وصفه بالشخصية ربما «يخُبّ» عليه، فهو مثال مكرر لمن أصبحوا نواباً، في غفلة من الزمن. هو صاحب حنجرة قوية وخلفية ضعيفة، وتعليم متواضع. عمل في أنشطة عدة، تجارية وإعلامية، لكنه لم يوفق في أي منها، فقرر أن ينشط في أوساط القبيلة، ويقدّم مختلف الخدمات للمحتاجين منها، وهذا أوصله تالياً للعمل في السياسية، فقرّر خوض الانتخابات، ونجح فيها، وأصبح عضواً في المجلس النيابي، فكم أشفقت على حالنا وحال البرلمان.
أخذ موقف من الانتخابات، بعد تعديل عدد من يحق للناخبين اختياره من نواب، ليصبح مرشحاً واحداً، بدلاً من أربعة. لم يعجبه القانون، فقرر وبعض مرشحي «الإخوان المسلمين» وأعضاء «مستقلين» مقاطعة الانتخابات. اكتشف تالياً خطأ، فنكث بوعده لناخبيه، وقرّر المشاركة في الانتخابات التالية، ونجح، وأصبح من مؤسسي حشد «الحركة الشعبية الديموقراطية»، وعضواً فعالاً في أكثر من لجنة مؤثرة، ترأس بعضها، بالرغم من تواضع قدراته.
عرف منذ اليوم الأول أن فرصته لكسب قلوب ناخبيه، تكمن في تمرير الغريب من معاملاتهم، وفي تحقيق بعض الثراء لنفسه، فأجاد «لعبة الاستجواب»، لذا شارك في التصويت على استجواب الوزراء، هند الصبيح، وبخيت الرشيدي، وخالد الروضان، ومحمد الجبري، ونايف الحجرف، وبراك الشيتان، وأنس الصالح، وسعود الحربي، وتوفق في كل مواقفه منها، خصوصاً بعد قرار الحكومة خوض معركة إعطاء الكويتية حقها في الانتخاب، حيث حقق ما تمناه!
* * *
لو تفرغت، فيما تبقى من عمري، لسرد قصص مزوري الشهادات، ومنتهكي حرمة جنسية الدولة، لوصل أجلي، قبل أن تنتهي قصصي.
ينقسم أصحاب الشهادات العليا، غير المعتمدة أو المزورة، إلى فئات ثلاث، الأول من اشتراها وعلقها في مكتبه، أو وضع الدال أمام اسمه، من دون استغلال الشهادة لأي غرض آخر، غير المباهاة، مع استعداده للمشاركة في أي عمل جماعي بصفته «خبيراً في تخصصه»! وهذا النوع الأقل ضرراً.
أما الثاني، الأكثر خطورة، فهو الذي حصل على الشهادة زوراً، أو من جهة غير معتمدة، بغرض المتاجرة بها، عن طريق وسائل التواصل، وإعطاء نصائح طبية واختراع وصفات غذائية، وإبداء النصح عن طريق ممارسة الرياضة وتخفيف الوزن والقضاء على الأمراض، واقتراح أحسن خلطات العصير. وهذا ضرره واضح، لكنه يقتصر على من يتابعونه، ويصدّقون نصائحه.
أما النوع الثالث، والشديد الخطورة، فهو الذي نجح في اختراق المنظومة التعليمية، وأصبح مدرساً أكاديمياً، أو محاضراً أو متحدثاً دائماً في القنوات التلفزيوينة، والإذاعية، وإعطاء النصائح الأسرية، والفصل في القضايا، وتأليف الكتب، وتأسيس الجمعيات، وتقاضي الأجر على استشاراته الهاتفية، فهو الأخطر من غيره، خاصة إن كان منتمياً للإخوان أو غيرهم. وحصل على كل المميزات والاستضافات، وكوّن ثروة من وراء لقبه العلمي، الذي خجل أو استنكف حتى من ذكر مصدره في سيرته الذاتية، التي كتبها بنفسه، والتي ضمنها كل شيء، إلا اسم الجامعة التي تخرج فيها! والسبب لكونها جامعة لم يسمع بها أحد، وقد يكون «خريجها» الوحيد في الكويت! ولا أدري كيف أصبح أستاذاً ورئيس شركة استشارات وتدريب، ومطور مناهج، ومتخصصاً في تأهيل القيادات، ومعالجة الأطفال، وكاتباً صحافياً، وناشطاً على وسائل التواصل، وله برامج مدفوعة على الإذاعة، ومستشاراً أُسرياً، ورئيس تحرير مجلات متخصصة، ومستشاراً لغيرها، وله تعاون قوي ويومي مباشر مع الفرع المحلي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وكل ذلك بشهادة دكتوراه غير معترف بها، حتى من الدولة التي أصدرتها!
أحمد الصراف