إيلاف من لندن: وبعد أن قال منظرو المؤامرة إن الزلزال الكارثي، كان عملية عقابية ضد تركيا لعرقلتها توسع الناتو، خرج من يقول إن سدود تركيا على نهري دجلة والفرات كان سببًا مهمًا.
ونشرت "إيلاف" اليوم الخميس تقريرًا قالت فيه إنه كما حصل في مسألة تفشي كورونا، يقول منظرو المؤامرة إن الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر في تركيا وسوريا نتج من مشروع ممول من الحكومة الأميركية، وقد سمّوا تحديداً برنامج بحوث الشفق القطبي النشط عالي التردد (HAARP). ولمن لا يعرفه، هذا برنامج بحوث للغلاف المتأين الذي يموله الجيش والحكومة الأميركيان وجامعة ألاسكا، وهو دائماً مثار شكوك واتهام من أنصار نظريات المؤامرة.
تستند هذه النظرية إلى وجود صواعق في أجواء تركيا قبل الزلزال بثوان، وهذه الصواعق هي ما يدفع بمنظري المؤامرة إلى الاعتقاد أن ما حصل لم يكن كارثة طبيعية.
خبير أردني
على صلة بالموضوع، كشف أحمد ملاعبة، الخبير الأردني وأستاذ الجيولوجيا في الجامعة الهاشمية، أن للسدود التي بنتها تركيا على حساب سوريا والعراق دور جيولوجي في الزلزال الكبير الذي وقع فجر الاثنين الماضي في جنوبي تركيا وشمالي سوريا، "وأنها وإن لم تكن السبب المباشر لكنها ساعدت في وقوع الزلزال من ناحية جيولوجية".
وقال ملاعبة، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"الروسية: "السدود التركية بلغت ذروتها، وأصبحت من أكبر السدود في العالم من حيث المخزون، إذ بلغ مخزونها الاستراتيجي أكثر من 651 مليار متر مكعب".
القشرة الأرضية
وأوضح الملاعبة أن هذه "الكمية [من المياه] تؤثر على القشرة الأرضية وحتى على الأرض بالكامل"، موضحاً أنها "تعادل عشر أضعاف سد النهضة المنوي إقامته، أو المقام الآن في الحبشة".
وبناء على ما سبق، فإن كميات المياه هذه "تعني الكثير أولا بالنسبة للأرض بشكل كامل، [إذ] قد تؤخر ولو لثواني حركة دوران الأرض بسبب هذا الثقل، ولو توزعت المياه في أماكن أخرى في اليابسة قد تكون الأمور أسهل مما هي عليه الآن".
وتابع ملاعبة: "المياه تتسرب خلال الشقوق والكسور والفواصل في الأرض فتنزل هذه المياه إلى الأحواض الجوفية وتكون هذه الأحواض بطبيعة الحال مشبعة بالمياه".
وأوضح أنه إذا "زادت المياه هذا يؤدي إلى تمددها وزيادة كمية الماء الذي تخزنه وأيضاً تؤدي إلى عملية تمدد أو توسع للكسور الموجودة في الأحواض الجوفية وهذا يؤدي إلى خلخلة أو تكسير لهذه الفوالق وهذا ما حدث بالفعل".
وحول ما إذا كان هذا هو سبب الزلزال، أوضح الخبير والأكاديمي الأردني أن "هذا يسبب زلزالا لكن في الوضع الحالي في الأناضول قد يكون قد ساعد لأن النقطة الأساسية هي النقطة التكتونية وحركة الصفائح وخصوصاً الصفيحة العربية باتجاه الصفيحة الأوراسية أو الصفيحة الأناضولية الصغيرة".
وحول ما إذا كانت السدود الكبيرة في تركيا قد زادت من قوة الزلزال، ولم تكن السبب الرئيس لأنها منطقة زلازل، أجاب ملاعبة: "نعم". وأوضح: "إذا كانت هناك حركة لهذه الفوالق التحت أرضية والكسور [فإنها] بوجود مياه تترشح أو تنزل إلى هذه الأحواض تزيد من مساحة أسطح الفوالق وبالتالي تؤدي إلى عمل حركة بنفس الحركة التكتونية التي تحصل بسبب الصفائح، لكن على مستوى الفوالق قد تمتد إلى 100 كيلومتر".
تحذير رقية
وكان الباحث السوري الدكتور محمد رقية قد قال في مقالة له نشرت سابقًا إن عدد السدود في تركيا وصل إلى 579 سدا، تم إنشاؤها لأغراض إمدادات المياه والري وتوليد الطاقة المائية والتحكم في المياه، ومعظم هذه السدود شيّدت من أنواع السدود الترابية.
وأقامت تركيا ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول (الكاب) (GAP) على نهري الفرات ودجلة 22 سداً، منها 14 سداً على نهر الفرات وأكبرها سد أتاتورك، و8 سدود على نهر دجلة وأضخمها سد إليسو.
وكان رقية قد أشار، في مقالته، إلى أن تركيا تعتبر من أكثر الدول تعرضاً للزلازل في العالم، وأن السدود التركية الأناضولية تقع في مناطق نشاط زلزالي مخيف، إضافة إلى ذلك، فإن تكوين عدد كبير من البحيرات الاصطناعية خلف السدود سيولد نشاطاً زلزالياً إضافياً بسبب تحميل القشرة الأرضية فوق طاقتها، وهذا يفعّل نقاط الضعف والتصدعات في فوالق المنطقة، خصوصًا فالق الأناضول، الأمر الذي سوف يتسبب بحسب رقية - في حدوث زلازل قوية ذات تأثير إقليمي.
وحذر رقية، من أنه إذا انهار سد تركي أو أكثر من السدود العملاقة، فإن من شأن ذلك إحداث دمار في مناطق شرق سوريا وغرب العراق، وأن "الجدار المائي الطوفاني"، كما يسميه الخبراء، سيصل إلى الخليج العربي جارفا معه مدنا وقرى كاملة.
وضرب زلزال مدمر بقوة 7.7 على مقياس ريختر جنوبي تركيا وشمالي سوريا فجر الإثنين الماضي، فيما وصلت ارتدادات الزلزال إلى دول أخرى في المنطقة، وشعر بها السكان في لبنان والعراق ومصر.
يمكن قراءة مقالة الدكتور محمد رقية "السدود التركية على دجلة والفرات والأخطار المحدقة" كاملة في موقع "شام أوبوزرفر"