إيلاف من باريس: أثارت تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، التي أدلى بها لصحيفة "لوبينيون" الفرنسية، جدلاً واسعاً في الجزائر، بعدما أشار إلى استعداد بلاده للاعتراف بإسرائيل "في اليوم الذي تقوم فيه دولة فلسطينية كاملة السيادة". هذا الموقف، الذي اعتبر خروجاً عن الخطاب التقليدي للدولة الجزائرية، قوبل بانتقادات من قبل حركة "مجتمع السلم"، أكبر حزب إسلامي معارض في البلاد.
موقف "مجتمع السلم"
في بيان رسمي، ذكرت الحركة، المعروفة اختصاراً بـ"حمس"، أنها تتمسك بالمواقف الثابتة للجزائر تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدة رفضها القاطع لما أسمته "مشاريع التسوية والتطبيع مع الكيان الصهيوني المعتدي". ودعت السلطات الجزائرية إلى "الثبات على النهج الرافض للتطبيع والانحياز إلى الحق الفلسطيني"، مشيرة إلى أن تصريحات تبون لا تتماشى مع الموقف التاريخي للجزائر.
وفي الوقت نفسه، تجنبت قيادة "حمس" توجيه انتقادات مباشرة للرئيس، لكنها أعربت عن قلقها إزاء تفسير هذه التصريحات على أنها تغيير محتمل في السياسة الجزائرية تجاه القضية الفلسطينية. ونقل مصدر بارز في الحزب، اشترط عدم ذكر اسمه، أن الحركة "ستسعى إلى الاستفسار من محيط الرئيس لفهم المعنى الدقيق لكلامه بشأن التطبيع".
ردود فعل سياسية داخلية
برلماني من الحركة، رفض أيضاً الإفصاح عن هويته، اعتبر لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أن تصريحات تبون "صادمة نفسياً"، مشيراً إلى أن "الحديث عن التطبيع في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب انتهاكات جسيمة في غزة، غير مناسب". وأضاف: "هذا الخطاب غير مألوف في الجزائر، سواء على مستوى الدولة أو المجتمع".
تبون ينفي نية تمديد حكمه
إلى جانب الجدل حول التطبيع، نفى تبون في ذات المقابلة الصحفية عزمه البقاء في السلطة بعد انتهاء ولايته الثانية في 2029، مؤكداً التزامه بالدستور الذي يمنع الترشح لأكثر من ولايتين رئاسيتين. وقال: "سأحترم الدستور"، مضيفاً أنه يسعى إلى ترك "بنية تحتية جديدة ومشروعات كبيرة لإصلاح النظام السياسي".
العلاقات الجزائرية - الفرنسية
اختار تبون صحيفة "لوبينيون" الفرنسية كمنصة لمخاطبة الرأي العام الفرنسي، في ظل التوترات الحادة التي تشهدها العلاقات الجزائرية - الفرنسية، خاصة بعد اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء المغربية في تموز (يوليو) الماضي.
كما هاجم تبون اليمين الفرنسي المتطرف، خصوصاً وزير الداخلية برونو روتايو، واصفاً إياه بأنه "مسؤول عن حملة العداء ضد الجزائر". وأكد أن التعاون الأمني بين الجزائر ووزارة الداخلية الفرنسية "متوقف تماماً"، في حين أن التنسيق مع الأمن الخارجي الفرنسي، التابع لوزارة الجيوش، لا يزال قائماً.