خالد بن حمد المالك
حكومة إسرائيل عنصرية ودموية بامتياز، لا يُستثنى منها لا رئيسها ولا جميع أعضائها، ومع الشواهد الدموية لا نحتاج إلى دليل، فعدد القتلى من المدنيين في غزة يزيد على السبعين يومياً ويصل أحياناً إلى ثلاثمائة مواطن فلسطيني، يدفعهم الجوع والحاجة إلى الطعام للذهاب إلى مراكز توزيع الأغذية ليكون تجمعهم فرصة لإسرائيل لاقتناصهم بأعداد كبيرة، هذا عدا مئات آلاف القتلى والمفقودين والمصابين منذ بداية حرب الإبادة منذ أكثر من عام ونصف.
* *
وزير المالية في حكومة نتنياهو سموتريتش ووزير الأمن القومي بن غفير لا يترددان في إعلان موقفهما الرافض لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، وضرورة تهجير الفلسطينيين بالقوة، بل إن الأخير في آخر تصريح له طالب بعودة المفاوضين الإسرائيليين من الدوحة، ووقف المساعدات الغذائية عن قطاع غزة لقتل مليوني مواطن فلسطيني بحرمانهم من الطعام، في جريمة لا إنسانية دون عقاب، وهناك من يعوّل على دول العالم لإقامة دولة فلسطينية، فواعجبي!
* *
نحن نتحدث عن دولة فلسطينية، تطبيقاً لقرارات الشرعية الدولية، وتحرير أرض فلسطين من قوة محتلة، وهم يتحدثون عن تهجير لأهل الأرض، ورفض أي تفكير لمعالجة القضية الفلسطينية، بما يعطي الحق لأصحابه، دون منٍّ أو تفضُّل أو تكرُّم من مستعمر ومحتل يمارس أقسى ما شهدته البشرية من جرائم ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
* *
لقد وصل الأمر بالإسرائيليين في استفزاز الفلسطينيين إلى إقامة مراسم زيجاتهم في المسجد الأقصى، دون احترام لحرمته، مع تدنيسهم للحرم الشريف، تحت حماية الجيش الإسرائيلي، وتشجيع من حكومة إسرائيل العنصرية، وذلك ضمن سلسلة من الجرائم التي يقوم بها المحتل ضد فلسطين والفلسطينيين، دون إظهار أي اهتمام واحترام لدينهم وأماكن عبادتهم.
* *
وقبل هذا التصرف الخبيث، كان المسجد الأقصى قد شهد على مدى سنوات اقتحامه من الصهاينة، وممارسة الطقوس اليهودية، والعبث بمحتوياته، والاعتداء على المصلين المسلمين، وتكرار هذه الأفعال الشنيعة، بما يؤكد أن إقامة الدولة الفلسطينية بالحوار والمفاوضات والدبلوماسية غير ممكن، في ظل استثمار إسرائيل للتطورات بعد السابع من أكتوبر، واستفادتها من كل ما ترتب عليها من تغيُّرات لصالح تل أبيب.
* *
وربما احتاج الأمر لتحسين الحالة الفلسطينية إلى استثمار الأخطاء التي وقعت فيها المنظمات الفلسطينية، والاتجاه لتصحيحها بأجندة جديدة، وأفكار أخرى غير تلك التي سادتها الخلافات والانقسامات، والتصرف بكل ما يشكِّل خطراً على القضية من توجهات، فقد ظهرت الحركات والمنظمات الفلسطينية منقسمة ومختلفة، ما ساعد العدو على اختراقها، وتحقيق أهدافه، وتمكنه من تجريدها من أي قوة كانت تمتلكها، وضربها في العمق، متمسكاً بعدم التنازل للفلسطينيين عن أي أرض يحتلها.
* *
وعلى الفلسطينيين بعد كل ما حدث أن يعتمدوا على أنفسهم، لا يرموا بالمسؤولية في جزء منها على غيرهم، ولا أن ينتظروا من يحارب معهم أو بديلاً ودفاعاً عنهم، فكل الشعوب تحرَّرت من مستعمريها بقدرات وتصميم أبنائها، فإن لم يفعلوا، وظلوا يلقون التهم على العرب، وهم أساساً على خلاف معهم في أسلوب المعالجة، كما هم كفلسطينيين في خلافات مع بعضهم، فسوف يظل حلم الدولة الفلسطينية يراوح مكانه، ومن غير حل.