: آخر تحديث
"عرفت كيف تستغل أكبر فشل في تاريخ إسرائيل"

هآرتس: حماس باقية بعد الهدنة... وتتمدد

25
26
32

كان من الصعب بل من المستحيل على الإسرائيليين رؤية صورة أعضاء الحكومة يجلسون حول طاولة المفاوضات وهم يناقشون صفقة إطلاق سراح الرهائن

إيلاف من بيروت: في غضون أيام قليلة ستتنفس إسرائيل بشكل أسهل قليلا. قليلا فقط. سنشعر بمزيج قاس من الصدمة والحزن والفرح عند رؤية الأطفال والنساء والكبار الذين سيعودون إلى ديارهم بعد أن احتجزتهم حماس كرهائن، لكن معظم المختطفين سيظلون في رهائن الأسر. بهذه الكلمات افتتح شلومي إلدار مقالته في "هآرتس" الإسرائيلية.

يقول إلدار: "كان من الصعب بل من المستحيل رؤية صورة أعضاء الحكومة يجلسون حول طاولة المفاوضات وهم يناقشون صفقة إطلاق سراح الرهائن. بعضهم وزراء لم يترددوا في ممارسة أي خدعة سياسية في أصعب الفترات التي مرت علينا كشعب ودولة. واستمرارهم باللعب بمشاعر أهالي المختطفين. لكن الحكومة، رغم كل سوء إدارتها وتقصيرها، اتخذت القرار الصحيح: إسرائيل نحو عملية إطلاق سراح بعض المختطفين لديها وتدفع ثمنا باهظا بسبب إخفاقاتها. ولا يمكنها أن تسمح لنفسها بمواصلة الحرب والنظر في أعين مواطنيها عندما تملأ صور الأطفال الرضع والأطفال والنساء والشيوخ البلاد والعالم وتمزق قلوب كل من ينظر إليها".

لم يسمع التحذيرات

بحسبه، كشف حاييم ليفينسون عن التحذيرات التي أرسلته شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) إلى نتنياهو أثناء اندفاعه الجنوني نحو الانقلاب على القضاء، تحذيرات لم يكن لديه وقت لها، والآن بعد أن زرع نتنياهو والحكومة التي شكلها فقط من أجل بقائه السياسي، ما حصد، سيتم إطلاق سراح بعض المختطفين الآن، وأتمنى أن يتم إطلاق سراحهم جميعاً، لكن يجب على الحكومة والمسؤولين الأمنيين أن ينظروا في أعين الجميع ويعترفوا: لن تتحقق أي من الخطط والأحلام والأوهام بالقضاء على حماس. وكما زُعم منذ بداية الحرب، لا يوجد شيء اسمه إطلاق سراح الرهائن والقضاء على حماس. لا يوجد، لأن لدى حماس 239 إسرائيلياً اختُطفوا من منازلهم وجنوداً أسروا، وأساسًا لأن إسرائيل كانت منشغلة بحرب داخلية مزقتها من الداخل وأفقدتها رشدها وجهوزيتها.

يضيف إلدار في "هآرتس": "الوزير غالانت، الذي حذر نتنياهو من أن أعداءنا يدركون ضعفنا، أعلن في السابع من تشرين الثاني، بعد شهر من المجزرة: يجب علينا القضاء على هذه الظاهرة المسماة حماس في قطاع غزة، محو هذا الشيء.. سنقضي على قيادات حماس إبتداءً من سنوار، وسنستهدف قادة الألوية وكل من يعمل في الميدان. سندمر البنية التحتية ونؤدي إلى وضع لن تتعافى منه حماس. وفي نهاية هذه الحملة، ستنتهي حماس كمنظمة عسكرية وسلطة حاكمة في غزة. وحتى قبل ذلك، في مؤتمر صحفي مشترك مع الوزير بيني غانتس في الحادي عشر تشرين الأول، قال دون أن يرف له جفن: هذا الشيء المسمى حماس، داعش، سيتم محوه من على وجه الأرض. وفي نفس المؤتمر الصحفي، قال نتنياهو بشكل قاطع: سوف نسحق حماس ونقضي عليها..يجب أن نقضي عليها..وبعد ذلك سنرى. نرى ماذا؟ ربما كان يقصد اليوم التالي لليوم الذي لن تكون فيه حماس، وستقرر إسرائيل من سيحكم هناك محل حماس".

تراجعت النغمة الانتقامية

يستدرك إلدار قائلًا إن البعض بدأ يفهم الواقع المرير، فبينما يواصل نتنياهو الحديث عن القضاء على حماس، يغير غالانت النبرة الحازمة: "سيتعين علينا اتخاذ قرارات صعبة في الأيام المقبلة - سنحسم حماس خطوة بخطوة ونقرّب اعادة المختطفين". يقول إلدار: "لم يعد الحديث عن القضاء على حماس انما هزمها. لكن نتنياهو كعادته يعد ولا يفي بوعده، رغم أنه يعلم أن التعهد بالقضاء على حماس لا رصيد له. وليس هناك أدنى احتمال بأنه يمكن أيضًا التفاوض مع حماس على عودة المختطفين، وسحقهم والقضاء عليهم، أيضًا. وامس كرر نتنياهو القول: نحن في حالة حرب وسنواصل القتال حتى نحقق أهداف القضاء على حماس وإعادة جميع المختطفين والمفقودين وضمان أن غزة لن تشكّل بعد أي تهديد لإسرائيل. أمن الضروري أن نكتب مرة أخرى أن كل هذه الأهداف غير قابلة للتحقيق ما دامت المفاوضات جارية مع حماس، هذه التي نرغب جدًا في تدميرها؟".

براي إلدر، حماس هي من تملي الشروط هذه المرة أيضا، ويعرف سنوار الأهمية التي توليها إسرائيل لحياة مواطنيها، "فقد تم التخطيط للهجوم الهمجي ليكون هجومًا مشتركًا من القتل والاختطاف. القتل والمجزرة من أجل القتل، والاختطاف من أجل بقاء وجوده السياسي وبقاء حماس. يحيى سنوار مجنون ومريض نفسيًا، ولكن بعد 22 عامًا في السجون الإسرائيلية، تعلم جيدًا طباع المجتمع الإسرائيلي"، كما يكتب إلدار، مضيفًا: "الآن اتخذت إسرائيل أخيراً القرار الذي تجنبت حتى الآن قوله علناً وصراحة: نحن نعطي الأولوية لتحرير أطفالنا ونسائنا ومواطنينا وجنودنا، وقد بدأنا نفهم أن القضاء على حماس هو طموح مشكوك جدًا في تحقيقه. وخشية أن يساء الفهم – ستُضرب حماس، دُمرت بنيتها التحتية وسيُدمر المزيد، وستتم استعادة قوة الردع الإسرائيلية، لكن حماس لن تختفي. يجب أن تقال هذه الأشياء الآن وباستقامة. ربما كانت جميع الاستعدادات والتخطيطات لليوم التالي للبحث عن حاكم جديد في غزة سابقة لأوانها".

لن يسامحنا أحد

يتابع إلدار في مقالته: "لن يسامحنا أي مواطن إسرائيلي، ربما باستثناء بن غفير وعصابته الهاذية، لو تخلينا عن حياتهم. ويكفي أننا تخلينا عنهم مرة واحدة. أربعة أيام من الهدنة ستبدأ قريبًا. ثم يستمر القتال، ثم مزيد من المفاوضات بشأن مجموعة أخرى من المختطفين، وأربعة أيام أخرى أو أكثر من الهدنة. وهكذا دواليك.. ثم نأتي لمناقشة حياة جنودنا المختطفين، الذين سيكونون آخر من يُطرح للمناقشة. ولكن عندها سيتحتم علينا التوصل إلى اتفاق عام لوقف إطلاق النار مع حماس. لن يكون لدينا خيار أفضل. هذا ثمن الاخفاق التي تتحمل مسؤوليته بالكامل حكومة نتنياهو..هو اخفاق سيؤثر على إسرائيل من الآن فصاعدا ولسنوات عديدة قادمة. وهو الاخفاق الذي تم فيه ذبح مواطني غلاف غزة أيضًا، وخروجنا الى حرب كلفت جنودنا ثمنًا دمويًا، وكل هذا حتى قبل أن نذكر الثمن الاقتصادي الباهظ الذي سيضطر الكثير منا إلى دفعه. وفي النهاية، لن تتم إبادة حماس".

يختم إلدار مقالته في "هآرتس" بالقول: "أكتب هذه الكلمات بألم شديد. أفهم أنه سيتعين على سكان الغلاف أن يفكروا مليًا في ما إذا كانوا مستعدين للعودة إلى منازلهم وإعادة تأهيلها ومحاولة إعادة تأهيل انفسهم بينما لا تزال حماس قريبة من السياج. ضُربت حماس بقوة، وربما هُزمت، لكنها ما زالت قائمة. موجودة ومسيطرة. لأن يحيى السنوار وقيادة حماس، التي وقفت وقفة رجل واحد وراءه لدعمه رغم جنونه والآلاف من الناس الضحايا في غزة، يعرف كيفية استغلال أكبر فشل في تاريخ دولة إسرائيل، على أحسن وجه".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار