إيلاف من الرباط :"المرأة المغربية تُفني عمرها في خدمة بيتها،وفي نهاية الزواج تخرج بلا شيء"،هذا الواقع الصادم شكل خلاصة نقاش ندوة دولية الثلاثاء بالرباط حول ٱفاق إصلاح مدونة الأسرة.
ويسعى وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي،بتنسيق مع شركائه،إلى تغيير هذا المعطى من خلال فتح نقاش قانوني وحقوقي حول الاعتراف بقيمة العمل المنزلي غير المؤدى عنه،واحتسابه عند الطلاق،ذلك أن غياب الاعتراف داخل الإطار القانوني المغربي يشكّل ثغرة عدالة تُكرّس الظلم الاقتصادي ضد النساء،رغم مساهمتهن اليوميةفي بناء الأسرة وتربية الأجيال.
في سياق ذلك،سلطت وزارة العدل الضوء،في ندوة دولية رفيعة المستوى تحت عنوان" الاعتراف واحتساب قيمة العمل المنزلي غير المؤدى عنه في حالات الطلاق – تجارب مقارنة"، على معاناة النساء أثناء الطلاق باعتباره محطة مركزية ضمن ورش إصلاح مدونة الأسرة.
وتندرج هذه المبادرة في إطار الدينامية التي تعرفها المملكة بقيادة الملك محمد السادس، الرامية إلى تحديث التشريعات ذات الصلة بالأسرة، وتعزيز مبادئ الإنصاف والتوازن داخل العلاقة الزوجية، مع ضمان حماية الحقوق الاقتصادية للنساء، لا سيما بعد انتهاء العلاقة الزوجية.
وخلال الجلسة الافتتاحية، ألقت ريما لبلايلي، مديرة التعاون والتواصل بوزارة العدل، كلمة نيابة عن وزير العدل، أكدت فيها أن العمل المنزلي غير المؤدى عنه يمثل أحد المساهمات الأساسية في استقرار الأسرة،ويستحق أن يُدرج ضمن المعايير المعتمدة في تسوية الوضعيات المالية بعد الطلاق.
وأشارت لبلايلي إلى أن المادة 49 من مدونة الأسرة،الخاصة بتنظيم الذمة المالية بين الزوجين، تحتاج إلى مراجعة تأخذ بعين الاعتبار هذا النوع من المساهمات غير النقدية، مضيفة أن الإصلاح المرتقب يهدف إلى اعتماد مقاربة منصفة تُعزز التكافؤ داخل مؤسسة الزواج.
وعرفت الندوة مشاركة عدد من القضاة والخبراء والأكاديميين من دول أوروبية، من بينها فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، بلجيكا، البرتغال، سويسرا، وإيرلندا، حيث تم استعراض التجارب المقارنة في مجال احتساب العمل المنزلي ضمن ترتيبات الطلاق وتقسيم الممتلكات الزوجية.
وتضمنت المداخلات عرض نماذج تشريعية متنوعة، مثل القانون الإسباني الذي ينص في مادته 1438 على تعويض الزوجة عن العمل المنزلي، إضافة إلى المقاربة الفرنسية التي ترتكز على مبدأ الإنصاف،والنموذج السويسري الذي يأخذ في الحسبان المساهمة المنزلية ضمن آليات تقاسم الأعباء.
كما تم التطرق إلى الإشكالات المرتبطة بإثبات هذا النوع من العمل، ودور القضاء وآليات الوساطة الأسرية في تفعيل هذا الاعتراف، فضلاً عن أهمية إدماج هذا التوجه في السياسات العمومية والبرامج التوعوية من أجل تغيير النظرة النمطية للعمل المنزلي.
وتُعد هذه الندوة، بحسب المنظمين، خطوة متقدمة في مسار إصلاح مدونة الأسرة، إذ تفتح نقاشاً معمقاً حول موضوع لا يزال يُثير جدلاً قانونياً واجتماعياً واسعاً، وتسعى إلى ترسيخ مبدأ الشراكة داخل الأسرة المغربية كفضاء يقوم على التكافؤ والكرامة والعدالة الاجتماعية.
ويأتي هذا النقاش في وقت يزداد فيه الوعي المجتمعي بأهمية تطوير الإطار التشريعي المنظم للعلاقات الأسرية،بما يضمن حقوق كافة الأطراف، ويحمي النساء من تبعات الإقصاء الاقتصادي بعد الطلاق، ضمن مقاربة تحترم الخصوصية المغربية وتستفيد في الوقت ذاته من التجارب الدولية الرائدة.
|