برلين: استكملت ألمانيا عملية سحب جنودها من أفغانستان التي بدأتها في أيار/مايو، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الثلاثاء، لتسدل الستار على تواجدها الذي دام نحو عشرين عاما في هذا البلد إلى جانب قوات أميركية ودولية أخرى.
ويأتي إعلان انسحاب القوات الألمانية التي تعد الثانية في عددها بعد قوات الولايات المتحدة، في وقت تهدف واشنطن إلى إنجاز سحب جنودها بحلول 11 أيلول/سبتمبر.
وأفادت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور في بيان أنه "بعد نحو 20 عاما على الانتشار، غادر آخر جنود الجيش الألماني أفغانستان هذا المساء (الثلاثاء). هم الآن في طريقهم إلى بلادهم".
ورأت الوزيرة الألمانية أنها "نهاية فصل تاريخي شهد انتشاراً مكثّفاً شكّل تحدّياً للجيش الألماني"، مشدّدة على أنّ قوات بلادها "أثبتت جدارتها في القتال".
وشكرت على تويتر 150 ألف رجل وامرأة خدموا في أفغانستان منذ 2001، مؤكدة أن عليهم أن يشعروا بالفخر للدور الذي قاموا به.
كما استذكرت العناصر الذين قتلوا وجرحوا أثناء الخدمة في أفغانستان قائلة "لن ننساكم". وأعلن الجيش مقتل 59 جنديا ألمانيا منذ 2001 أثناء خدمتهم في أفغانستان.
وتم نقل آخر الجنود المغادرين بأربع طائرات عسكرية أقلعت من معسكر مرمل في مزار الشريف، اثنتان منها ألمانيتان من طراز ايه-400-ام" والأخريان أميركيتان من طراز "سي-17".
قبل بدء الانسحاب الألماني، كان عديد القوات الألمانية في أفغانستان 1100 جندي يعملون في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي التي تضم 9600 جندي للتدريب والدعم.
كما أن لبريطانيا وإيطاليا وتركيا حضورا عسكريا كبيرا هناك، إذ توفر الدول الخمس ستة آلاف عنصر لمهمة "الدعم الحازم". وسبق أن سحبت دول تساهم بجنود أقل في المهمة مثل الدنمارك وإستونيا وإسبانيا قواتها.
وسرّعت ألمانيا عملية سحب جنودها بعدما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن قراره سحب قوات بلاده بعد انتشارها على مدى 20 عاما في أفغانستان.
وفي نيسان/أبريل، أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أنها تخطط لسحب جنودها بحلول مطلع تموز/يوليو.
ويهدف بايدن إلى سحب الجنود الأميركيين من أفغانستان بحلول 11 أيلول/سبتمبر، تزامنا مع ذكرى مرور 20 عاما على الهجمات الدامية التي نفّذها تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة.
وأثارت وتيرة سحب الجنود تكهّنات بأنه يهدف إلى إعادة كامل القوات قبل يوم الاستقلال الذي يحتفل فيه الأميركيون في الرابع من تموز/يوليو.
وفي رده على سؤال لفرانس برس بشأن الجدول الزمني لسحب الجنود، اكتفى ناطق باسم الحلف الأطلسي بالقول إن "سحب القوات يمضي بشكل منظّم ومنسّق". وأضاف المصدر "فيما نخفض حضورنا العسكري، نواصل دعم أفغانستان عبر ضمان التدريب والدعم المالي للقوات الأمنية والمؤسسات الأفغانية وعبر المحافظة على حضور دبلوماسي في كابول وتمويل عمل المطار الدولي". ورفضت وزارة الدفاع الأميركية بدورها التعليق على الإعلان الألماني.
الوضع الأمني في أفغانستان يتدهور منذ أسابيع
وتصاعد القتال منذ مطلع أيار/مايو عندما بدأ الجيش الأميركي المرحلة الأخيرة من سحب جنوده، إذ أعلنت حركة طالبان بأنها سيطرت مؤخرا على أكثر من مئة من 400 منطقة في أنحاء البلاد.
ولم يستبعد قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر الثلاثاء شن ضربات جوية ضد طالبان في حال واصلت هجومها.
ويخشى بعض المراقبين من احتمال أن تسيطر طالبان مجددا على العاصمة كابول فور مغادرة القوات الغربية وأعربوا عن مخاوف حيال آلاف الأفغان الذين عملوا إلى جانب القوات الدولية.
وسبق أن أعلنت واشنطن أنها تنوي إجلاء الأفغان الذين عملوا كمترجمين لقواتها وسط قلق حيال مصير آلاف المترجمين الفوريين والسائقين والمقاولين الذين قد يواجهون أعمالا انتقامية بسبب مساعدتهم القوات الأميركية.
وينتظر نحو 18 ألف أفغاني لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم الاستقرار في الولايات المتحدة لأن معالجة هذه الملفات تستغرق سنوات عادة.
وينص مشروع قانون أقره مجلس النواب الأميركي الثلاثاءبدعم من أعضائه الجمهوريين والديموقراطيين، على إلغاء شرط اجتياز فحص طبي للمرشحين للحصول على وضع خاص للمهاجرين، ما سيسمح بتقليص مدة الإجراءات إلى شهر واحد لكل مرشح.
ويفترض أن يقر مجلس الشيوخ أيضا النص حتى يتمكن بايدن من توقيعه وإصداره.
وبدأ التدخل العسكري الدولي في أفغانستان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2001، بعد أقل من شهر من هجمات 11 أيلول/سبتمبر التي أودت بحياة نحو ثلاثة آلاف شخص في الولايات المتحدة.
وكان نظام طالبان الأصولي حينها يأوي أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي أسسه ونفّذ الهجمات. وأطاحت القوات التي قادتها واشنطن بنظام طالبان في غضون أسابيع.