: آخر تحديث

وما نيل المطالب بالتمني

0
0
0

عبد الله سليمان الطليان

جميع البشر لديهم تمنيات ذات أهداف معينة ممكن أن تكون لحظية أو لها أوقات زمنية، وهي تختلف من إنسان إلى آخر في طبيعتها ومقدارها وحجمها، وإن كان الحصول على المال هو قمة هذه التمنيات الذي يكاد يسيطر على العقول كأنه عصب الحياة الذي يقترن بالماء، الأمنيات عند البعض غاية يلاحقونها في شغف، تدخلهم أحياناً في صراع محتدم لتحقيق تلك الأمنيات، وهي تتفاوت في أهميتها وقيمتها وبعض منها تكون مصدر شقاء وقلق من شدة وحدة التفكير المرهق تجلب أحياناً اضطراباً نفسياً. يقول الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}، يعني أنه يبقى في مشقه في هذه الحياة.

يقول المتنبي:

(ما كل ما يتمنى المرء يدركه

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن)

فمع زخم تلك الأمنيات التي لا تنقطع وتزداد يوماً بعد يوم بفعل التغير والتطور في نمط العيش ومتطلباته، تأتي عواصف الحياة من واقع الحالة الأسرية والاجتماعية، التي لها أثر معنوي تجعل الأمنيات في وطأة تزيد من المعاناة وتجعلها تطول وتصرم العمر أحياناً بدون تحقيق الأمنية، التي فيها الأسرة هي في شوق جارف وعارم للوصول لرقي ورفاهية أفرادها وتميزهم الاجتماعي، ممكن أحياناً تحقيق ذلك مع جهد ومكابدة ولكن ليس في كل الأحوال تتحقق الأمنية، التي يمكن أحياناً أن تضيع وتصبح مثل ملاحقة السراب، ولعل التعليم هو المثال القوي على ذلك، إذ إن في اكتسابه بدرجات متقدمة يعطي مستقبلاً أفضل لأفراد الأسرة إذا لم يكن هناك عائق مادي أو صحي، إضافة إلى الجانب المهم وهو ثقافة الأب والأم التي لها أسلوب واع ومتبصّر بشؤون الحياة التي تغرس الجدية وعدم الاستهتار والفوضى والتسويف في أفراد الأسرة، وتكون بعيدة عن ما يحصل لدى بعض الآباء والأمهات الذين ثقافتهم متدنية أو معدومة تقوم على عبارات التقريع والسخرية والاستهزاء في استعراض التمنيات على نحو مخجل ومعيب.

أخيراً إذا كان أحمد شوقي قال:

(وما نيل المطالب بالتمني

ولكن تؤخذ الدنيا غلابا)

أي أن بُغْية الإنسان ومطلبه، ورغباته ما يتمنّاه ويشتهيه لن تتحقق بمجرد التمنّي، وإنما تحتاج إلى الكدّ والجهد والتعب، والسعي والمنافسة في الدنيا من أجل تحقيق هذه الأمنيات التي توقفت عند المتنبي الذي بينه وبين أحمد شوقي فاصل زمني، وكذلك القصد والهدف، المتنبي معتد وزاه بنفسه ويعبر عمَّا في داخله من التمني لمكانة اجتماعية عالية ورفيعة لذاته والتي لم تتحقق، بينما أحمد شوقي يعبر عن تمن يخص المجتمع ككل لحث أفراده على تحقيق هذه الأمنيات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد