يصر القادة والمسؤولون في النظام الإيراني على مواصلة الحديث عن نصرهم الذي حققوه في حرب الأيام الـ12 وإلحاقهم الهزيمة بالولايات المتحدة وإسرائيل، والأنكى من ذلك أنهم يقومون بتصنيف وتحديد نصرهم كما فعل محسن رضائي، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، عندما قال في لقاء مع التلفزيون الإيراني: "لقد حققنا نصرنا الأول، ولكن يجب علينا إكمال هذا النصر. سيكتمل نصرنا عندما يتراجعون بعد هذه الحرب التي استمرت 12 يوماً"، في وقت يعرف العالم كله، ولا سيما مراكز الدراسات والبحوث العسكرية والاستراتيجية، بحجم الدمار الذي لحق بهذا النظام من جراء 12 يوماً من هذه الحرب. وإذا كان رضائي يسمي هذه الهزيمة الشنيعة بالنصر الأول، فكيف يا ترى سيكون نصرهم الثاني؟!
رضائي الذي أطنب في حديث يغلب عليه المبالغة والتهويل بشأن قوة وإمكانية النظام الإيراني خلال الحرب الأخيرة ومن أنه قد أفشل مخططاً ضد "إيران" وليس "النظام"، وأشار كدأب النظام وعادته إلى أن هذا المخطط كان يُعد لـ"تغلغل منظمة المنافقين داخل طهران"، في إشارة واضحة إلى منظمة مجاهدي خلق، وهو محض كذب وهراء، لأن الشبكات الداخلية للمنظمة، ولا سيما "وحدات الانتفاضة"، واصلت وتواصل نشاطاتها ضد النظام الذي طالما يتحدث عنها وحتى يعلن عن إلقاء القبض على أعضاء في هذه الوحدات، ولذلك فإن الحديث عن تغلغل مزعوم إلى داخل طهران هو محض هراء يقوم رضائي بتسويقه من أجل التغطية على هزيمة النظام.
لكن، من المهم هنا لفت الانتباه إلى أنه، وعند حدوث أي حدث أو تطور مهم ونوعي بحيث يهدد مستقبل النظام وإمكانية سقوطه، فإن النظام يلجأ إلى الحديث عن منظمة مجاهدي خلق وعن أنها مشاركة في مؤامرة دولية من أجل إسقاط النظام، وحتى يقومون بكتابة ديباجة مفصلة بهذا الصدد، وكأن منظمة مجاهدي خلق التي اعترف الولي الفقيه بنفسه بدورها في قيادة وتوجيه انتفاضة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2017، على سبيل المثال لا الحصر، لم تكن موجودة في طهران قبل حرب الـ"12" يوماً. وهكذا كذب مفضوح يتم تسويقه من دون الانتباه إلى أن المعلومات والحقائق الدامغة باتت بفضل عصر الإنترنت في متناول الجميع، بل وإن الشعب الإيراني يعلم قبل غيره بأن محسن رضائي يمارس الكذب في وضح النهار.
غير أنَّ الملاحظة التي يجب أخذها بنظر الاعتبار والأهمية البالغة هنا، هي أن مسؤولي النظام، وعندما يتحدثون في الأحداث والتطورات المهمة التي تمس مستقبل النظام، يتحدثون عن دور لمنظمة مجاهدي خلق، لأنهم يعلمون جيداً بأنها المعارضة الأكبر والأهم والتي كانت ولا زالت في ساحة المواجهة ضدهم وتسعى بكل ما في وسعها من أجل إسقاط النظام والتأسيس لجمهورية ديمقراطية تضع حداً نهائياً للدكتاتورية والاستبداد في إيران المستقبل. والأهم من ذلك، إن منظمة مجاهدي خلق لم تستقوِ بأحد ولم تسند ظهرها إلى قوى خارجية، بل إنها كانت ولا زالت وستبقى تستمد القوة والعزم من الشعب الإيراني، وهي ماضية في طريقها حتى إسقاط هذا النظام وبزوغ شمس الحرية على إيران كلها.