إيلاف من الرباط : يتجه المغرب إلى العمل بنظام العقوبات البديلة عن الإعتقال في حق بعض المدانين بأحكام قضائية نهائية، هذا ما أكده مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة (النائب العام)، في افتتاح أشغال يوم دراسي نظمته رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا، الأربعاء بالرباط.
واعتبر الداكي أن القانون المتعلق بالعقوبات البديلة عن الإعتقال يشكل تحوّلاً نوعياً في السياسة الجنائية للبلاد، إلا أن تنزيله على أرض الواقع يظل مرهوناً بتعبئة جماعية، وبجهود مؤسساتية متناسقة تتجاوز مجرد صدور النص التشريعي.
وشدد الداكي على أن "تفعيل نظام العقوبات البديلة لن يكون أمراً يسيراً"، رغم أنه يكتسي طابعاً استراتيجياً في التوجه نحو عدالة أكثر نجاعة وإنصافاً،مبرزاً أن "العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة لم تُحقق النتائج المرجوة منها، بل أسهمت في تفاقم الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، وأنتجت آثاراً سلبية على المستويات الفردية والاجتماعية والاقتصادية".
وأوضح أن اعتماد العقوبات البديلة من شأنه أن يُساهم في "تفادي سلبيات العقوبات السجنية، وتمكين مرتكبي بعض الجرائم من الحفاظ على روابطهم الأسرية والاجتماعية والمهنية، بما يُسهل إدماجهم لاحقاً داخل المجتمع"، وهو ما يُحتم، بحسبه، ضرورة توفير "ضمانات حقيقية لنجاعة التنفيذ، من خلال إرساء منظومة إدارية وتقنية ومؤسساتية متكاملة"،مشيرا إلى أن تطبيق هذه الآليات يقتضي "تحيين قواعد العمل داخل النيابات العامة"، وتوفير تكوين متخصص للقضاة، وتمكينهم من الآليات الضرورية للتكييف السليم للوضعيات القانونية. ودعا القضاة إلى المشاركة الفعلية في أشغال اللجان الموضوعاتية التي تم تشكيلها، وتقديم اقتراحاتهم العملية حول مساطر العمل، وتحديد الصعوبات المرتقبة في التنزيل.
ونبه الداكي إلى خطورة أن يبقى القانون الجديد "حبراً على ورق" ومن دون تفعيل، مشدداً على أن نجاح هذا الورش مرهون بمدى الالتزام الجماعي، و"بتوفر الإرادة المؤسساتية لجعل هذا التحول التشريعي وسيلة فعالة لتحقيق الأمن والعدالة معاً".