إيلاف من الرباط :شددت الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب (منظمة غير حكومية) على ضرورة تفعيل المسطرة القضائية العاجلة لحل جميع التنظيمات والجمعيات الدينية التي تنشر خطاب التكفير والكراهية بالمغرب.
وحذرت الجبهة ، في بيان أصدرته الخميس بمناسبة مرور 22 سنة على تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية، بتاريخ 16 مايو 2003، من استمرار توظيف الدين في الصراع الانتخابي والسياسي، وذلك في سياق استعداد المغرب لخوض الاستحقاقات التشريعية المقررة في خريف سنة 2026، داعية الحكومة إلى اعتماد ميثاق وطني صريح ضد توظيف الدين الإسلامي في السياسة. كما اتهمت السلطات بعدم اتخاذ أي خطوات إصلاحية ملموسة في هذا المجال رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على تشكيل الحكومة الحالية. وطالبتها باتخاذ خطوات جريئة لفصل الدين عن المجال الانتخابي والسياسي.
وفي تصريح صحفي، قال أحمد الدريردي، المنسق الوطني للجبهة، إن "اللحظة السياسية تقتضي الوضوح والحسم، ولا يمكن أن نقبل باستمرار السماح لتنظيمات ظلامية بالمشاركة في الحياة العامة تحت غطاء جمعيات أو أحزاب، وهي تمارس التحريض والتكفير وترفض أسس التعايش والديمقراطية".
وأضاف إن "الجبهة ستواصل الضغط المؤسساتي والمدني حتى تتم محاسبة من يستغل الدين لبث الفتنة، سواء من داخل الأحزاب أو عبر مواقع التواصل أو عبر منابر الوعظ والإرشاد".
وفي لهجة تصعيدية، أوصت الجبهة بحل حزب العدالة والتنمية (ذو مرجعية إسلامية) باعتباره "حاميا للإرهاب والإرهابيين"، وبحظر جماعة العدل والإحسان التي وصفتها بـ"التنظيم السري العامل في الخفاء لأهداف متطرفة". كما دعت إلى إجراء مراجعة شاملة للمقررات الدراسية لتنقيتها من كل مضامين الكراهية والتمييز الديني، وإلى تطهير الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي من الخطابات الدينية التقليدية التي تُغذي التطرف وتعادي الحريات الفردية والتعددية الفكرية.
وفي البيان ذاته، استعرضت الجبهة تفاصيل عنيفة عن الإرهاب في المغرب خلال العقدين الأخيرين، مشيرة إلى أن البلاد لا تزال تعاني من تهديدات إرهابية متواصلة، رغم النجاحات الأمنية الاستباقية.
وأعادت "الجبهة" إلى الواجهة الذكرى الدامية لتفجيرات الدار البيضاء يوم 16 مايو 2003، التي أودت بحياة 33 شخصًا، بينهم مواطنون مغاربة، إثر خمس تفجيرات انتحارية متزامنة نفذها متطرفون ينتمون إلى تيارات الإسلام السياسي، مستهدفين منشآت سياحية، وقنصلية أجنبية، وناديًا ومقبرة يهوديين.
وسجّل البيان أنه منذ تلك الحادثة، عززت السلطات المغربية ترسانتها القانونية والأمنية، وأنشأت مكتبا مركزيا للأبحاث القضائية الذي فكّك أزيد من 200 خلية إرهابية، كما تم إحباط عدد من الهجمات النوعية، بينها العملية الدموية التي راح ضحيتها شرطي في مارس 2023 على يد عناصر من "داعش"، وتفجير مقهى أركانة بمراكش سنة 2011، ومقتل سائحتين اسكندينافيتين في جبال الأطلس نهاية 2018.
ورغم ما تحقق من إنجازات أمنية، ترى الجبهة أن الدولة "لا تزال تتلكأ" في مواجهة التطرف الفكري والديني من جذوره، متهمة تيارات الإسلام السياسي، سواء المعلنة أو شبه العلنية، بتغذية هذا الفكر عبر المساجد، والجمعيات المدنية، والمخيمات الدينية، مع توظيف الفتاوى المتطرفة لعرقلة النقاش المجتمعي حول الحقوق الفردية وتحديث مدونة الأسرة.
ونددت الجبهة بما اعتبرته تهديدات إلكترونية وتحريضًا ضد نساء ناشطات في المجال المدني وسياسيات وفنانات وصحفيات عبر منصات التواصل، مشيرة إلى تدوينات خطيرة "مثل تلك التي نشرها حسن الكتاني، أحد المدانين في تفجيرات 2003، والتي دعا فيها بشكل علني إلى العنف وسفك الدماء".
واعتبرت الجبهة أن تصريحات قادة الإسلام السياسي، خاصة في سياق النقاش حول الحقوق الفردية أو التضامن مع القضية الفلسطينية، تمثل "حملات شيطنة وتحريض منظم" تهدف إلى ترهيب المجتمع وكبح النقاش الديمقراطي، متهمة تلك التيارات بـ"محاولة إعادة تدوير الخطاب المتطرف لعرقلة المسار الديمقراطي، وربما بتنسيق مع أذرعها الإرهابية".
وجددت الجبهة مطالبتها بمراجعة القانون الجنائي لحذف الفصول التي تجرم الحريات الفردية وحرية المعتقد، داعية إلى تفعيل ما ورد في الدستور بخصوص الديمقراطية التشاركية،وتشجيع التعبيرات المجتمعية الحداثية المتجذرة في الهوية المغربية الأصيلة.