إيلاف من الرباط: فشلت فرق المعارضة بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) في استكمال ترتيبات طرح ملتمس الرقابة( سحب الثقة) على الحكومة، التي يرأسها عزيز أخنوش.
وفي خطوة تعكس التباين المتزايد داخل صفوف المعارضة البرلمانية بالمغرب، أعلن الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ( معارضة برلمانية ) الجمعة عن انسحابه من كافة أشكال التنسيق المتعلق بملتمس الرقابة، الذي كانت بعض مكونات المعارضة تدفع في اتجاهه منذ أشهر، في محاولة لاستثمار الآليات الدستورية لمساءلة الحكومة.
وجاء هذا الإعلان في بيان رسمي للفريق الاشتراكي، أشار فيه إلى "غياب التفاعل الجاد" من باقي الفرق المعارضة، و"التردد في اتخاذ المواقف السياسية الواضحة"، معتبرًا أن هذه الظروف حالت دون تبلور ملتمس الرقابة في صيغته النهائية.
وأضاف أن اللقاءات التحضيرية اتسمت بـ"إغراق في التفاصيل التقنية وهدر للزمن السياسي"، ما فاقم، حسب البيان ، أزمة الثقة بين أطراف المعارضة.
وتنص المادة 105 من الدستور المغربي على إمكانية تقديم ملتمس رقابة لإسقاط الحكومة، شريطة أن يوقعه خُمس أعضاء مجلس النواب، ويحظى بموافقة الأغلبية المطلقة. غير أن هذا المسار، على صعوبته العددية، كان يُنظر إليه لدى الفريق الاشتراكي كأداة رمزية لإحياء النقاش البرلماني حول ما يعتبره "تراجعًا ديمقراطيًا" و"عجزًا في الأداء الحكومي".
ويعي عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي، أن خطوة الانسحاب تضعف موقع المعارضة داخل المؤسسة التشريعية، في وقت تواجه فيه الحكومة انتقادات متزايدة بشأن تدبيرها للملفات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ما يتعلق بكلفة المعيشة والتشغيل، مشيرا في تصريح له، إلى أن المبادرة تعرضت لـ"تشويش إعلامي متعمد" وتسريبات "أضعفت منسوب الثقة"، في وقت كان يفترض فيه أن تُبنى الخطوة على أرضية تفاهم استراتيجي بين الفرق المعارضة، وليس على "تحالفات ظرفية" وصفها بـ"الهشة".
وشدد الفريق الاشتراكي على أنه لن يتخلى عن دوره الرقابي، متعهدا باللجوء إلى آليات دستورية بديلة مثل لجان تقصي الحقائق، وطلب جلسات المساءلة، والعمل على كشف ما وصفه بـ"اختلالات التدبير العمومي"، داعيًا إلى إعادة تقييم أساليب العمل البرلماني المعارض، بما يعزز ثقة المواطنين في مؤسساتهم.
ورغم أن تقديم ملتمس رقابة لم يتحقق، فإن المبادرة أثارت نقاشًا سياسيًا واسعًا حول فعالية المعارضة في ظل توازنات برلمانية تميل بوضوح لصالح الحكومة، وأعادت إلى الواجهة أسئلة تتعلق بأداء النخبة السياسية، ومدى قدرتها على صياغة بدائل ملموسة لبرامج السلطة التنفيذية.
ويُتوقع أن تُخلف هذه التطورات آثارًا مباشرة على مستقبل التنسيق بين الكتل البرلمانية المعارضة، وعلى خريطة التحالفات السياسية المقبلة، خصوصًا في أفق الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة في 2026، التي ستشكل اختبارًا حقيقيًا لمدى نجاعة العمل السياسي الحزبي، سواء في الأغلبية أو المعارضة.