ترشيح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، أعاد عقارب الذاكرة إلى العام 1994 حين تقاسم ياسر عرفات وإسحق رابين وشمعون بيريس نوبل للسلام كجائزة ترضية بعد توقيع اتفاق أوسلو التاريخي.
هذا الموقف جاء في وقت تتسارع فيه الأحداث والمواقف وترسم معالم الشرق الأوسط الجديد. بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 ليس كما قبله. خرجت دمشق من دائرة الصراع العسكري مع إسرائيل وفقدت إيران أذرعة الممانعة، وأضحى طريق السلام، وربما الاستسلام، سالكاً باتجاه أكثر من عاصمة.
يشعر نتانياهو بزهوة القوة التي يطل بها على الشرق الأوسط الجديد. قضى عملياً على حركة حماس في غزة، أطاح بمعالم الخصوم في بيروت، وهيأ، بشكل أو بآخر، بيئة سقوط نظام الأسد. حارب إيران وأهلك قادتها العسكريين في عقر دارهم، واستباح الطيران الإسرائيلي سماء طهران مستهدفاً أي اتفاق أميركي–إيراني لا يلبي متطلبات قوى الأمر الواقع.
هذه المعطيات، التحولات، والانتصارات، من وجهة نظر نتانياهو، تستحق نوعاً من المكافأة الدولية. فنتانياهو يرى أنه تمكن من جر عاصمة الأمويين إلى "سلام مفروض"، وهنا ثمة من يرى في إثارة رئيس الوزراء الإسرائيلي جائزة نوبل إنما الهدف منها التذكير بأهمية مساواته بنظيريه الراحلين رابين وبيريس لجهة الحصول على جائزة نوبل للسلام، إلى جانب الرئيس السوري أحمد الشرع. كلا الرجلين بحاجة إلى العبور نحو تاريخ جديد، وطي صفحات الماضي. لا مكان للاستغراب في عالم تحكمه فوضى المفاجآت!
يا لظلم التاريخ إن تطابقت الظروف. يمضي مشروع رابين–بيريس بشأن الشرق الأوسط الجديد، بينما الدولة الفلسطينية، حلم عرفات، تحتضر، والكيانات السياسية والشعبية الوريثة تواجه خطر الاندثار.
حريٌّ بقادة سوريا الجديدة، وهم يعبرون نحو ميدان السلام، التوقف قليلاً أمام متطلبات ميدان وحدة سوريا! من حق السوريين، كما كل شعوب المنطقة، أن تنعم بالسلام والازدهار وفتح قنوات التلاقي، ومن حق السوريين أيضاً التساؤل: أي كيان سوري ذاك الذي يخوض غمار التطبيع؟
أسئلة تطل على أجنحة هواجس مترامية الأطراف:
• ماذا عن مصير الشمال الشرقي لسوريا في ظل تلويح العشائر العربية بخوض حرب "تثبيت المركزية" ضد القوات الكردية "قسد" غير المتروكة إقليمياً وأميركياً؟
• ماذا عن مصير لجان التحقيق التي لم نبصر نور تبديد مخاوف تكرار المجازر في الساحل السوري؟
• ماذا عن مواقف الفصائل الموالية وغير الموالية لنظام الحكم في ضوء فتح قنوات التطبيع؟
• وماذا أيضاً وأيضاً عمن اتهم المرجع الديني الكبير في السويداء، الشيخ حكمت الهجري، بالعمالة، وهم يتابعون المفاوضات المباشرة بين دمشق وتل أبيب، ويترقبون نتائج زيارة الشرع إلى واشنطن والأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) المقبل؟
هو عصر المفاجآت... عصر الرئيس ترامب؟!