: آخر تحديث

الله لا يضيق علينا الوسيعة

5
5
4

ليلى أمين السيف

بالكاد مشيت كم خطوة ثم عدت مسرعة وطرقت على شباك المطبخ وناديت بشويش.

«وحيد.. ارمِ لي الجاكيت».

سألني «لييش؟» بعد أن رمى لي الجاكيت..» أشرت للسماء فلمح السحب السوداء مبشرة بغيث قادم.

قلت لزوجي لن أتأخر أريد أن أختلي بنفسي.. فقط ساعة أغير جو وأعود مع صلاة المغرب، حيث تغرب الشمس حوالي الحادية عشرة ليلاً. فتحتضن السماء الشمس والقمر معاً في منظر خلاب بديع.

كنت أمضغ «علكاً» وأسير ما بين مبانٍ وفلل «غرانا» وأنا أدعو: «يا رب.. خلصنا من الشتا.. يا رب.. نريد شمساً دافئة طوال العام.. يارب سامحني على الـ20 كيلو اللي زادت.. يا رب.. ارزقني بالدنانير والذهب والعقارات .. يارب ارزقني مثل جاري اللي عنده يخت رغم أنه عاطل»!

وفجأة.. طعم العلكة صار مرًّا كأنها بقت رمزًا لخيبات بعض العشاق.

وهنا بدأت مغامرتي التي أفسدت علي مشواري.

لم أجد للأسف أي حاوية للزبالة قريبة فاضطررت إلى أن أتجه تارة يميناً وتارة يساراً علّي أجد حاوية قريبة، وأصابني هاجس ولم أستطع إرجاعها لفمي أو ابتلاعها كعادتي حينما كانت تقفشني المعلمة وأنا صغيرة.. وتعرقت يدي بها وكدت أن أرميها في أي مكان وطز بكل النظريات التي كنت أنادي بها.. ولكن عقلي يعاتبني أن عيباً عليك أن تنهي عن فعل وتفعليه. وأنظر للعلكة وهي تزداد التصاقاً بكفي، وبدأت تذوب وتتحلل وأحاول تنظيف كفي وكأني بها تتهكم علي «أنت اللي فعلت فعلتك هذه فتحملي العواقب»!

وبدأ ضميري يؤنبني ويعمل دور المخرج الدرامي ويخاطبني بانزعاج أن هذه العلكة التي سأرميها في الأرض دون مبالاة قد تتسبب في مقتل روح!

طيرٌ جائع بلا ذنب وليس لديه أدنى فكرة عن تلك العلكة التي التصقت بمنقاره وأودت بحياته.. أو تؤذي أحداً وتلتصق بثيابه أو حذائه

يا الله.. أين أذهب بهذه اللصقة..

أشعر بالإنهاك، أتعبني البحث.

وكرهت الطلعة وخرب الانسجام.

أهلكني العطش وأنا أدور وأبحث

مالي وللمثاليات..

خلاص أرميها.. لا أنا أول ولا آخر شخص يرمي «اللبان.. العلكة» بالشارع، وبعدين الحق على حكومة السويد شارع طويل عريض ما فيه حاوية زبالة..

ورفعت يدي لأرميها.. وإذا بالعجوز ترمقني من بلكونتها وتصرخ «ماذا رميتي»؟

ارتبكت! فقلت الحقيقة «إنها مجرد علكة»

لا أدري لماذا لم أكذب!

غباء!

ياربي .. أنا إيش اللي خلاني أقول الحقيقة!!

المصيبة لم تقل شيئاً ولكن نظراتها قالت كل شيء عندها رمقتني بنظرة حادة وانسلت داخلة!!

جعلتني متصنّمة في مكاني عاجزة عن الرد والتبرير!! وأقول في نفسي بالتأكيد الآن ستلعن هذه العجوز الغرباء فنحن شعوب غير متحضرة».

والمصيبة أني من بكرة عرفت أن الدنيا دوارة.

لأني جلست على علكة في موقف الباص وخربت لي السترة «المعطف أو الجاكيت المهم حاجة تقينا من البرد»

وكعادتنا ختامها شعر عربي:

دنيا تدور وتعطي العالم دروس

ولا لك عن الدنيا ضمان ومناعه

كم من وضيع صار يأمر على الروس

وكم روس قومٍ سلمت للمطاعه

** **

- كاتبة يمنية مقيمة بالسويد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد