سمر المقرن
احتفلنا في المملكة نهاية الأسبوع الماضي بيوم التأسيس، وكانت فرصة لنستذكر كيف كان تأسيس الدولة السعودية الأولى استجابةً بالأساس لحاجةٍ ملحة لدى سكان الجزيرة العربية للأمن والاستقرار. فقبل التأسيس، كانت المنطقة تعاني من صراعات ونزاعات مستمرة على الموارد الاقتصادية، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار والفوضى.
أسهمت الدولة السعودية الأولى في توحيد الفئات المتناحرة، ووضعت حداً للنزاعات، ووفرت بيئة آمنة ومستقرة للجميع. هذا التوحيد لم يكن مجرد حدث سياسي، بل كان تحولاً اجتماعياً واقتصادياً عميقاً، فقد أتاح للسكان فرصةً للتركيز على التنمية والازدهار بدلاً من الانخراط في صراعاتٍ لا نهاية لها.
استمر هذا النجاح في توحيد الشعب وتعزيز الفرص الاقتصادية في إطار دولة موحَّدة حتى يومنا هذا، حيث نشهد نهضة كبيرة في مختلف المجالات، فقد أصبحت المملكة نموذجاً يحتذى به في التنمية والتقدم. وفي هذا السياق، لا يمكننا أن نغفل الدور الحيوي الذي لعبته المرأة السعودية منذ تأسيس الدولة وحتى يومنا هذا. ففي الماضي، كانت المرأة شريكة في تحمل مسؤوليات الحياة، فساهمت بدورها المعروف في إدارة شؤون البيت وتربية الأبناء، وهو أمر لا يجوز الاستهانة به، لكنه لم يكن دورها الوحيد.
لقد كانت المرأة منذ التأسيس رافداً للاقتصاد الناشئ مع نشوء الدولة، من خلال المشاركة في الأعمال الزراعية والحرفية، فقد كانت تشارك في مواسم الحصاد، وفي تربية المواشي وإنتاج الألبان، وأيضاً كانت منتجاتها من الصناعات اليدوية تُباع في الأسواق. كان لعدة نساء في الدولة السعودية الأولى، مثل موضي بنت سلطان أبو وهطان، زوجة الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى، أدوار اجتماعية مهمة، في مقدمتها العمل الخيري الذي عزَّز التكافل الاجتماعي.
تطورت مساهمة المرأة مع مرور الوقت، ورغم الصعوبات والتحديات التي واجهتها في فترات سابقة، فإنها اليوم تثبت جدارتها وأهمية مساهمتها الفاعلة في عملية التنمية، بعد تمكينها من قبل الدولة. دخلت المرأة سوق العمل في مختلف المجالات، وأثبتت جدارتها وكفاءتها في كل ميدان. واليوم، نرى المرأة السعودية تتبوأ أعلى المناصب، وتشارك في القطاع الحكومي والخاص، وتؤكد بمنجزاتها أن مساهمة نصف المجتمع في التنمية يمنح فرصةً كبيرة لتسريع التطور، ودون أن يؤثِّر ذلك على دورها إلى جانب الرجل، وبالشراكة معه، في بناء الأسرة والحفاظ عليها.
يمنحنا يوم التأسيس الفرصة لنتذكَّر أن توحّدنا حاجة لمواصلة النهوض واستمرار الاستقرار، وأن الازدهار الذي نسعى لتعزيزه نتاج مساهمة كل الفئات الاجتماعية، والمرأة السعودية أثبتت وتثبت أنها تساهم بقوة في تعزيز الازدهار في إطار رؤية المملكة 2030 .