: آخر تحديث

هل من تفسير؟!

2
2
2

خالد بن حمد المالك

منذ ستة أيام وميليشيات حزب الله يجوبون شوارع بيروت في مظاهرات حاشدة ضد قرار الحكومة بإقرار سحب سلاح الحزب، بهدف تجنيب لبنان آثاره المدمرة، يقابل ذلك انتشار الجيش والأمن اللبنانيين لمنع أي تصرف تخريبي، أو إخلال يمس الأملاك العامة والخاصة، أو يُعطِّل الحركة المرورية بإقفال حزب الله للشوارع، والتمركز بالميادين، والتحصُّن خلف ما يمنع الجيش والأمن من القيام بمهامهم.

* *

هذا الأسلوب اعتاد عليه لبنان من الحزب منذ أكثر من ثلاثة عقود، وكان يصاحبه قتل ودماء تسيل، وإرهاب للدولة والمواطنين، إلى درجة احتلال ميليشيا حزب الله ذات يوم لبيروت، دون وجود مقاومة من الجيش والأمن لفارق الإمكانيات، حتى اضطر بعض اللبنانيين إلى الهجرة، وللسياحة أن تختفي، مع تدهور الاقتصاد، وتفشي الفساد.

* *

الآن تغيَّرت المعادلة، وموازين القوى، والوضع في لبنان فقد قصَّت إسرائيل جناحاته، وعطَّلته عن الطيران، وبالتالي إرعاب وإرهاب المواطنين، وأصبح في وضع ليس أمامه من خيار إلا الإذعان لقرار الحكومة، وتسليم سلاحه، وإلا واجه ما بقي لديه من سلاح وقادة وعناصر الفناء، فلا لبنان سوف يسكت، ولا إسرائيل سوف توقف هجماتها، ولا العالم على استعداد لإمهال حزب الله ليستمر في ممارسة عبثه في لبنان.

* *

وأكبر خطأ يرتكبه الحزب حين يُراهن على الماضي، أو يتجاهل ما حدث من تغيير في وضع الحزب وواقعه الجديد، فكل مفاصل القوة لديه أصبحت أضعف من أن تتحدى قرار الحكومة، أو أن ترفض الاستجابة لها، أو أن تفكر بأن إيران سوف تُعاضده في مواجهة التيار الجارف، فإيران هي الأخرى اليوم غير ما كانت عليه في الأمس.

* *

لقد تسبب وجود السلاح في مخازن حزب الله في مقتل سبعة من عناصر الجيش خلال هذا الأسبوع أثناء جولة ميدانية له، وعمليات تفتيشية عن وجود هذا السلاح المنفلت، ويمكن أن يتكرر مثل هذا الحدث الدامي، فيُقتل أعداد أخرى من الجيش، أو الأمن، أو المواطنين والمقيمين، بسبب عناد قادة حزب الله في عدم الاستجابة لما قرَّرته الحكومة.

* *

وأسوأ مؤامرة على لبنان حين ينسحب وزراء الثنائي الشيعي -أمل وحزب الله- من جلسة مجلس الوزراء لحظة التصويت على القرار، وظهورهم في مؤتمرات صحفية معارضة للقرار، والأسوأ أن يكون ممثِّلو حركة أمل ورئيسها نبيه بري هو ذاته رئيس مجلس النواب ممن يعارضون تسليم السلاح إلى جانب حزب الله.

* *

لقد قدمت إغراءات خليجية وعربية ودولية لدعم لبنان، إذا ما تم حصر السلاح بالدولة، وضمن هذه الإغراءات انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية التي تحتلها، وإعادة بناء ما هدّمته الحرب، ومساعدة اقتصاد لبنان حتى يصل إلى مرحلة التعافي، بما في ذلك المساعدات المالية، وإعادة العلاقات الخليجية مع لبنان لإنعاش التجارة والسياحة والاقتصاد في الدولة اللبنانية.

* *

وإن رفض قرار الحكومة، والممانعة من أن يكون السلاح حصراً بالجيش، ورفض حزب الله لقرار منعه من الاستمرار في الاستحواذ عليه، لا يمكن فهمه، ولا تفسيره، أو استيعابه، إلا أنه مؤامرة على لبنان، وتآمر على وحدته واستقلاله، وتنفيذ لأجندة خارجية لا تريد أن يكون لبنان بلا حروب، ومن دون قتال، مع أن استمرار بقاء السلاح بيد الحزب تهديد واضح لأمن البلاد، وسوف يجر به لبنان كما هو الآن إلى أتون المزيد من المشاكل والصراعات، ويجذبه إلى ما يُعطِّل حركة الإنماء والتطور.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد