باريس: يخوض مرشح الوسط المؤيد لاوروبا ايمانويل ماكرون الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 7 مايو امام مرشحة اليمين المتطرف المناهضة لاوروبا مارين لوبان، التي دعا ابرز باقي المرشحين الى "قطع الطريق امامها".
وقلبت الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية الاحد الخارطة السياسة لفرنسا. وهي المرة الاولى منذ 1958 التي يغيب فيها اليمين عن الدورة الثانية في فرنسا، والمرة الاولى التي لا يعبر فيها مرشحا الحزبين الكبيرين اللذين هيمنا على الانتخابات منذ نحو نصف قرن، الى الدورة الثانية الحاسمة، بعد ان اسقط الناخبون مرشح الحزب الجمهوري (يمين) فرنسوا فيون ومرشح الحزب الاشتراكي بنوا آمون.
وقال ماكرون الذي حصل على ما بين 23 و24 بالمئة من الاصوات في تصريح لوكالة فرانس برس "نطوي اليوم بوضوح صفحة من الحياة السياسية الفرنسية".
وأكد ماكرون امام مؤيديه انه سيحمل "صوت الامل" لفرنسا و"لاوروبا". وقال وسط هتافات مناصريه "باسمكم سأحمل... صوت الامل لبلادنا ولاوروبا"، مؤكدا انه يريد ان يكون "رئيس الوطنيين في مواجهة تهديد القوميين".
وتقدم على مرشحة اليمين المتطرف التي حصلت على ما بين 21,6 و23 بالمئة بحسب تقديرات ثلاثة معاهد استطلاع للرأي.
واضاف ماكرون الذي كان استقال في اغسطس 2016 من الحكومة، "عبر الفرنسيون عن الرغبة في التجديد. ان منطقنا هو منطق الجمع الذي سنواصله حتى الانتخابات التشريعية" في يونيو 2017.
واشادت لوبان بالنتائج "التاريخية" للدورة الاولى بعيد اعلان نتائجها الاولية.
واضافت "تم تجاوز المرحلة الاولى التي توصل الفرنسيين الى الاليزيه. هذه النتيجة تاريخية"، معتبرة ان الدورة الثانية المقررة في السابع من مايو ستدفع الفرنسيين الى الاختيار بين "العولمة المتوحشة" المجسدة بخصمها ماكرون، و"البديل الاكبر".
غير ان كافة الاستطلاعات تؤكد هزيمتها في الدورة الثانية المقررة في 7 مايو.
ودعا مجمل الفاعلين في الطبقة السياسية الفرنسية يسارا ويمينا الى "قطع الطريق" امام اليمين المتطرف.
واعتبر مرشح اليمين المهزوم فرنسوا فيون انه "ما من خيار سوى التصويت ضد اليمين المتطرف" الذي سيجلب كما قال "الانقسام" و"الفوضى".
وتشير التقديرات الى ان مرشح اليمين فيون ومرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون يتنافسان على المركز الثالث.
وخلف الاربعة بمسافة حل الاشتراكي بنوا آمون الذي نال ما بين 6,1 و7 بالمئة، ما شكل هزيمة مدوية للحزب الحاكم حاليا.
وصرح هذا الاخير ان النتيجة تشكل "عقابا تاريخيا" لحزبه. لكنه اضاف "اليسار لم يمت" داعيا الى "هزم الجبهة الوطنية باشد ما يمكن" والى التصويت لماكرون.
واتصل الرئيس الاشتراكي المنتهية ولايته فرنسوا هولاند بماكرون لتهنئته.
وتمنى المتحدث باسم المستشارة الالمانية انجيلا ميركل "حظا سعيدا" لماكرون، وقال في تغريدة على موقع "تويتر"، "من الجيد ان ايمانويل ماكرون حقق نجاحا مع موقفه من اجل اتحاد اوروبي قوي واقتصاد اشتراكي. حظا سعيدا في الاسبوعين المقبلين".
كما هنأ رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ماكرون بعد ان تصدر الدورة الاولى، واشاد يونكر في تغريدة بـ"النتيجة التي حققها" ماكرون في الدورة الاولى وتمنى له "التوفيق لاحقا" في الدورة الثانية.
وكان ماكرون استقال في اغسطس 2016 من منصب وزير الاقتصاد ليؤسس حركة "الى الامام" التي قدمت باعتبارها حركة "لا يمين ولا يسار". ويخوض ماكرون الدورة الثانية بحظوظ وافرة ليصبح اصغر رئيس جمهورية في تاريخ فرنسا.
واكد اول استطلاع اجرى بعد ظهور نتائج الدورة الاولى ان ماكرون سيفوز بفارق كبير على لوبان في الدورة الثانية.
وافاد معهد ايبسوس سوبرا ستيريا ان مرشح حركة "الى الامام" سيحصل على 62% من الاصوات في مقابل 38% لمرشحة حزب الجبهة الوطنية. بينما اورد معهد هاريس انتراكتيف ان الفارق سيكون اكبر مع 64% من الاصوات لماكرون و36% للوبان.
وبانتقالها الى الدورة الثانية تكرر مرشحة الجبهة الوطنية انجاز والدها جان ماري لوبان في 2002 الذي انتقل ايضا الى الدورة الثانية، لكنها لم تحل في الطليعة كما كانت تأمل. ومع ان استطلاعات الراي تستعبد فوزها فان انتقالها الى الدورة الثانية لم يشكل مفاجأة هذه المرة حيث توقعته كافة الاستطلاعات منذ 2013.
مشاركة مكثفة
وناهزت نسبة المشاركة الاحد 70 بالمئة ما شكل احد افضل نسب المشاركة منذ 40 عاما، بحسب وزارة الداخلية الفرنسية.
وشكل مستوى التعبئة بين الناخبين البالغ عددهم 47 مليونا، عنصرا أساسيا في هذه الانتخابات، في وقت كان ربعهم لا يزال مترددا في حسم خياره حتى الايام الاخيرة.
وبعد ثلاثة أيام من الاعتداء على جادة الشانزيليزيه الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية وأدى إلى مقتل شرطي، تم نشر خمسين ألف شرطي وسبعة آلاف عسكري في جميع أنحاء البلاد لضمان حسن سير عمليات الاقتراع.
وتعيش فرنسا التي شهدت منذ مطلع 2015 سلسلة اعتداءات نفذها جهاديون أوقعت 239 قتيلا، تحت تهديد الإرهاب. وهي أول انتخابات رئاسية تجري في ظل حالة الطوارئ التي فرضت بعد اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في باريس.
ولم يترشح لهذه الانتخابات الرئيس المنتهية ولايته فرنسوا هولاند الذي يعاني من تدن كبير في الشعبية اثر حصيلة كانت موضع انتقاد حتى داخل معسكره خصوصا في مستوى التصدي للبطالة.
وكانت الحملة الانتخابية حافلة بالمفاجآت والتقلبات في المواقف، فشهدت سقوط المرشحين الرئيسيين الذين كانوا يشغلون الساحة السياسية منذ عقد، الواحد تلو الآخر، ومن ابرزهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي خرج من السباق منذ الانتخابات التمهيدية لليمين وكذلك رئيسا الوزراء آلان جوبيه والاشتراكي مانويل فالس.
وغطت قضايا الفساد لاشهر على النقاش المعمق للقضايا الاساسية، خصوصا منها قضايا فرنسوا فيون مرشح اليمين الذي لم يتأهل للدورة الثانية. وتراجع هذا الاخير في استطلاعات الرأي بعد الكشف في كانون الثاني/يناير 2017 عن قضية وظائف وهمية استفاد منها اثنان من ابنائه وزوجته.
مع اوروبا او ضدها
وكسب ماكرون (39 عاما) الذي يشارك للمرة الاولى في انتخابات، رهانه.
وقام وهو الذي لم يكن يعرفه الفرنسيون حتى قبل ثلاث سنوات، بحملة دافع فيها عن اوروبا وبرنامج ليبرالي سواء في مجال الاقتصاد او قضايا المجتمع.
وبنى هذا المستشار السابق لفرنسوا هولاند ووزير الاقتصاد السابق (2014-2016) شعبية حركته "الى الامام" على الرغبة في التغيير التي عبر عنها الفرنسيون.
وبدا ان مارين لوبان استفادت من الموجة الشعبوية التي اوصلت ترامب الى الرئاسة في الولايات المتحدة ودفعت بالمملكة المتحدة الى خارج الاتحاد الاوروبي.
وتصف هذه المحامية نفسها بأنها "وطنية" قبل أي شيء، وترغب في سحب بلادها من اليورو ومن نظام التنقل الحر في فضاء شنغن الأوروبي. وهي عرضة لتحقيق في شبهات وظائف وهمية لمتعاونين تابعين لحزبها في البرلمان الاوروبي.
اوروبيا ابدى وزير الخارجية الالماني سيغمار غابريال الاحد سروره بفوز ماكرون وقال انه "واثق" من فوزه برئاسة فرنسا.
وقال الوزير الالماني في رسالة فيديو بثها في تغريدة عبر تويتر من عمان حيث يقوم بزيارة "بالطبع انا مسرور (...) انا مسرور بأن يصبح ايمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي المقبل".
واضاف غابريال الاشتراكي الديموقراطي "انا واثق بانه سيكتسح في الدورة الثانية (في السابع من ايار/مايو) اليمين المتطرف والشعبوية اليمينية والمناهضين لاوروبا" في اشارة واضحة الى مرشحة اليمين لوبان.
برنامج ماكرون
تتركز النقاط الاساسية في برنامج ماكرون على تخفيض أعباء الشركات وتثبيت اوروبا وتجديد الحياة العامة، وهذه أبرز نقاطه:
الميزانية والضرائب
- إلغاء 120 الف وظيفة رسمية
- تخفيض بقيمة 60 مليار يورو للنفقات العامة في خمس سنوات
- تخفيض الاعباء على الرواتب
- تخفيض الضرائب للشركات
- تحويل الضريبة على الثروة الى "ضريبة على الثروة العقارية" (استثناء الثروة المالية)
اوروبا
- توحيد الميزانية والبرلمان ووزير المالية في منطقة اليورو
- انشاء قوة حرس حدود اوروبية تعد 5000 عنصر
- حصر الدخول الى الاسواق العامة الاوروبية للشركات التي تحصل على نصف انتاجها على الاقل في اوروبا
العمل
- نظام شامل لضمان البطالة تموله الضرائب
- اعتماد نظام المكافأة/التغريم ازاء الشركات التي تستغل العقود القصيرة
- تعليق دفعات مساعدات البطالة بعد رفض اكثر من عرضي عمل "محترمين"
الحماية الاجتماعية
- نظام تقاعد شامل "يعتمد قواعد حساب مشتركة"
- زيادة 100 يورو على قيمة مخصصات البالغين المعوقين والحد الادنى لمخصصات الشيخوخة
- التكفل بـ100% من نفقات نظارات النظر وادوات الاعانة السمعية وطواقم الاسنان مع حلول 2022
البيئة
- تخفيض 50% لحصة الطاقة النووية من انتاج الطاقة بحلول 2025
- مكافأة 1000 يورو عند شراء الية اقل تلويثا
- توفير نسبة 50% من الاغذية العضوية في مطاعم المدارس او الشركات بحلول 2022
الحياة العامة
- منع النواب من توظيف افراد العائلة
- تخفيض عدد النواب الى ثلثيه
- منع تجاوز ثلاث ولايات نيابية متتالية
التربية، الثقافة، العائلة
- استقلالية المؤسسات المدرسية والجامعية في التوظيف
- فتح 4000 الى 5000 منصب تدريس
- منع استخدام الهواتف المحمولة في المدرسة في القسمين الابتدائي والثانوي
- تدريس الشؤون الدينية في المدرسة
- بطاقة تخفيض ثقافي بقيمة 500 يورو لكل فرنسي في الـ18 من العمر
- اجازة التلقيح الاصطناعي للازواج المؤلفة من نساء او للنساء المنفردات
امن ودفاع
- فتح 10 الاف وظيفة شرطي ودركي
- زيادة 15 الف مكان في السجون
- ضمان تنفيذ كل عقوبة صادرة
- خدمة عسكرية الزامية لمدة شهر
الهجرة والتمييز
- مهلة لا تفوق ستة أشهر لدراسة طلبات اللجوء