وليد آل إبراهيم رئيس مجلس إدارة مجموعة (MBC) السعودية الإعلامية الشهيرة، هو بطل هذا المقال، والشخصية التي سأتحدث عنها، وأسلط الضوء على مناطق معينة من ألف حياته المهنية إلى يائها، لتلمّس مكامن التميز عنده، والتحليق في فضاءات الإبداع في محطاته الريادية والقيادية التي انتهت إلى بناء صرح أكبر إمبراطورية إعلامية سعودية في العالم سخرها لخدمة التنوير ومشاريع تنمية العقول، وإيصال الحقيقة إلى الآخر.
وإنني لأرى أنَّ الرجل، وعبر مسيرته العملية الطويلة، استطاع تخطي مراحل ومنعطفات كثيرة، يمكن اختصارها بثلاث محطات مفصلية، هي مرحلة الريادة والتأسيس وتمثلت بانطلاقة متعثرة في بداياتها، وتمثلت بافتتاح مكتب في الرياض بالشراكة مع إخوته الثلاثة في ثمانينيات القرن العشرين، ومرحلة الازدهار وتميزت بالانفتاح والوعي والانضباط في التوجه، ومرحلة التوسع والتنوع وتميزت بالعالمية والاندماج برؤية 2030، وفي جميع هذه المراحل أثبت عمق انتمائه إلى بلده، وأنه شخصية وطنية مؤثرة وفاعلة بامتياز.
أولاً: مرحلة التأسيس
لا تكاد تتمايز مرحلة التأسيس عند السيد وليد من غيرها من المراحل عند غيره من رواد الأعمال والشباب المتحمسين للعمل والمقبلين بنَهَم على العطاء، وشخصيته في هذه المرحلة اتصفت بالرغبة العارمة في إنشاء مشروع خاص به يجد فيه ذاته، وينعم بالاستقلالية المالية والشخصية بعيداً عن العمل في القطاع الحكومي الذي يرى فيه قيوداً لأحلامه الريادية التي تتوسع في كل أفق.
وفي هذه المرحلة بدأ الرجل بالتفكير في مشروع يحقق فيه طموحاته ويفرغ فيه شغفه، فوقع اختياره على حقل الإعلام الذي كان في أوج زخمه في الثمانينيات في الخليج، تماماً كظاهرة التواصل الاجتماعي وإنشاء المحتويات على الشابكة (النت) اليوم، وكان من المنطقي لشاب بعمر السيد وليد آنذاك حديث التخرج أن ينطلق بإمكانيات محدودة، سواء مالية أو إسنادية (لوجستية) أو حتى تحفيزية، وبرأيي أن هذا ما أفضى به إلى التريث قليلاً في اتخاذ قراره المصيري في الإعلان عن مشروعه، إضافة إلى أن العروض التي كانت متاحة بين يديه حينذاك لم تكن بالمستوى المطلوب من الإغراء والتحفيز، بل كان يشوبها بعض الغموض مع انسداد الأفق.
وظلت الأفكار في ذهن الرجل تتبلور وتخضع لعملية أشبه ما تكون بعملية الاستقلاب الخلوي والتشكّل الجنيني، وكان أن حطّ نظره أخيراً على صناعة الأفلام الوثائقية التي كانت حينذاك جديدة على البيئة العربية وفيها من التشويق والإثارة الشيء الكثير للمشاهد العربي، فجاء هذا العمل سبقاً متناغماً مع السياق الجماهيري، ملبياً حاجة الذوق السائد في المملكة في ذلك الحين، ومن ثمّ طفِق ينفذ دراسات جدوى لمشروعه، ويوازن بين الإمكانيات المتاحة والاحتياجات المطلوبة والأهداف المنشودة، ولم يألُ جهداً في توخي الموضوعات الوثائقية التي تصلح أن تكون محتويات لأفلامه الوثائقية، تصب في بوتقة المصلحة الوطنية لبلده.
هذا، وأتوقع أنَّ السيد وليداً كان على دراية مسبقة بأنَّ عمله لا بد أن يطرأ عليه ما يعيق تقدمه، وبالفعل ظهرت جملة من التحديات القاسية والعقبات الجاسية في طريق الرجل، ولعل أبرز هذه التحديات كيفية تقديمه لمشروعه وتعريف الجهات الحكومية المعنية بطبيعة هذا المشروع وأهدافه وأبعاده ومحتوياته وغاياته وصولاً إلى إقناع المعنيين بالموافقة عليه ثم تقديم التسهيلات لتحقيقه، وبُدُوّه بالصورة اللائقة لحجم الجهود المبذولة ومكانة المملكة عربياً وعالمياً، وخاصة أن حقل الإعلام في تلك الفترة كان مقتصراً على الدولة، وفكرة استثمار القطاع الخاص فيه كانت مبكرة وغير مطروحة ولا مطروقة في الخطط الوزارية بعد.
شعر السيد وليد بحساسية هذه الخطوة، وأنها العنصر الذي سيحدد مصير المشروع، ويحكم عليه بالنجاح أو الفشل، وبناء عليه أعدّ العُدّة للبدء في التعريف بمشروعه وتسويقه للرأي الرسمي، من خلال رسم خارطة طريق واضحة له تبين الأهداف والغايات وتشرح بنود الخطة، ولم يكن في هذه الفترة يمتلك المعرفة الكافية في القوانين الناظمة لعمل المؤسسات الحكومية في المملكة.
خطا الرجل في الاتجاه الصحيح إذ بدأ مسيرته الريادية بصناعة شريط فيلمي وثائقي وفي طيّه ملف تعريفي بالمشروع ليعطي منذ البداية انطباعاً إيجابياً للمعنيين عن طريقة عمله وأناقة فكره، وليكون عمله منظماً ولائقاً، وبالفعل لاقى مشروعه حسن القبول من الحكومة وبالأخص من الوزير المكلف إبراهيم العنقري، وتأييداً قوياً من الملك فهد رحمه الله، حيث شجعه على إقامة مشروعه بشرط ألا تقل جودة العروض التالية عن جودة هذا الفيلم التجريبي إخراجاً ومضموناً.
فركز على جودة الإخراج الفني والمحتوى المعرفي لأفلامه الوثائقية اللاحقة، واضعاً نصب عينيه مفردات الربح والخسارة ورأس المال، ومن ثمرات المضي قدماً في هذا المشروع هو أن الصورة العامة له صارت تتضح أكثر فأكثر في ذهنه، وتتسع دائرة رؤيته لتفاصيل عمله، وأخذ يعرف ماذا يريد بالضبط، ويمتلك قدرة على انتقاء الكوادر الإدارية والقوى التشغيلية والخبراء المتمكنين في هذا المجال ولا سيما المخرجين المختصين في صناعة الأفلام الوثائقية.
ثانياً: مرحلة الازدهار
شرع الرجل في التفكير الجاد في توسيع عمله، إذ شعر بضرورة التحرر من الأفلام الوثائقية والانطلاق في فضاءات إعلامية أوسع والخروج من السعودية إلى البلدان العربية، إلا أن التحديات عاودت للظهور من جديد، وعلى رأسها تضارب القوانين والقرارات الإعلامية بين دولة عربية وأخرى، وكل مؤسسة لها رقابة مبنية على قوانين قد تختلف - إن قليلاً وإنْ كثيراً - عن مثيلاتها في الدول الأخرى، فضلاً عن تفشي الفساد في بعض الصروح الإعلامية في بعض البلدان العربية، إلا أنه لم يستسلم، وقرر ألا يحصر نفسه في هذه المرحلة في نطاق الإعلام المختص الضيق.
المشروع العملاق
شكلت جملة التحديات والعقبات التي واجهها السيد وليد في مسيرته المهنية عاملاً محفّزاً نبّهه على فكرة مشروع رائد واستثنائي على مستوى المملكة ثم على مستوى العالم، وهو إنشاء مؤسسة إعلامية مستقلة وخاصة به تمكنه من حرية التسويق لمنتجاته الإعلامية بكل سهولة وشفافية، ودون ضغوط من أي مؤسسة إعلامية، ودون التزام القيود التي تفرضها عليه بعض هذه المؤسسات التي لا يقتنع بها، وهكذا تحرر من التقيد بسياسات عشرات المؤسسات الإعلامية العربية التي تتمتع كل منها بسياسة تختلف عن غيرها مما يؤدي إلى إعاقة سياسة عمله وتقييد حريته.
ومن هنا شرع فعلياً في تأسيس إمبراطوريته الشهيرة الـ (MBC)، التي مثلت نقلة نوعية في تاريخ مسيرته الإعلامية خاصة والاستثمارية عامة، وشكلت انفجاراً استثمارياً – إن صح التعبير – في حياته، أخرجه من ضيق التخصص إلى انفلاش الرؤية، فكانت هذه المؤسسة رؤية جديدة له وغير مسبوقة على صعيده الشخصي وعلى صعيد المملكة.
وبوسعي القول: لم يكن لهذا المشروع أن يرى النور لولا التسهيلات التي قدمتها له الجهات الحكومية الرسمية في المملكة في أثناء تسيير المعاملات والمقابلات والمراسلات والخطابات، فكانت الاستجابة لرؤية الرجل مدخلاً لتحقيق أحلامه، وخاصة ما حظي به من قبول من قبل الملك فهد الذي أخذ بيديه وشجّعه وسهّل له الطريق، وأخيراً كان افتتاح القناة رسمياً عام (1991).
وإن ما لفت الانتباه في هذه القناة إثر انطلاق بثها هو الطريقة الجديدة في الطرح من حيث الإخراج والمحتوى، فنجحت في تقديم نفسها للمعنيين وللجمهور من المشاهدين والمتابعين، كما نجحت في التسويق لنفسها أيما تسويق، من خلال منتجاتها الفنية وأفلامها الوثائقية وبثوثها النوعية النافعة والماتعة، فهي قناة منوعة تبث الأخبار والمسلسلات والبرامج، أحدثت انعطافة تاريخية في البث التلفازي العربي.
ولكن هاجس السيد وليد تمثل في حلمه في وصول القناة وعرضها للناس إلى شريحة واسعة، وهذا ما حدا به إلى التنقل بين دول الجوار كالبحرين والكويت ثم انتقل إلى المغرب للترويج والتعريف والتنسيق والتعاقد وما إلى ذلك من أنشطة وعلاقات عامة.
عوامل نجاح الشخصية
باستطاعتي من خلال قراءة المسيرة المهنية للرجل، واستقراء مواقفه، ورصد أنشطته وعلاقاته استنتاج أبرز عوامل نجاحه في حياته العملية والتي تتمثل في النقاط الآتية:
1. ضبط البوصلة وتحديد أهدافه بدقة، وتفريقه بين الهدف العام والأهداف الفرعية، وتوجيه الأهداف الفرعية ثم توحيدها والتقاؤها في الهدف العام، ومعرفة ماذا يريد وماذا لا يريد.
2. التصميم وعدم الاستسلام، والاستمرار في الحفر والتنقيب في المشروع نفسه، ساعده في ذلك مهارته في دراسة السوق والعرض والطلب، والقوى التنافسية الموجودة.
3. الأخذ بعين الاعتبار عامل التنافس والعمل في ضوئه على التغلب على التحديات من جهة، وتجاوز المعوقات من جهة ثانية، فالتحديات تأتي من المنافسين، والمعوقات تأتي من طبيعة العمل وطبيعة البيئة المحيطة السائدة في المجتمع، وأتوقع أن من أقسى العقبات التي واجهها في مسيرته المهنية كانت تتعلق بفشله في الحصول على بث أرضي سنة (1995).
4. المهارة الواضحة في بناء العلاقات مع الشركاء والمراقبين، فالشركاء لهم حدود واضحة ضمن شروط تعاقدية واضحة، والمراقبون من الجهات الرسمية كوزارة الإعلام لهم حقوق محفوظة محفوفة بالانضباط، والقدرة على التنسيق على الصعيدين المحلي والإقليمي.
5. القدرة على التعامل مع الأحداث والمواقف الطارئة التي لم تكن مندرجة في خطط المؤسسة، ويتضح ذلك من خلال بعض المواقف التي كانت تفاجئ السيد وليداً في أثناء عمله، فتؤثر في انسيابيته، كما حدث معه عندما أعلنت بعض الدول التي كانت تزوده بالبث الأرضي إيقاف هذا البث بسبب تحدي القناة لقنواتهم المحلية، وأنها تشكل تهديداً لإعلامهم المحلي، ومن ثم عزوف مواطنيهم عنه.
6. الخبرة في موضوع إدارة رأس المال وتقليب الأرباح، والتحكم بميزان الربح والخسارة، وإدارة الموارد المالية ومصادر الدخل التي تعمل على تمويل القناة، دون أن يضع رَقبة تحت رِبْقة جهات خارجية لتمويله ومن ثم السيطرة على قراراته وخارطة طريقه، وهذا ما حصل من خلال استثماره المُجدي للإعلانات التي كانت تبث في القناة.
7. الوعي بأهمية التطوير، إذ كان السيد وليد رجلاً مطوّراً لا يكتفي بالسقف الإنتاجي الذي حققه، ولا يرغب في التوقف عند نقطة معينة رتيبة من النجاح، بل كان إنساناً طموحاً يحمل في داخله صفات الريادي والقيادي المطوِّر لمشروعه.
8. تقبل الرأي الآخر، والاستماع إلى النقد الموجه برحابة صدر، وعقد علاقات قوية مع الناقدين له، وعدم الاستنكاف عن الإفادة من خبراتهم، فلقد كان يستفيد من الخبراء الإعلاميين والسياسيين والدبلوماسيين وخاصة في مرحلة شبابه، يحاور يناقش يبني جسور التفاهم وينسج علاقات مع الشخصيات المؤثرة في كل مرحلة.
وأرى أنَّ مِلاك عوامل النجاح هذه هو الاعتماد على إستراتيجية القفزات المباغتة، فكلما استشعر سيادة الرتابة على حركية الإنتاج الإعلامي في مؤسسته هبّ يفتش عن نُقلة نوعية جديدة تكسر هذه الرتابة، وتبدّد خيوط الملل والسأم لدى المشاهدين، وأظن أن من أبرز هذه القفزات برنامج (من سيربح المليون) الذي مثّل طرحاً إعلامياً فريداً من نوعه وجديداً في سوق الإعلام العربية، جاء في وقت بلغت فيه البرامج العربية أوج الكلاسيكية المملّة حتى استُهلكت تماماً، وطابت منها نفس المتلقي العربي.
ومن المؤشرات الجلية على نجاح هذا البرنامج حظوته لدى الملك سلمان ذلك الوقت، وأثار اهتمامه بعمل المؤسسة، ولكن كان لا بد من المزيد من الدعم المالي للقناة عن طريق القروض البنكية من جهة والبحث عن موارد متجددة من جهة ثانية، فالقناة ليست فقط مشروعاً فردياً بحتاً وإنما هو مكمل لعمل الحكومة، وأحس السيد وليد بضرورة الدعم الحكومي.
ثالثاً: مرحلة العالمية
ظلت مؤسسة (MBC) بجهود السيد وليد منذ بداية إنشائها عام (1991) تنشد الوصول إلى العالمية، وبرأيي فإن مرحلة بلوغها أوج انفتاحها على العالم بدأ مع انبلاج فجر قناة العربية التي تأسست عام (2003)، وأعتقد أن الأهمية الإستراتيجية لهذه القناة نابعة من وزنها الإقليمي، إذ شكلت معادلاً موضوعياً لأضخم قناة في العالم العربي آنذاك أعني قناة الجزيرة، وإذا افترضنا أن الإعلام العربي ميزان بكِفة واحدة هي قناة الجزيرة، فقد أصبح بكِفتين متوازنتين الكفة الثانية هي قناة العربية، التي أرى أنها شكلت توازناً إعلامياً لا يمكن إنكاره، كما لو أن الإعلام العربي كان أحادي القطب قبل العربية، فصار ثنائي القطب بعد العربية، وهذا عامل إيجابي في أي نظرية تسويقية أو تجارية، إذ يبعث على التنافس بين المنتجين، ومن ثم يحقق جودة المنتجات.
وأظن أن السيد وليداً كان ذكياً حينما فكر في مشروع بضخامة قناة العربية، فلعله وجد ثغرة في الإعلام العربي تتمثل في هيمنة قناة واحدة على المشهد العربي، تمثل المصدّر الوحيد للواقع العربي إلى العالم والمتصدّر للبث العربي عالمياً، وهذا أيضاً ما دفع القيادة السعودية إلى الترحيب بهذه الفكرة، من منطلق أن المملكة بحاجة إلى قناة بمستوى الثقل التاريخي للمملكة تتصدر المشهد، وتنقل إلى العالم الصورة الصحيحة للسعودية قيادة وشعباً وتاريخاً وحضارةً، وتنافح عنها ضد الهجمات التي تتعرض لها.
وأيضاً فإنني أرى كغيري أن المشروع الإعلامي للسيد وليد عُدَّ ذراعاً قوية يحمل أسم «القوة الناعمة» السعودية ومن ثم يمكن وصف مجموعة MBC بأنها ذراع الحكومة السياسية وكذلك قناة الأسرة بامتياز.
السيد وليد ورؤية 2030
وتجدر الإشارة هنا إلى انخراط السيد وليد في التيار الاستثماري السعودي المستجد في الساحة، أعني رؤية المملكة (2030)، وقد رغب عن طيب نفس ومن دون ضغوط في توحيد رؤيته برؤية المملكة، وقد جرت بينه وبين سمو الأمير محمد بن سلمان مقابلة في سنة (2014) وهي مرحلة الإرهاصات الأولية للرؤية، وحصل تلاقٍ فكري وتوازن في خطوط التفكير لدى الرجلين، واتفاقهما في الهواجس والطموحات، وعرض سمو الأمير على السيد وليد أن يقوم بترحيل مؤسساته إلى أرض الوطن.
ثم كان اللقاء الثاني بينهما عام (2018) مع بدء انطلاق الرؤية، لبناء مستقبل فوق العادة، وأتصور أن هذا اللقاء كان أكثر جدية من اللقاء الأول، إذ في هذا العام كانت الصورة العامة للرؤية أكثر وضوحاً، وأثبت قواعدَ.
ومما عزز من قناعة السيد وليد بالرؤية أن السعودية خزان لشريحة الشباب، إنها بلد شاب معطاء، وهذا أيضاً دليل على معرفته ماذا يريد بالضبط، فجيل الشباب هو الفئة الأكثر استهدافاً للإعلام في مختلف نشاطاته من ترفيه وعلم ومعرفة.
وهكذا شجع سمو الأمير أن تكون (MBC) جزءاً من الرؤية جغرافياً وتاريخياً، وحث القناة أن تكون جاذبة لفئة الشباب لتوجيههم نحو ما يفيدهم ويكسبهم مهارات كبيرة، ويحقق أحلامهم.
أرى أن الفائدة الناتجة من التعاون بين (MBC) والرؤية كانت تبادلية، فكما أن الرؤية استثمرت في هذه المؤسسة، كذلك فإن هذه المؤسسة ضبطت بوصلتها نحو الاتجاه الاستثماري الصحيح، وفي تعزيز طموح السيد وليد في أن تصبح (MBC) من أكبر عشرة كيانات إعلامية في العالم.
ولا أغفُل عن التنويه بوفاء السيد وليد لكل من وقف معه وسانده ولو بكلمة طيبة، إذ لا تزال ذاكرته تحتفظ في ثناياها بأسماء رجالات كثر ممن وقف إلى جانبه وسانده ولو بالكلمة الداعمة، ومنهم الملك فهد والملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان، ورفيق الحريري الذي عرض عليه استضافة القناة في لبنان، ومحمد بن راشد آل مكتوم الذي فتح له أبواب دبي واستضاف القناة فيها، ومنحه ضمانات قوية تقضي بعدم التدخل بسياسته الإعلامية في بداية القرن الحادي والعشرين حيث كانت دبي في بداية وثبتها الحضارية.
إذن، جسد مالك (MBC) شخصية رائد الأعمال السعودي الذي بلغ بإصراره أن أصبح رجل أعمال يحتاز مكانة كبيرة في العالم ، ويشار إليه بالبنان، بعد إذ خطّ مسيرته المهنية بوعي وإتقان وعزيمة، فنجح بجدارة في تحويل مشروعه الصغير المتواضع في بداية انطلاقته إلى إمبراطورية مترامية الأطراف تضع الأهداف الوطنية لبلده نصب عينيها.