: آخر تحديث

موسيقى وغناء وبهجة في «القلم الذهبي»

4
4
4

في حفل ختام مسابقة «القلم الذهبي» بمدينة الرياض، تابعت تتويجاً يليق حقاً بأصحاب أكثر الأقلام الذهبية تأثيراً.

أكثر من مصفاة مر بها الفائزون لضمان الدقة والحيادية والشفافية، والهدف هو إنعاش الحالة الدرامية في عالمنا العربي.

في هذا الحفل وجدنا حفاوة بالكلمة التي وصفها كاتبنا الكبير عبد الرحمن الشرقاوي قائلاً: «الكلمة نور... وبعض الكلمات قبور». كانت لجنة التحكيم التي شرفت بعضويتها تلتقط «النور» المتناثر بين الآلاف من الموهومين، وندرة من الموهوبين. كانت وستظل المواهب تشكل في العالم كله الاستثناء.

على السجادة الحمراء - وأظنها من المرات القليلة - نرى عناق الموسيقى مع الأدب، حيث تصافحك آلة «الهارب» في طريقك للمسرح، في حين أن عشرات الفضائيات تغطي الحدث من كل جوانبه، وعلى المسرح تجد المخرج والكاتب والروائي والنجم يشاركون في توزيع الجوائز.

لاحظت أن قسطاً وافراً من الفائزين في العشرينات من عمرهم، وهي ظاهرة إيجابية، أحدهم كتب روايته وهو في الثامنة عشرة، وأنهاها في الثانية والعشرين. هناك نسبة معتبرة من الفائزات، نأمل زيادتها في الدورة القادمة. لم تضع اللجنة في اختيارها الجنسية أو العمر أو التوجه النوعي للعمل الأدبي؛ فتحت الأبواب طبقاً لرؤية رئيس هيئة الترفيه المستشار تركي آل الشيخ، فقط للإبداع من دون أي حسابات أو حساسيات أخرى.

لم تكن المرة الأولى التي أشارك في لجان مماثلة؛ لدينا العديد من المسابقات الأدبية والدرامية أسبق تاريخياً. التحية قطعاً واجبة للقائمين عليها؛ لأنهم من العاشقين للثقافة، وأغلبهم من المجتمع المدني، يساهمون بأموالهم في تلك المسابقات من دون انتظار شيء، إلا أنها تنتهي عادة بالمشهد الختامي عند إعلان أسماء الفائزين، وتسأل: ماذا بعد؟ لا يوجد بعد.

هذه المرة الجائزة الحقيقية تبدأ بعد الإعلان عن الجائزة. يسعد قطعاً الكاتب بالتقدير، إلا أنه يتمنى أن ينتقل من دائرة القراء الذين يقدرون كحد أقصى بالآلاف إلى دائرة الملايين من المشاهدين، عندما تتجسد الرواية في فيلم أو مسلسل، وهو هدف مسابقة «القلم الذهبي» النهائي لإنشاء «بنك الأفكار». الأعمال الفائزة تتمتع بأربع ميزات؛ الأولى أنها الأكثر إبداعاً. الثانية، أنها الأكثر تأثيراً. الثالثة، أنها تحمل في عمقها إمكانية تحويلها إلى عمل درامي. الرابعة، أن هناك رؤية اقتصادية مسبقة أكدت أن هذا النوع من الإبداع ينتظره جمهور.

تتحدد خصوصية تلك المسابقة مع تعدد زوايا الرؤية. أن يحمل الفائز لقب الحاصل على «القلم الذهبي»، يضعه بين الندرة من الموهوبين، ولديه شهادة موثقة من قامات إبداعية، ومن حق هذا الموهوب أن يحلم أيضاً بأن تتسع الدائرة لمن يتعاطون مع روايته من خلال وسيط له دائرة جماهيرية أوسع.

أتذكر أنني سألت يوماً كاتبنا الكبير نجيب محفوظ عن أسلوبه في الكتابة، وهل من الممكن أن يغير الكاتب من مفرداته ليتواءم مع الزمن؟ قال لي: «لو اكتشفت أن قارئ روايتي لديه صعوبة في التلقي، سأكتب على الفور بطريقة أخرى».

الكاتب في النهاية يراهن على اتساع الدائرة. كان نجيب محفوظ ينصح تلاميذه بأن يتعلموا مثله حرفة السيناريو، وكتب فعلاً (محفوظ) للسينما أكثر من 20 عملاً، بعضها عن روايات لإحسان عبد القدوس، إلا أنه لم يكتب ولا مرة سيناريو عن قصة لنجيب محفوظ، وتلك حكاية أخرى.

«القلم الذهبي» مسابقة تملك مقومات الحياة، مثل من يشيّد بناء ويبدأ أولاً بالبنية التحتية، وننتظر من الآن أن نرى ناطحة سحاب، تعلو للسماء!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد