باريس: أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين أنه سيصوت في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 7 مايو لمرشح الوسط ايمانويل ماكرون معتبرًا أن مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن تشكل "مجازفة" بالنسبة لمستقبل البلاد.
وقال الرئيس الاشتراكي غداة الدورة الاولى من الاقتراع الاحد "إن حضور اليمين المتطرف يعرض بلدنا مجددا للخطر (..) وازاء هذه المجازفة، لا بد من التعبئة ومن الوضوح في الخيار. من جانبي ساصوت لايمانويل ماكرون".
وحل مرشح الوسط اولا في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية الاحد جامعا 24،01٪ من الأصوات في حين نالت مرشحة اليمين المتطرف 21.30٪، وفقا للنتائج النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية الاثنين.
وحل المرشح المحافظ فرنسوا فيون ثالثا مع 20.01% من الأصوات، متقدما على اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون 19.58٪، وفقا للأرقام التي تتضمن تصويت الفرنسيين في الخارج.
ارتياح أوروبي
وتنفست بروكسل الصعداء الاثنين بعد تأهل ماكرون للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية رغم أن الاقتراع أظهر مرة جديدة تحديًا قويًا حيال الاتحاد الاوروبي.
وتأهلت مارين لوبن الأحد الى الدورة الثانية مع 7,6 ملايين صوت (21,53%) وراء ماكرون (23,75٪)
وتقول كاثرين فيشي، الخبيرة في شؤون الحركات الشعبوية في أوروبا ومديرة مركز أبحاث "كاونتربوينت" ومقره لندن، إنه مع النسبة المرتفعة التي نالها مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون (19,64٪)، فان حجم التحدي للاتحاد الأوروبي يفوق اليوم أكثر من 40%.
وتعكس مسارعة القادة الاوروبيين مساء الأحد الى ارسال تهانيهم لماكرون قلقهم إزاء صعود الحركات الشعبوية التي سادت بعد البريكست وانتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة.
وخرج رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، عن التحفظ المعتاد في حالات مماثلة متمنيا مساء الاحد للمرشح الوسطي "حظا سعيدا في المستقبل". وأوضح الاثنين المتحدث باسم المفوضية، مرغاريتيس شيناس في بروكسل ان لوبن هدفها "تدمير أوروبا".
من جهته، أكد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، بيار موسكوفيسي الفرنسي الاشتراكي، ان "بروكسل شعرت بالقلق، لكنها تنفست الصعداء"، ولكن "لا يجب ادعاء الفوز لان الجولة الثانية لم تنته". ودعا إلى التصويت لصالح ماكرون.
وقال "يجب علينا محاربة كل خدع الجبهة الوطنية مثل الفريكست (خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي على غرار البريكست) والخروج من منطقة اليورو"، مشددا على انه كان "مخيفا جدا ان يقترع 7,6 ملايين فرنسي ضد الاتحاد الاوروبي".
"دليل على استياء"
بدوره، قال رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني "يجب علينا ألا نقلل من اهمية التصويت للوبن لأنه دليل على الاستياء الواضح ليس فقط في فرنسا انما في العديد من البلدان الأوروبية" الاخرى.
وفي النمسا، احتفل حزب الحرية اليميني المتطرف ب"نجاح آخر" ل "الربيع الوطني في أوروبا".
وقال رئيسه هاينز كريستيان شتراخه إن "الاحزاب القديمة للمؤسسة الحاكمة وممثليهم فقدوا مصداقيتهم وسيختفون تدريجيا حتى يصبحوا دون مغزى في أوروبا".
وبعد فوز انصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو 2016 ومعركة الرئاسة النمساوية التي كسبها في نهاية المطاف مرشح احزاب البيئة بمواجهة مرشح حزب الحرية في ديسمبر، كان المناهضون لاوروبا يأملون في تحقيق فوز بعد آخر العام 2017 الذي تميز بالانتخابات في هولندا وفرنسا وألمانيا (سبتمبر).
ولكن على غرار ما حدث مع لوبن الأحد، حل زعيم اليمين المتطرف غيرت فيلدرز وحزبه من أجل الحرية في المرتبة الثانية في الانتخابات البرلمانية الهولندية منتصف مارس.
وتضيف فيشي ان غيلدرز "جمع نصف مليون صوت أكثر (من عام 2012) مع ان معدلات البطالة متدنية وحيث الامور تسير على ما يرام في هولندا". وتابعت "حتى عندما يكون هناك انتعاش اقتصادي في أوروبا، كما هو الحال في الوقت الراهن، يبدو أن ذلك لا يؤثر في خيبة امل وتعبئة الناخبين الشعبويين".
ودعت الى "سياسة تقترب اكثر من الناس عبر معالجة مشكلاتهم اليومية، مثل مسألة الخدمات العامة أو كيفية جعلهم يشعرون باهميتهم اجتماعيا، والا فإن هؤلاء الناخبين سيشعرون بانهم بعيدون على نحو متزايد".
لكن آخرين يرون نقطة تحول في الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي سيفوز فيها ماكرون بأكثر من 60٪ من الأصوات في الجولة الثانية في 7 مايو.
من جهته، يقول ستيفان كريوزكامب المحلل لدى دويتشه بنك "بعد الانتخابات في هولندا والنمسا بينما حزب البديل لالمانيا (شعبوي) يتراجع في استطلاعات الرأي، فان الجولة الأولى في فرنسا تعتبر مؤشرا على ان الشعبويين خسروا الكثير من مواقعهم عام 2017".
بدوره، يقول هولغر شميدينغ المحلل لدى "برنبرغ" إن أسوأ موجة من الغضب الشعبوي يمكن أن تنتهي قريبا في أوروبا".