إيلاف: دورة استثنائية وصعبة، لمهرجان الجونة السينمائي الدولي، والتي يعود بها بعد انقطاع عامين، ثم تأجيل ثم إعلان العودة ثم تأجيل آخر قبل تحديد موعد رئيسي هو الـ ١٤ من ديسمبر وذلك تضامنًا مع شعب غزة، وأخيرًا افتتاح صامت بلا ضجيج، ولا سجادة حمراء، وبرغم كل شيء، أقيمت الفعاليات السينمائية، وعرضت الأفلام، ليعلن المهرجان عن عودته مرة أخرى لسنوات مقبلة.
كواليس صعبة، خاضتها إدارة المهرجان والقائمين عليه، حاولنا معرفة بعض منها من عمرو منسي المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لمهرجان الجونة السينمائي الدولي، في هذا الحوار:
الدورة السادسة هي دورة الأزمات وتعتبر استثنائية، وصادفت أن بها بعض التغيير خاصة في مشروع صندوق دعم أفلام الشباب.. ما خطواته التنفيذية ومتى يبدأ؟
الدورة الحالية من مهرجان الجونة السينمائي الدولي، من أصعب المشروعات التي مررت بها في حياتي، وتجربة عمل صعبة للغاية.
وفي العادة الإعداد لمهرجان يكون صعبا، وكانت أول دورة للمهرجان صعبة بالنسبة لي لضخامة المشروع وتوليتي مسؤولية بتلك الضخامة، ولم يكن لديّ وقتها معرفة ببعض التفاصيل، لكنني كنت مؤمنا بما نقدمه واجتهدنا للغاية كفريق عمل، وكنا نتعلم سويا معنى إقامة مهرجان ضخم.
وكل عام المهرجان كان يكبر ويواجه تحديات. ومنذ عامين كنت أشارك في المهرجان كشريك مؤسس بعيدا عن الإدارة.
وهذا العام كان يمثل عودتي للإدارة وكانت المسؤولية كبيرة بالنسبة ليّ، وعلى مدار 7 أشهر كنت أُعد لعودة المهرجان وأرغب في تقديم شيئ قوي لصناع السينما.
وخلال تلك الفترة كنت أشعر بالضيق حول ما يتم ترديده من شائعات عن "الجونة"، دون أن يدرك الناس أهمية المهرجان في مساعدة صناع السينما، وكون هدف الأساسي ثقافي وسياحي.
وكان هدفي الأساسي في العمل على الإعداد للمهرجان هو التواصل والعمل مع الإعلام، وتوصيل رسالة إلى أن كل المشروعات في المهرجان تعمل ويجب تغطيتها بموازنة، وليس فقط اختيار لقطات السجادة الحمراء التي تركز على فساتين الفنانات.
وهذا العام أشعر بالاستجابة لذلك، في الإعلام يغطي كافة الفعاليات في المهرجان. حتى أنني وردني بعض التعليقات التي تخبرني بأنهم يشعرون بأن المهرجان سينمائي بالفعل! وأدهشني ذلك لأنه كان يحدث من أول يوم في المهرجان ولكن لم يكن يتم تغطيتها إعلاميا. تلك النسخة من المهرجان بها فعاليات كثيرة على مدار اليوم، ومنظمة بشكل جيد للمتابعة.
لاشك أنها دورة صعبة بالنسبة لك؟
بالفعل أرى أنها الأصعب، فنحن كفريق عمل انتهينا من كافة تجهيزات المهرجان خلال 4 أيام. واعتمدنا أوراق نحو 1500 أو 2000 شخصا وذلك قبل إقامة المهرجان بأسبوع واحد فقط، وكان من الممكن أن يزيد العدد. وكنا على شراكة مع شركات كبرى ووكالات عالمية للقاء الممثلين المصريين، ووجهنا دعوات لمنتجين ليتحدثوا عن أشياء كبيرة صنعوها . ووسط كل ذلك فوجئنا بأنه لا يصح إقامة المهرجان في تلك الظروف، وكان قرار التأجيل من أصعب ما يكون بالنسبة لي ولفريق العمل، ولم يكن الأمر سهلا علينا رغم أهمية القرار.
التفكير في ذلك الوقت كان منصبا حول جاهزيتنا وبالرغم من ذلك لم يخرج المهرجان للنور، فكانت الفكرة نفسيا صعبة. أجلنا في البداية لمدة أسبوعين ولم نكن نتخيل أن الموضوع سيطول عن ذلك، فقررنا التأجيل للمرة الثانية، وكل ذلك كان يترتب عليه خسارة مالية كبيرة، وكنا نعمل في ظل عدم معرفتنا بخروج المهرجان للنور أم لا، إلى أن قررنا استغلال المهرجان بأن نفعل شيئا لصالح فلسطين ونوصل صوتهم بقدر الإمكان من خلال منصتنا.
هل هناك شركات رعاة اعتذرت أو انسحبت في بداية المهرجان؟
حدث بالفعل نتيجة التأجيل، فهناك بعض الشركات لم تستطع الاستمرار. وكان هناك اتفاق ضمني بأن هناك بعض الشركات ستكمل معنا المهرجان وأخرى لا.
حجم الخسائر لم يدفعكم لإعادة النظر في حسابات إقامة الدورة؟ مع ملاحظة عدم وجود إعلام أجنبي مثل الدورات السابقة؟
نحن أنفقنا بالفعل 90% من الأموال، وكنا انتهينا من كافة ديكورات فعاليات المهرجان وكنا انتهينا من العمل على المهرجان بالفعل. فكان القرار يدور حول الإلغاء في ظل توقفك لمدة عامين، مع ملاحظة أن مهرجان بحجم "الجونة" توقف لمدة عامين والإنفاق عليه لتلك الدورة المهددة بالإلغاء لم يكن الأمر سهلا لكي نعيد المهرجان مرة أخرى. كنا نعلم من البداية أنها دورة استثنائية وتقام في ظل ظروف صعبة جدا، وان الكثير من الأشخاص لن يتمكنوا من المشاركة.
كان قرار المهندس سميح ساويرس بإقامة المهرجان بالشكل الذي يليق به، لضمان استمراريته، حتى يعلم الجميع أن المهرجان مقام لغرض معين وهذا الغرض سيتحقق بالشكل الأصلح له.
إلغاء المهرجان العام الماضي، هو السبب الرئيسي لإقامة المهرجان هذا العام؟
من أهم الأسباب طبعاً
أبرز التغيرات في هذه الدورة من المهرجان ؟
مشروع دعم أفلام الشباب خطوة من خطوات التغيير في المهرجان خلال الفترة المقبلة.
المهرجان حقق نجاحا ملموسا في ظل تلك الظروف بالرغم من عدم وجود الإعلام الدولي -رغم وجود تنوع كبير في التواصل الإعلامي ، فبعض الإعلام يرصد المهرجان بطرق مختلفة دون حضوره شخصيا نتيجة الظروف المصاحبة لإقامة المهرجان، وكنا نعلم تلك العقبات خلال اتخاذنا للقرار- ولكن إيماننا بما نقدمه جعلنا نُقدم على تلك الخطوة.
بالشراكة مع شركة "OSit" إحدى شركات أوراسكوم، قررنا بعد انتهاء "سيني جونة" إقامة مشروعين مهمين في القاهرة، ونقدم تمويل للشباب بقيمة 8 مليون جنيه لمساعدتهم. ويشمل البرنامج المصريين فقط في أولى سنواته. ويبدأ البرنامج في أبريل المقبل.
رؤيتك لغياب الفنانين المصريين والعرب الذين كانوا شركاء في نجاح الدورات السابقة.. هل جزء منه لارتباطهم أم خوفا من الانتقادات لوجودهم في المهرجان في ذلك التوقيت؟
أنا لا أعلم ما بداخل كل شخص، لكن من اعتذروا ليّ ملتزمين بتصوير أعمال، فالبعض متواجد في السعودية لتصوير مسرحيات وأفلام، والبعض ملتزم بتصوير أعمال رمضان، ومن الممكن وجود نسبة من الناس خشيت الحضور خوفا من الانتقادات، فكل شخص حر في قراره.
توقفت عن الإدارة لمدة عامين.. وكانت لديك فرصة العمل مع على تكوين فريق.. ما الأمر الذي كنت حريصا عليه خلال تكوينك لفريق العمل.. وماذا عن عملك مع مدير المهرجان انتشال التميمي؟
كنت حريصا على أن يكون أفراد الفريق منسجمين، وحريصين على العمل. مهرجان الجونة مغري للعمل به، وبعض الأشخاص يظن العمل في مهرجان الجونة أشبه بـ "الفسحة"، لذلك كنت أبحث عن فريق محب للعمل ولديه خبرة سابقة خاصة في الأدوار الهامة بالمهرجان. وكنت أرغب في نقل رؤيتي لفريق العمل بأن المهرجان يتغير ويتحول لمهرجان سينمائي بالكامل، فلا بد للعمل الذي نقدمه أن يظهر، لذلك قدمنا "سوق" الجونة لأول عام، والذي أرى أنه سيتوسع.
في وقت سابق لم أكن أتدخل تقنيا بشكل كبير لأنني لست من صناع السينما، فأنا حصلت على خبرتي من عملي ومهنة رواد الأعمال وحاولت تطبيقها في "الجونة"، من خلال تكبير المنصات وورش العمل وكنت أراهن على اهتمام الناس بها. رؤية إقامة برنامج قوي تشترك من أجله الناس تحققت قبل إقامة المهرجان، ما يعني أنها كانت صحيحة، لذلك كان علينا تسويقه جيدا ليتعرف عليه الناس ليشاركون به.
وفيما يخص عملي مع الأستاذ انتشال التميمي منذ 3 سنوات، وهو يمتلك خبرة كبيرة، وكان أول شخص يفكر في موضوع "سيني جونة" وأنا أراها كانت العمود الرئيسي للمهرجان.
ما رؤيتك للاعتذارات التي حدثت عن الأفلام أو مشاركة النجوم العالميين ؟
لم يكن هناك اعتذارات لصناع الأفلام، سوى فقط من الأفلام الأجنبية، وذلك يعود بسبب الإعلان عن إقامة المهرجان قبلها بأسبوعين، وذلك غير منطقي بالنسبة لأغلب الناس. بالإضافة إلى تزامن المهرجان مع إقامة مهرجاني "البحر الأحمر السينمائي" و"مراكش"، وكذلك أعياد الكريسماس.
ما رؤيتك لمنافسة المهرجان مع مهرجان البحر الأحمر السينمائي؟
أرى أننا مكملين لبعضنا، فأنا لا أشعر بالضيق من المنافسة وذلك بشكل شخصي.
يوجد فارق كبير في الميزانية بينهم؟
بالفعل، لكننا في النهاية نحن في مصر لدينا خبرات كبيرة تساعدنا في عملنا ، ولدينا فن كبير وممتد ولدينا سينما وأفكار أصيلة . فأنا ذهبت لـ"البحر الأحمر" وسعدت به كثيرا جدا واستفدت منه، وخلقت شبكة علاقات. وهو الأمر الذي أشعرني بالسعادة، لأنني أحب العمل المشترك، ومساعدتنا لبعضنا. فمثلا عندما بدأنا تعاونا مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي و ساعدنا بعضنا. ما أقصده أن ما يحدث فيما بين المهرجانات شيئ جيد للسوق السينمائي العربي .
عندما بدأت بإقامة بطولة "الإسكواش" في الجونة كنت أعاني في الحصول على الرعاة حتى يتعاونون معنا في البطولة، وبعد إقامة البطولة لعدة سنوات أصبح هناك بنوك تهتم باللعبة وتسعى لرعاية البطولة، وأصبح حول تلك البطولة 5 بطولات أخرى تقام في مصر لتلك اللعبة. المنافسة جيدة للصناعة أيا كان نوعها.
ونحن في ختام المهرجان ما تقييمك لتلك الدورة؟
كان لدي تصور لشكل المهرجان بعد التغييرات التي حدثت فبالنسبة لي تلك هي رؤيتي. الرؤية كانت هي هي التي كنت أنوي تقديمها من قبل الظروف التي حدثت. فكنت أرغب في تقديم شيئ مميز للصناعة وليس لأي شيء آخر، وأشعر أن ذلك تحقق. والشيء الوحيد الذي اختلف هو نسبة الحضور وكنا مدركين لذلك عندما قررنا إقامة المهرجان برغم الظروف السياسية .