بالرغم من أن الألماس كان دائماً ذا قيمة عالية، فإن ذلك لم يكن نتيجة ندرته، كلوحات مشاهير الرسامين أو تماثيل الفنانين العالميين، بل بفضل مزيجٍ من ظروف التعدين التاريخية، والتحكم المُصطنع في السوق، إضافة للتسويق الاستثنائي. فقبل 80 عاماً تقريباً، وبالتحديد في 1947، لم يكن لخاتم الألماس بريقه الحالي، ولا صيته الدولي، ولا جانبه الرومانسي.
يعتبر الألماس الجيد، الذي يعود أصل تسميته لكلمة Adamas، وتعني الصلب باليونانية، من أكثر الأحجار الكريمة وفرةً، خاصة في أفريقيا وروسيا وأستراليا وكندا، ولا تُمثّل الأنواع العالية الجودة منه سوى جزءٍ صغيرٍ مما يُستخرج. ومع ذلك، فإنّ المعروض منه كافٍ لتلبية الطلب العالمي، إضافة للمُصنّع منه في المختبرات.
تحكمت شركة «دي بيرز»، الجنوب أفريقية، منذ عام 1888 بالألماس، استخراجاً وصناعة وسعراً، وهي الشركة التي أسسها البريطاني «سيسل رودس»، بعد استحواذه على مناجمه، وكان أحدها مملوكاً لعائلة هولندية تُدعى «دي بيرز»، فأطلق الاسم على شركته. وخلال سنوات أصبحت دي بيرز تتحكّم في %90 من سوق العالم، لتنخفض النسبة في العقود الأخيرة.
صمدت دي بيرز أمام كل الأزمات والحروب والكوارث والانهيارات المالية الكبرى، بسبب سياساتها المتحفظة وقوتها، ونجاح حملات تسويق منتجها، التي كانت أفضلها ابتكار شعار «الماسة تدوم للأبد diamond is forever»، الذي فجّر الطلب العالمي على الألماس، وأصبح له معناه الحديث والجذاب. لكن البعض يعتبر أن ما قامت به «دي بيرز» يعد أكبر خدعة أو كذبة تم تسويقها في القرن العشرين، فالألماس أساساً ليس سلعة نادرة، لكي يكون بتلك القيمة العالية. ولإنجاح خطط تسويقه بشكل كبير تم ربط إهدائه أو تملكه بالحب والزواج، وخلق رغبة قوية لدى أية امرأة للحصول عليه، ومن أجل ذلك سخّرت «دي بيرز» مختلف الوسائل لترسيخ ذلك المفهوم، سواء من خلال إيراده في الروايات الشهيرة، أو في الأفلام السينمائية الناجحة، والأغاني العاطفية، إضافة للحملات الإعلانية الباذخة والشديدة الإقناع، أو الطلب من مشاهير السيدات ارتداءه.
يُعدّ الألماس العالي الجودة أندر بكثير من الماس الصناعي، على الرغم من أن كليهما يتشكلان في النهاية من خلال العمليات الجيولوجية نفسها، والماس المُنتَج صناعيًا صالح للقطع والطحن والحفر، كونه يفتقر إلى النقاء واللون والجمال اللازم للمجوهرات، وهذا يبقي حوالي %20 من الماس المُستخرج سنويًا على أنه عالي الجودة، ومن بينها نسبة أصغر مرغوبة للغاية نظرًا للون، والنقاء والحجم الاستثنائيين Rarity Within، خالية من العيوب، أو عديمة اللون، وهذه نادرة للغاية.
تُقاس درجات نقاء الألماس بواسطة مقياس المعهد الأمريكي للأحجار الكريمة (GIA)، حيث تبدأ من FL Flawless الخالي من العيوب، وتصل إلى Included الذي به شوائب واضحة. وتُحدد درجة النقاء بناءً على عدد وحجم وموقع الشوائب المرئية تحت المكبرات الخاصة.
للعلم: الإيمان والقبول بالتخلي عن شيء ثمين مقابل بضع أوراق نقدية، لا قيمة لها، لا يختلفان كثيرا عن إيماننا بالقيمة السوقية للألماس. فكما للنقود بنوك مركزية تحافظ على قيمتها السوقية، فللألماس بنكه المركزي وهو شركة «دي بيرز»!
أحمد الصراف