بحجة القضاء على قادة حماس الموجودين هناك لبحث مبادرة الرئيس ترامب لإطلاق سراح الرهائن لدى حماس ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

* *

كان اللافت للنظر، أن أمريكا لم تبلّغ قطر بعدوان إسرائيل إلا بعد انتهاء العدوان مستهدفاً المواقع التي حددتها تل أبيب، مع أن الهجوم تم إطلاع أمريكا عليه قبل بدئه، أما اللافت للنظر أيضاً أن القاعدة الأمريكية في قطر لم تتحرك لمنع طائرات العدو من اجتياح الأراضي القطرية، وهي تملك القدرة والإمكانيات للتصدي للعدوان، كما تملك القدرة سياسياً لمنع إسرائيل من القيام بما قامت به، لولا أن هناك -كما يبدو- تنسيقاً بين واشنطن وتل أبيب على ما حدث.

* *

صحيح أن الهجوم الإسرائيلي ربما يكون قد فشل، وبالتالي نجت قيادات حماس من الاستهداف الإسرائيلي -وإن كان ذلك لم يتأكد بعد-، وأن الرئيس الأمريكي أكد على عمق العلاقات بين الدوحة وواشنطن رغم هذا العدوان، وأن قطر صديقة لأمريكا، وسمو أميرها له كل الاحترام كما صرَّح بذلك الرئيس الأمريكي، لكن ترامب لم يندد بالهجوم، ولم يقم بإدانة إسرائيل، ولم يصدر عقوبات ضد رئيس وزراء إسرائيل الذي أمر بالعدوان، كما يفعل ترامب مع عدد من الدول، ما يعني أن أمريكا قد تكون متواطئة فيما قامت به إسرائيل من عدوان.

* *

وإذا كان انعقاد مؤتمر قمة عربي إسلامي في الدوحة يمثِّل تضامناً مع قطر، واصطفافاً معها ضد عدو شرس، وتأكيداً على أن العرب والمسلمين في صف واحد، وأن أي اعتداء على أي دولة هو اعتداء على جميع الدول، فإن البيان الختامي لهذه القمة لم يغفل أهمية أن تقوم الدول بمراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع تل أبيب، فيما أن البيان ركَّز على الاستنكار والشجب والإدانة، والإكثار من العبارات بهذا المعنى، ومع أن هذا التوجه في بيان القمة مطلوب وجيد ومفيد إلا أنه لا يكفي مع دولة إرهابية متمردة، إذ يجب في مثل هذه القمة أن تكون ما صدر عنها من قرارات جماعية حازمة، وخاصة بشأن مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع العدو الإسرائيلي، بأن تُترجم إلى واقع، وتنفذ، لوضع إسرائيل في حجمها الطبيعي، فلا تواصل اعتداءاتها على بعض الدول، ولا ترفض الاعتراف بدولة فلسطينية.

* *

إن عبارات الشجب على أهميتها لا تمثِّل لإسرائيل شيئاً، ولا تحول دون استمرارها في سياساتها العدائية، ولا تجعل أمريكا تُفكر في منع إسرائيل من استخدام قوتها في الإضرار بالدول الأخرى، معتمدة على حماية أمريكا لها، فكل التجارب والتعامل مع إسرائيل لا أثر لها في التوقف عن العدوان، طالما أن ردود الفعل لا تحد من شهية إسرائيل بما يكفي في القتل بحجة واهية وهي الدفاع عن النفس، ما يعني أهمية إعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل دبلوماسياً واقتصادياً، وتفعيل ذلك رداً على الهجوم الوحشي على دولة قطر.

* *

لقد كانت الدوحة وسيطة خير بين حركة حماس وإسرائيل، فتم الإفراج عن عدد من الرهائن لدى حماس، وظلت الدوحة على مسافة واحدة في مواقفها وفي التعامل مع قضية شائكة، وكان هدفها وقف حرب الإبادة، وتبادل الأسرى، وصولاً إلى الاعتراف بدولة للفلسطينيين، وكان يفترض من أمريكا وإسرائيل أن يقدِّرا لقطر هذا الجهد والعمل الدؤوب، لا أن تتعرض لهذا العدوان، وينسف عملها باستهداف قادة حماس الذين يجتمعون باستضافة الدوحة كما تستضيف الوفد الإسرائيلي لفك الأزمة وتقريب وجهات النظر وفقاً لمبادرة الرئيس ترامب الأخيرة، لكنها إسرائيل غير الموثوقة، التي تتآمر حتى على من يريد أن يوظِّف قدراته وعلاقاته وإمكاناته في وقف نزيف الدم الإسرائيلي والفلسطيني كما كانت تفعل قطر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد