: آخر تحديث

ربيع المدخلي.. العالم السديد والعلامة الفريد

6
5
4

عبده الأسمري

ما بين ربيع «العلم» وبديع «الأثر» كسب «دخل الوسطية» وحصد «صيت السمعة» في شؤون «المآثر» ومتون «المناقب».

وزع «أثير» السلف باتزان «مهيب» وتوازن «مدروس» رافعاً راية «الدلائل» مترافعاً عن غاية «الوسائل» هازماً «أهل البدع» بوقع «البراهين» وواقع «المضامين» التي حققت نصر «السنة» ووظفت فوز «الجماعة».

إنه العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي رحمه الله أحد أبرز علماء السنة والجماعة بالوطن والعالم الإسلامي.

بوجه «جازاني» بحكم الأصول واحتكام الفصول تتوارد منه سمات «الزهد» وومضات «الجد» مع تقاسيم «جنوبية» يملؤها الوقار ويؤطرها التقوى تتشابه مع عائلته «الضليعة» في العلوم الشرعية و»العريقة» في الإرث العلمي وعينان تدمعان حين «الخشية» وتسطعان حيث «التوجيه» مع شخصية لينة الجانب لطيفة المعشر راقية التعامل وسطية المنهج رزينة الردود قوية الحجة ساطعة السمعة وأناقة ترتدي «البساطة» ومحيا قويم عامر بالتواضع وغامر بالرقي ولغة «فصحى» مكتظة بعبير «القول» وقدير «اللفظ» تتوارد من «مكنون» شرعي وتنطلق من «مخزون» علمي قوامه «عشرات المؤلفات» ومقامه «أمهات الكتب» وكاريزما ناطقة بحسن الأخلاق وجميل الوفاق ولسان «قويم» يلهج بطيب «الذكر» ويصدح بعظم «الدليل» وينطق بأصل «البرهان» قضى المدخلي من عمره عقودا وهو يعتلى «منصات» الدعوة ويؤصل «موجبات» الخطاب ويهدي «عزائم» الجواب وينشر «الحجج الدامغة» ويؤلف «المناهج الواجبة» في سيرة علمية وعملية تجللت باعتبار «المنهج» وتكللت باقتدار «النهج» في دروب عمر أضاءت «مشاعل» التعريف بقيم الدين الإسلامي وأنارت «قناديل» معاني الشرع القويم عالماً وموجهاً ومفتياً وشيخاً جليلاً اقترن اسمه بإضاءات «الذاكرة» وارتبط صيته بإمضاءات «المعرفة».

في محافظة صامطة الدرة «المكنونة في عقد منطقة جازان الشهيرة بتخريج الفقهاء والعلماء والأدباء إلى مواطن «التميز» وُلد في قرية الجرادية عام 1351هـ/ 1933م في يوم مشهود ببشرى قدومه كفارس جديد إلى «أسرة» المداخلة الشهيرة بالمكارم وأضفت ولادته «غيوماً» من البهجة أمطرت صيباً مفرحاً من السرور على المنازل القديمة المتجاورة تحت ظلال «الكدح» وارتسم النبأ على محيا والديه في تباشير تواءمت بين «ثنايا» البركة.

رسم «اليتم» أوجاعه على «محيط» طفولته مع بداية تعلمه المشي وهو ابن عام ونصف برحيل والده «المدخلي» الوجيه بين قومه ببياض القلب وسخاء اليد ورجاحة العقل فتسلمت والدته «الحنونة» سليلة «الطيبين» الاعتناء به وتربيته لتسد «فراغ الفقد» بحنان باذخ وعطف مستديم فارتمى في أحضان «الأمومة» الصادقة التي ملأت قلبه برياحين «العاطفة» وغمرت وجدانه بنفائس «الرحمة».

وما أن اشتد عوده حتى أطلق استفساراته في «أفق» الغياب باحثاً عن «أب راحل» وآوياً إلى «أم مكافحة» كركن شديد انطلق منه ليرسم أولى «بوادر» الحسنى في تربية صالحة تجلت في سماء «البر».

ركض ربيع مع أقرانه مراقباً «نداءات» المزارعين في البكور الموشح بالبركات وظل يقتنص من وجوه «البسطاء» في مرابع عشيرته معالم الرضا وتجاعيد الكفاح.

تعتقت نفسه طفلاً بأنفاس «الفل الجازاني» و»الكادي الصامطي» وتشربت روحه نسيم «الحصاد» في حقول قريته المشبعة بروائح «الطين» وظل يتأمل «القصص» المحفوظة في صدور «الأولين» والتي كتبها كمرويات وحكايات تماثلت ما بين «الصمود والخلود» في مساءات غمرت وجدانه بملامح «الجيرة» وملاحم «السريرة» النقية التي تحولت إلى «علانية» صافية عطرت فؤاده بوقائع «الحنين واليقين».

تلقَّى ربيع تعليمه في المعهد العلمي بمدينة صامطة منتهلاً من مناهج العلوم الشرعية والعربية وأنهى دراسته فيه عام 1380هـ/ 1961م وقد تعلم الكثير على يد المشايخ الأفاضل حافظ الحكمي ومحمد الحكمي وأحمد النجمي ومحمد خميسي.

ولأنه مسكون بالعلا سافر إلى الرياض والتحق بكلية الشريعة بالرياض ودرس فيها شهرين ثم انتظم بالجامعة الإسلامية في المنورة بعد افتتاحها وحصل منها على إجازة البكالوريوس عام 1384هـ/ 1964م بتقدير ممتاز وواصل تعليمه ودراساته العليا في جامعة الملك عبد العزيز فرع مكة حيث نال درجة «الماجستير» في الحديث في رسالة بعنوان «بين الإمامين مسلم والدارقطني» عام 1397هـ واستكمل تعليمه حتى حصل على درجة «الدكتوراه» عام 1400هـ.

وقد تأثر المدخلي وتعلم على يد نخبة من العلماء في الجامعة الإسلامية مثل عبد العزيز بن عبد الله باز ومحمد الألباني وعبد المحسن العباد ومحمد أمين الشنقيطي وصالح العراقي وعبد الغفار حسن الهندي.

التحق المدخلي بالعمل التعليمي وعمل مدرِّسًا في الجامعة الإسلامية ورأسَ قسم السنَّة وتسلم العديد من المسؤوليات.

برع في العلم وتتلمذ على يديه الآلاف من طلبة العلم في الداخل والخارج وتخرج من «مدرسته الوسطية المتميزة» عشرات «العلماء والمحدثين والفقهاء» الذين تعلموا منه «أصالة» الرأي ونزاهة «القول» وشفافية «الحكم» وأمانة «القول» وإخلاص العمل.

للمدخلي عشرات «المؤلفات» والتي تزخر بها المكتبات الإسلامية والعربية وتمتلئ بها المكتبات الجامعية المختلفة.

حيث ألف في الحديث النبوي كتبا بين الإمامين مسلم والدارقطني «رسالة الماجستير» والنكت على كتاب ابن الصلاح، في جزأين «رسالة دكتوراه» وتحقيق كتاب المدخل إلى الصحيح للحاكم وتقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بين واقع المحدثين ومغالطات المتعصبين، ردٌّ على عبد الفتاح أبو غدة ومحمد عوَّامة ومنهج الإمام مسلم في ترتيب صحيحه ومذكرة في الحديث النبوي.

وقام بإصدار عدد من الكتب في العقيدة الإسلامية وهي تحقيق كتاب التوسل والوسيلة، للإمام ابن تيمية ومنهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل وبراءة الصحابة الأخيار من التبرُّك بالأماكن والآثار وفي مجال الفرق والجماعات قام بتأليف كتب منهج أهل السنَّة في نقد الرجال والكتب والطوائف وكشف موقف الغزالي من السنَّة وأهلها ومكانة أهل الحديث وله عشرات الكتب القيمة في مجال «الردود» ومشاركات متعددة في المجلات الإسلامية المتخصصة.

اتخذ الشيخ المدخلي من «التوحيد» منبعاً للرد ومن «الفقه» مرجعاً للحد ومن «الحديث» وجهاً للالتزام ومن «التفسير» موطناً للإلهام فكان «المحدث» الواعي و«الفقيه» الساعي و«المفسر» المبدع الذي بنى صروح «الفتاوى» على أركان «الشرع» وأقام بناء «المعاني» على أسس «اليقين».

انتقل الشيخ المدخلي إلى رحمة الله يوم الأربعاء 14 محرَّم 1447هـ الموافق 9 يوليو من عام 2025 عن عمر ناهز 95 عاماً قضاها في خدمة الإسلام والمسلمين وفي طلب العلم وتأصيله وصُلِّي عليه في المسجد النبوي ودفن في «بقيع الغرقد» وقد نعاه العديد من العلماء من السعودية وخارجها واكتظت وسائل التواصل الاجتماعي بعبارات التعازي ورسائل المواساة ومشاركات «النعي» مع استعراض لشخصية الفقيد وسيرته المنفردة.

ربيع المدخلي العالم السديد والعلامة الفريد صاحب السيرة الغنية والمسيرة الثرية والاسم الساطع في «قوائم» العلماء والوجه اللامع في «مقامات» الفضلاء.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد