صدرت حديثًا رواية الغانية والبحر للكاتب أحمد جمعة، عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع في القاهرة.
وهي تقود القارئ في رحلة غوص طويلة وشاقة لجني المحار، فتروي حكاية غواص وصديقه، يقضيان أربعة شهور في قلب البحار، منعزلين عن العالم.
الروائي البحريني أحمد جمعة
وتبدأ العلاقة بالتشابك حين يروي أحدهما حكايته مع زوجته الجميلة الأخاذة بتفاصيل شفافة، مما يزرع في عقل الآخر_ الذي لم يلتقِ بامرأة_ أفكارًا ومشاعر جياشة، تبلغ ذروتها بالولوج في عمق العلاقة، حتى يبلغ مرحلة عشق زوجة الآخر من خلال ما يرويه صديقه عن مغامراته العاصفة والمثيرة مع زوجته.
ويصل به الأمر لمنعطفٍ محموم لا يستطيع مقاومة الاندماج الكلي مع المرأة عبر ما يسردهُ الآخر عن جسدها وعاطفتها ورغباتها إلى أن يُفكر بالاستيلاء عليها عبر التسبّب في موت صديقه المسؤول عنه في الغوص. فيتركه ليغرق ويعود إلى اليابِسة بعد شهور العزلة الطويلة في البحر ويبدأ قصة أخرى معها..
تجري احداث الرواية في بدايةِ اربعينات القرن الماضي إبان الحرب العالمية الثانية، في مجتمع البحرين الخليجي، بذروة محنة الكساد والموت الرخيص، في إطار منطقة رمادية ساحلية تعتمد في حياتها على صيد السمك والغوص بحثًا عن اللؤلؤ، في مدينة موبوءة بالفقر والمجاعة والعواصف والمرض والاستغلال الذي يدفع ثمنه الغواصون وهم يلقون حتفهم خلال وجودهم في البحر ويُدْفَنون فيه قبل العودّة إلى اليابِسة.
ويتزامن ذلك مع الخيانات الزوجية من قبل نساء معوزات لا يملكن ما يسدّ رمقهن بغيابِ أزواجهن في رحلة الغوص.
جوري الصوري... تلك الفتاة الصغيرة التي تصرخ مفاتنها شهوة ورغبة تعجز عن كبحهما، لم يعرف لها أصل، مجهول جذرها، ذاع صيتها في مدينة المحرق بعهرها، يصب فيها القاصي والداني شبقه، أحبها الغواص صالح الرزي، بل صار متيمًا بها، تزوجها، ووعدها برحلة يغادر فيها إلى غياهب البحر ليجلب لها لؤلؤة دانة تزين صدرها، وبالفعل خاض شهورا في أعماق البحر، تتوالى عليه الفصول بتقلباتها الغادرة، رافقه صديق طفولته إدريس، الذي اتخذ أذنيه مصبًا لولهه وجنونه بجوري، أخذ يحكي له عنها ليلاً نهارًا، واصفًا مفاتنها وصفًا يثير لعاب السامع إليها، ويرغب فيها رغبة شهوانية يتوق إلى فضها فيها، حتى جاء اليوم الموعود حيث أخبر الربان سليمان صالح أن بإمكانه الغوص بين موجات البحر للبحث عن حلمه ومبتغاه، وبالفعل تحققت له أمنيته وأشرقت بطلتها أمام عينيه، أمّن إدريس عليها لحين خوضه جولة غوص أخرى، إلا أن الأخير الذي كان مسؤولا عن حبل إنقاذ صالح أرخاه وتركه ينسدل، غادرا بصديقه وخائنا لأمانته، إذ لمعت في عينيه مفاتن زوجته وأراد الفوز بها.
ذهب إليها بجوهرة صديقه المغدور وأخبرها بموته، ظلت شاحبة لأيام غير مصدقة ما حدث، همّ بالزواج بها، إلا أن طيف صالح ظل يراوده وينغص عليه حياته كلما أراد النيل منها، حتى هذى في نومه بفعلته الدنيئة وسمعتها جوري في ذهول كاد يطيح بعقلها، استولت عليها أفكار اليأس والشقاء، فقررت الذهاب إلى حيث يكون صالح لتصحبها الراحة التي طالما تمنتها.